نيكولا سركوزي يمهد لانقلاب في سياسات فرنسا ويرى «حزب الله» حركة إرهابية

أقوى المرشحين لخلافة شيراك قال إن حق إسرائيل في المحافظة على أمنها أمر لا يمكن أن نساوم عليه

TT

في بادرة تؤشر الى احتمال حصول تغير في السياسة الفرنسية إزاء لبنان والقضية العربية ـ الإسرائيلية في ما لو انتخب رئيسا للجمهورية في مايو(أيار) القادم، أعلن نيكولا سركوزي، وزير الداخلية والمرشح الأكثر حظا لخوض الانتخابات الرئاسية مرشحا عن اليمين، أن «حزب الله» اللبناني يمكن أن يعتبر منظمة إرهابية.

وجاءت تصريحات سركوزي في إطار مقابلة تنشرها اليوم مجلة «لو فيغارو ماغازين» التي هي ملحق أسبوعي لصحيفة «لوفيغارو» اليمينية. ويملك الحصة الأكبر في الصحيفة سيرج داسو، المساهم الرئيسي في شركة «داسو» للصناعات الفضائية التي تصنع الطائرات المقاتلة «ميراج» و«رافال» ومجموعة الطائرات الخاصة «فالكون».وفي المقابلة المذكورة، سئل سركوزي عما إذا كان يعتبر «حزب الله حركة إرهابية فأجاب: «نعم. إن التصرف القاضي بإرسال صواريخ الى شمال إسرائيل من دون التساؤل على من ستقع هذه الصواريخ هو عملية إرهابية»، مضيفا أن «قبول التمويل من إيران التي نعرف ما يقول قادتها (حول بقاء إسرائيل) يعني الاصطفاف في معسكر الإرهابيين». وبحسب سركوزي الذي يرأس حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية (الرئاسي الحاكم) فإن «حق إسرائيل في المحافظة على أمنها أمر لا يمكن أن نساوم عليه. فإسرائيل بلد ديمقراطي ونعرف الظروف التي نشأ فيها (بعد المحرقة اليهودية) ولذا فالمحافظة على وجوده مسؤولية أساسية تقع على عاتق البلدان الحرة». غير أن سركوزي لا يصطف في المطلق الى جانب إسرائيل. فهو من جهة يؤكد على حقها في الدفاع عن نفسها. غير أنه في الوقت عينه يتساءل عما إذا كانت إسرائيل قد اختارت «الجواب المناسب»، في إشارة الى إمكانية أن تكون إسرائيل قد تجاوزت حدود الرد على عملية «حزب الله» بخطف اثنين من جنودها. وقال سركوزي: «إذا كنت صديقا لإسرائيل، فإنني أيضا صديق للبنان الذي يتعين أن يصبح حقيقة دولة ذات سيادة». وتمثل تصريحات سركوزي ابتعادا واضحا عن الخط السياسي الفرنسي إزاء لبنان وخصوصا إزاء «حزب الله»، فهذه المرة الأولى التي يعتبره فيها وزير فرنسي حركة إرهابية. فباريس لا تعتبر «حزب الله» منظمة إرهابية وهي عارضت باستمرار ان تسجل على اللائحة الأوروبية للمنظمات الإرهابية التي تضم على سبيل المثال حركة «حماس». وإذا كانت السلطات الفرنسية لا تفوت فرصة إلا وتدعو الى تنفيذ القرار 1559 الذي يدعو الى نزع سلاح الميليشيات وبسط سلطة الدولة اللبنانية على كل لبنان، إلا أن باريس حافظت على قناة للحوار مع «حزب الله».

وأمس، أكد الناطق باسم الخارجية الفرنسية أن موقف فرنسا الرسمي لم يتغير وهو أنها «لا تعتبر أن حزب الله منظمة إرهابية». ولم يعرف ما إذا كان وزراء الخارجية الأوروبية الذين سيلتقون في فنلندا في إطار ما يسمى «اجتماعات غيمنيش» سيبحثون حالة حزب الله.

وينتظر أن تكون لتصريحات سركوزي انعكاسات سياسية داخلية وتحديدا لدى الاستحقاق الانتخابي الرئاسي. ويذكر أن تصريحات مماثلة لرئيس الوزراء الاشتراكي السابق، ليونيل جوسبان، في جامعة بير زيت نهاية فبراير (شباط) عام 2000 التي وصف فيها عمليات «حزب الله» ضد الوجود العسكري الإسرائيلي في جنوب لبنان بأنها «عمليات إرهابية» أثارت موجة احتجاج في فرنسا وأبعدت الناخبين من أصل عربي عن الانتخاب لصالحه في الانتخابات الرئاسية عام 2002.

وسبق لسركوزي الذي لا يخفي صداقاته الإسرائيلية أن اعتبر حزب الله «معتديا» على إسرائيل والمتسبب في الحرب الأخيرة. وفي 16 يوليو (تموز)، قال سركوزي في مقابلة تلفزيونية، إن ثمة «معتديا وهو حزب الله الذي يتصرف بشكل غير مسؤول»، معتبرا أنه «يتعين على إسرائيل أن تدافع عن نفسها ولها الحق في ذلك». ولا يخفي سركوزي صداقاته الإسرائيلية. وكان لافتا أن وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني التي زارت باريس بداية الأسبوع حرصت على الالتقاء بوزير الداخلية الفرنسي، علما أن موقعها كوزيرة للخارجية لا يحتم عليها الاجتماع بسركوزي. ونظرت الأوساط السياسية الى اللقاء على أنه «لفتة» للمرشح الرئاسي. وبالإضافة لصداقاته الإسرائيلية، لا يخفي سركوزي إعجابه بالولايات المتحدة وبـ«النموذج» الأميركي. على صعيد آخر، شدد الناطق باسم الخارجية الفرنسية، جان باتيست ماتيي، على ضرورة رفع الحصار البحري والجوي الذي تضربه إسرائيل على لبنان «فورا»، واصفا إياه، مثلما قال الرئيس شيراك والوزير دوست بلازي، بأنه «تدبير عقابي جماعي». وقال ماتيي «ثمة تناق ض بين عقد مؤتمرات لمساعدة لبنان اقتصاديا وبين الإبقاء على الحصار الذي هو عائق جدي أمام إعادة انطلاق الحركة الاقتصادية» في لبنان.