أمين عام المؤتمر الإسلامي إحسان أوغلي لـ«الشرق الأوسط»: قوات من الدول الإسلامية ستشارك في «اليونيفيل» وإسرائيل ارتكبت إرهابا دوليا وتستحق المحاسبة

TT

قال الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي اكمل الدين إحسان أوغلي لـ«الشرق الأوسط» إن الدول الاسلامية سترسل قوات للمشاركة في اليونيفيل بالقدر الذي تحتاجه الحكومة اللبنانية. كما قال إن المنظمة بصدد تفعيل إدانة إسرائيل لانتهاكاتها حقوق الإنسان وارتكابها المجازر. وعلى صعيد الإرهاب قال إن القضاء على الإرهابيين لا يعني القضاء على أسباب الإرهاب. وثمن مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير المناهج التربوية في السعوديةـ معتبرا أن التعليم أساسي للقضاء على التطرف والانفتاح باتجاه العالم. كلام إحسان أوغلي جاء على هامش زيارته الى لبنان، حيث قابل الرئيسين إميل لحود ونبيه بري وعدداً من الوزراء والمسؤولين. وفي ما يلي نص الحوار معه:

> قلتم إن مشاركة الدول الإسلامية في قوات اليونيفيل قيد المعالجة. كيف تتولون هذه المعالجة؟

ـ إرسال القوات العسكرية في الدول الإسلامية يخضع الى العملية الدستورية الخاصة بكل دولة لإصدار قرار سياسي، كما حصل مع تركيا التي وافقت على إرسال مجموعة من جنودها الى لبنان. وتطبيق هذه القرار يحتاج الى موافقة البرلمان. وبالتالي الموافقة المبدئية من الدول الإسلامية موجودة وسبقت أي طرف آخر، لكن ثمة خطوات لا بد من اتباعها. كذلك لم تكن قواعد المشاركة في قوات اليونيفيل واضحة قبل صدور القرار 1701. وضوح هذه القواعد أخذ وقتا ولم يعد هناك حاجز يعرقل الامور.

> هل ستكون المشاركة رمزية أم فعلية؟

ـ الدول الإسلامية سترسل قوات بالقدر الذي تحتاجه الحكومة اللبنانية ومن خلال التعاون الوثيق معها.

> زرتم الضاحية الجنوبية لبيروت. ما هو الانطباع الذي خلفته هذه الزيارة؟

ـ ما حدث في لبنان يصنف إرهابا دوليا، لا شك فيه. تدمير كل هذه المباني والقضاء على الحياة الأسرية للعائلات في منازلها بحجة أنها مأوى لعناصر عسكرية جريمة لا يمكن تبريرها. ونحن عملنا على اصدار قرار هام عن مجلس حقوق الإنسان في جنيف في 11 أغسطس (آب) الحالي. وهذا القرار يدين صراحة الاعتداء على لبنان ويطلب الى الأمم المتحدة إرسال بعثة لتقصي الحقائق للنظر في الانتهاكات التي تمت ضد حقوق الإنسان في لبنان واتفاقات جنيف الخاصة بالحرب. > الى أي مدى يمكن تفعيل هذا القرار؟ ـ العامل الدولي له امكاناته وحدوده. ونحن نسعى للوصول الى أقصى حد يمكننا أن نبلغه من خلال هذا العامل. كما نسعى لإطلاع الرأي العام العالمي على الانتهاكات التي ترتكبها اسرائيل والخروقات التي لا تزال تقوم بها. ونسعى الى اصدار قرارات دولية تستفيد من هذا العامل. ولكننا نعرف أن هناك بعض العقبات التي لا نستطيع تجاوزها، إلا أن ذلك لا يمنع اننا نستطيع ان نسلط الاهتمام على القضية ليتحمل المسؤولية كل من يمنع تحقيق العدل. والقرار الصادر عن مجلس حقوق الإنسان هو أول قرار يتعرض الى همجية دولة ويطالب بمحاسبتها.

> هل حفزتكم الحرب على لبنان للتحرك في الميدان الدولي؟

ـ منذ أن توليت مسؤولية الأمانة العامة لمنظمة «المؤتمر الإسلامي» وأنا أتعامل مع كل القضايا بهذه الروحية. مسؤولية المؤتمر الإسلامي هي أخلاقية وسياسية حيال الدول الأعضاء. لذا نعمل لمساعدتها على ايجاد الحلول لقضاياها وعلى كل المستويات، سياسية كانت أم اجتماعية أم إنسانية أم اقتصادية. ...وعلى صعيد لبنان حرصنا ومنذ الأيام الأولى للعدوان على التنسيق مع المنظمات الأهلية لتقديم المساعدات الضرورية الى اللبنانيين. وسنتابع بالتعاون مع منظمات إسلامية الاهتمام بالقرى المهدمة ومساعدة أهلها على العودة.

أما في العراق وفلسطين فعملنا يتجاوز الحالات الإنسانية الى المشاركة بصورة فعالة في إرساء السلم الأهلي والتفاهم بين أطراف النزاع، كما هي الحال في العراق حيث بدأ يتبلور دور المنظمة في عملية المصالحة من خلال مشروع هام نعمل لتنفيذه مع الحكومة العراقية. وفي فلسطين عملنا في الفترة الأخيرة لتحقيق نوع من تخفيف اللهجة وتلطيفها بين الفصائل وتهدئة الجو بين «فتح» و«حماس».

> هل تعتبر أن معظم مشاكل الدول الإسلامية تنبع من التخلف والإرهاب؟ ـ ترتبط الظاهرتان ببعضهما البعض. وإذا أردنا أن نبحث عن المسبب للآخر بينهما نغرق في دوامة. ولكن عندما ننظر الى تاريخ الإرهاب والحركات الهدامة التي تنتج عنه نجد أنها تنبع من مصدرين؛ الأول آيديولوجي، والثاني اجتماعي. ونحن في قمة مكة المكرمة التي أردناها نظرة جديدة لمواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين وبمبادرة من الملك عبد الله، وضعنا خطة عشرية لتطوير العالم الإسلامي والخروج من هذه الدوامة. وبالطبع يستدعي الأمر مشاريع تنموية واقتصادية وثقافية لا يمكن تنفيذها بين ليلة وضحاها. لا يمكن الخروج والقضاء على التطرف إلا إذا أخذنا بالاعتبار عملية كاملة. ونحن في هذا الإطار نتعامل مع الحكومات ونحاول تحديد مواطن الخلل لنعالجها معا.

> هل تتوقعون في ظل المعطيات الحالية معالجة موضوع الإرهاب تبرئة الدول الإسلامية من هذه التهمة؟

ـ لا يمكن ربط معالجة الإرهاب بدين أو حكومات. المسألة أكبر من ذلك وتستدعي تحليلا معمقا ونظرا ثاقبا ومعالجة ذات نفس طويل، تتضمن إجراءات متنوعة ولا تقتصر على الناحية الأمنية. القضاء على الإرهابيين لا يعني أبدا القضاء على الإرهاب وأسبابه.

> هل تجدون في مبادرة الملك عبد الله على صعيد المناهج التربوية بادرة تقود الى القضاء على الإرهاب وأسبابه؟

ـ الملك عبد الله رجل مخلص للأمة العربية والإسلامية ولا أقولها بدبلوماسية. هو مخلص ويرجو خيرا لبلاده وللأمة الإسلامية. ونجاح القمة الإسلامية الاستثنائية في مكة المكرمة كان نتيجة رؤية مخلصة من خادم الحرمين الشريفين، ونتيجة عمل دؤوب من وزارة الخارجية السعودية مع منظمة المؤتمر الإسلامي. والتعليم في إطار القضاء على أسباب الإرهاب أساسي لأنه يؤمن صون الذهنية وصياغتها بشكل سليم. ويعوّد الإنسان على الانفتاح في نظرته الى العالم الخارجي.