الإدارة الأميركية تحقق في انتهاك إسرائيل اتفاقات سرية باستخدام قنابل عنقودية في لبنان

TT

تحقق الإدارة الأميركية فيما إذا كان استخدام إسرائيل للقنابل العنقودية المصنوعة في الولايات المتحدة في جنوب لبنان، خرقا للاتفاقات السرية بين البلدين، والذي يقنن متى يمكن استخدام أسلحة من هذا النوع، حسبما قال مسؤولان اميركيان.

وبدأ التحقيق من قبل مكتب «السيطرة على العقود الدفاعية» هذا الأسبوع بعد تقارير عن استخدام إسرائيل لثلاثة أنواع من القنابل العنقودية الأميركية وأسلحة مضادة للأفراد تنشر قنابل صغيرة على مساحة واسعة، وتم العثور عليها في جنوب لبنان، وهي المسؤولة عن الخسائر البشرية.

وقال غونزالو غاليغوس، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية «نحن سمعنا بإشاعات تقول إن أسلحة من هذا النوع استخدمت ونحن نسعى للحصول على معلومات أكثر»، لكنه تجنب تقديم أي تعليق آخر.

لكن العديد من المسؤولين الحاليين والسابقين، يتشككون في أن هذا التحقيق سيؤول إلى فرض حظر على إسرائيل، وهم يعتقدون ان التحقيق هو للتخفيف من النقد الذي وجهته الحكومات العربية والمعلقون السياسيون حول دعم الإدارة الأميركية لعمليات إسرائيل العسكرية خلال الحرب. ولم يتم الإعلان عن بدء التحقيق رسميا؛ لكن وزارة الخارجية الأميركية أكدته في رد على بعض الأسئلة.

إضافة إلى هذا التحقيق، فإن وزارة الخارجية الأميركية أوقفت إرسال شحنة من صواريخ الدروع أم026 مع قنابل عنقودية سعت إسرائيل للحصول عليها خلال النزاع، حسبما قال المسؤولون.

ومن المتوقع أن يركز التحقيق على ما إذا كانت إسرائيل قد ابلغت الولايات المتحدة حول استخدامها لهذه الأسلحة، وفيما إذا كانت الأهداف هي عسكرية فقط. وحتى الآن فإن وزارة الخارجية الاميركية تعتمد على تقارير من الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية في جنوب لبنان، حسبما قال المسؤولون. والاتفاقيات التي تتحكم في طريقة استخدام إسرائيل للقنابل العنقودية، تعود إلى السبعينات من القرن الماضي، حينما تم إرسال أول شحنة من هذه الأسلحة، لكن التفاصيل لم يتم تأكيدها علنا. وكانت أول اتفاقية تم التوقيع عليها عام 1976 ثم تم تأكيدها ثانية عام 1978 بعد شن إسرائيل غارة داخل لبنان. وحسب شهادات جديدة قدمت خلال السنوات الأخيرة، فإن الاتفاقيات تنص على استخدام هذه الأسلحة فقط ضد الجيوش العربية المنظمة، وحددت بوضوح الأهداف تحت أوضاع مماثلة للحربين العربية ـ الإسرائيلية اللتين وقعتا عامي 1967 و1973.

وكان تحقيق أجراه الكونغرس قد كشف عن استخدام إسرائيل أثناء غزوها للبنان عام 1982 أسلحة ضد مناطق مدنية خرقا للاتفاقيات. وردا على ذلك، فرضت إدارة ريغان حظرا لمدة ستة أعوام على أي مبيعات أخرى للأسلحة العنقودية الموجهة لإسرائيل.

واعترف المسؤولون الإسرائيليون بعد فترة قصيرة على هجومهم على لبنان الشهر الماضي، أنهم استخدموا قنابل عنقودية ضد مواقع الصواريخ وأهداف عسكرية. وبينما تختبئ مواقع «حزب الله» في المناطق المدنية قال المسؤولون الإسرائيليون إن نيتهم كانت لاستخدام القنابل العنقودية في مناطق مفتوحة.

ويقول مسؤولون اميركيون، انه لم يتضح بعد ما اذا كانت الاسلحة قد استخدمت ضد مناطق مدنية، وما اذا كانت الولايات المتحدة هي التي زودت بها اسرائيل. إلا ان اسرائيل تنتج ايضا اسلحة تستخدم الذخيرة العنقودية. وورد في تقرير صادر عن مركز يعني بالتنسيق لإزالة الألغام الارضية تابع للامم المتحدة يعمل أفراد تابعون له في البحث عن الذخائر التي لم تنفجر في لبنان، انه جرى العثور على قذائف صغيرة لم تنفجر، بما في ذلك المئات من الأنواع الاميركية، في 249 موقعا جنوب نهر الليطاني. وورد في التقرير ان الذخائر الاميركية التي عثر عليها تتضمن 559 «ام-42»، وهي نوع من القنابل الصغيرة المضادة للأفراد تستخدم في قذائف المدفعية عيار 105 مليمتر، بالإضافة الى 663 «ام-77»، وهي قنابل صغيرة تطلق داخل صواريخ «ام-26»، فضلا عن 5 «بي ال يو -63»، وهو نوع من القنابل الصغيرة يوجد داخل قنبلة «سي بي يو-26» العنقودية، كما عثر ايضا على 608 من ذخائر «ام-85» الاسرائيلية الصنع التي.

ربما تكون الذخائر التي لم تنفجر وعثر في لبنان على جزء فقط من القذائف التي اطلقت. وتحمل الذخائر العنقودية عشرات وربما مئات من الذخائر الأصغر حجما المصممة كي تنفجر عندما تسقط على منطقة واسعة. ومعروف عن هذا النوع من الذخائر أنه فعال ضد الوحدات القاذفة للقنابل أو القوات الارضية. وقال مسؤولون إنه من غير المرجح ان تدان اسرائيل بخرق «قانون السيطرة على صادرات السلاح»، الذي تطالب بموجبه الحكومات الأجنبية بتلقي اسلحة اميركية لاستخدامها في حق الدفاع عن النفس المشروع. وفي هذا السياق قال المسؤولون إنه من الصعب إثبات ان حملة اسرائيل ضد «حزب الله» لم تكن للدفاع عن النفس، خصوصا في ظل التأييد العلني للرئيس بوش لرد إسرائيل عقب هجوم «حزب الله» عبر الحدود.

وحتى في حال إثبات انتهاك اسرائيل للاتفاقية ذات الصلة بالقنابل العنقودية، فإنه ليس من الواضح بعد الخطوات التي من المحتمل ان تتخذها الولايات المتحدة بهذا الشأن. تجدر الاشارة الى ان شحنات القذائف العنقودية الى اسرائيل كانت قد علقت عام 1982 لمدة شهر عقب غزو اسرائيل للبنان، بعد ان توصلت إدارة الرئيس ريغان الى ان اسرائيل «ربما» تكون قد استخدمت قنابل عنقودية في قصف مناطق مدنية. إلا ان قرار تعليق شحنات القنابل العنقودية الى اسرائيل قد اتخذ تحت ضغوط من الكونغرس، الذي أجرى تحقيقا طويلا بشأن هذه المسألة. وأكدت كل من الولايات المتحدة وإسرائيل مجددا القيود على استخدام الذخيرة العنقودية عام 1988.

وفي وقت لاحق رفعت إدارة ريغان التعليق الذي فرض على شحنات الذخائر العنقودية الى إسرائيل. وقد اكد الجيش الاسرائيلي امس في بيان ان اسلحته وذخائره مطابقة للمعايير الدولية، وانه يستخدمها «بما يتفق مع القواعد الدولية».

واورد البيان الذي نشر الجمعة ان «كل الاسلحة والذخائر التي يستخدمها الجيش الاسرائيلي مطابقة للقانون الدولي، واستخدامها يتفق مع القواعد الدولية».

*خدمة «نيويورك تايمز»