أحمد فتفت لـ الشرق الاوسط: علينا اعتماد «النموذج السوري» في الجولان

وزير الداخلية اللبناني قال إن «حزب الله» لا يجوز له أن يمتلك سلاحا استراتيجيا

TT

دعا وزير الداخلية اللبناني احمد فتفت الى اعادة النظر في «نظرية الردع» التي اعتمدها «حزب الله» في حربه مع اسرائيل «لأن لبنان دفع ثمنا رهيبا لهذه النظرية»، مؤكدا انه لا يجوز ان يمتلك الحزب قرار استعمال أسلحة استراتيجية لأنها من مسؤولية الدولة وحدها». ودعا في المقابل الى اعتماد «النموذج السوري» في الجولان. وأكد فتفت في حوار لـ«الشرق الأوسط» ببيروت انه لن يكون هناك اي حضور دولي في مطار بيروت والمعابر الحدودية مع سورية. نافيا ان يكون يسعى لـ«تهميش» بعض قادة الأجهزة الأمنية لأنهم مدعومون سياسيا من «حزب الله»،ومشددا على ان اسرائيل «لم تنجح في إحداث شرخ بين المقاومة والشعب ولن تنجح في ذلك».

وهنا نص الحوار:

> الى أين يذهب الوضع اللبناني؟

ـ أعتقد اننا ذاهبون نحو التطبيق الكامل للقرار1701، وأعتقد أن كل الأطراف اصبحت مقتنعة بأن هذا القرار هو الحل الأمثل. المشكلة القائمة اليوم ان اسرائيلـ كعادتها ـ تستهين بالقرارات الدولية وتحاول تجاوزها، وابرز هذه التجاوزات هو عدم رفعها الحصار الذي تفرضه بحرا وجوا على لبنان وعدم توقفها عن الأعمال العدائية وتلكؤها في الانسحاب. لكن السؤال الأهم والأكبر هو: الى أين نحن ذاهبون على المدى الاستراتيجي؟ هناك الكثير من التغيير في المعطيات بين ما قبل وما بعد 12 يوليو (تموز) فبمجرد ان يقول (الأمين العام لـ«حزب الله») السيد حسن (نصرالله) انه لم يكن متوقعا حجم الرد الاسرائيلي، فهذا يعني ان الدراسات التي كان يستند اليها مبدأ الردع يجب ان يعاد النظر فيها، لان لبنان دفع ثمنا رهيبا لنظرية الردع. وفي الوقت نفسه لا يستطيع احد ان ينكر ان هناك انتصارا على المستوى العسكري. واسرائيل اعتبرت نفسها مهزومة بمجرد انها لم تستطع ان تحقق نصرا كاملا. والجديد هو أن الرأي العام الاسرائيلي أصبح يدرك انه لا يستطيع أن يبقى في منأى عن تأثيرات الحرب وان الحرب يمكن ان تطاله في اي لحظة بعدما كان في حصن منيع خلال 50 سنة، وكان يحسم كل المعارك بسرعة دون ان يتأثر الداخل، ففوجئ بأن الحرب وصلت الى بيوته وثكنه وكل مرافقه.

نحن، في العالم العربي، نهلل لأي انتصار مهما كان صغيرا، لأننا نعيش منذ عام 1948 حالة تدمير نفسي كبيرة (...). وهذا الإحساس بالإهانة وعدم العدالة يدفع الكثير من الناس في اتجاهات متطرفة، وأنا قبل 20 سنة كنت أفكر جزئيا هكذا، فقد تركت منزلي ومدرستي والتحقت بالمقاومة الفلسطينية، لأننا كنا نشعر بالقهر والذل، وكل جيل يطلع أشرس من سابقه.

> ما هي تأثيرات الضربة الإسرائيلية على الوضع الداخلي اللبناني؟

ـ إسرائيل راهنت على إحداث شرخ في لبنان بين المقاومة والشعب، لكن هذا لم يحدث ولن يحدث حتى لو لم يكن الشعب اللبناني موافقا على ما حدث، لن نحدث شرخا تستفيد منه إسرائيل. صمود الشعب اللبناني ووحدته كان جزءا من الانتصار بالإضافة الى صمود الحكومة ومواقفها.

> لكن هناك فرزا سياسيا واضحا؟

ـ هذا موضوع آخر. هذه سنة الحياة السياسية. ومثل أي بلد آخر لا بد ان يحدث الفرز السياسي، لكن في الأمور المفصلية يعود اللبنانيون الى الاتحاد.

> هناك الكثير من السياسيين الذين لاموا «حزب الله» خلال الحرب وبعدها. ـ ليس الناس.. السيد حسن قال ان الحزب اخطأ في التقدير، لم يعد اللوم تهمة. مقاتلو الحزب قاموا بعمل رائع وصمدوا صمودا مهما، بالإضافة الى الصمود الشعبي. لكن هذا الموضوع لم يعد من المحرمات، ويمكن ان يطرح بالوسائل السياسية والديمقراطية. والأسئلة يجب أن توجه مثال: الى اين نحن ذاهبون؟ ولماذا لم يؤخذ رأي الجميع في قرار الحرب؟ رئيس الحكومة فؤاد السنيورة التقى صبيحة 12 يوليو (تموز) بأحد مسؤولي الحزب وسأله عما حدث وعندما أجابه الاخير قال السنيورة: «اسرائيل ستجن»، فرد المسؤول قائلا: اسرائيل لن تفعل أي شيء. والكلام نفسه سمعته من النائب حسين الحاج حسن، اذ قال لي إن رد فعل إسرائيل سيكون محصورا.

يضاف الى ذلك ان السلاح الذي استخدمه «حزب الله» في المعركة جزء منه كان تكتيكيا، وهذا يمكن ان نقول انه يمكن ان يتخذ فيها قرارا وحده، كان يتمركز مقاتلوه على الحدود ويتصدون للإسرائيليين ويهزمونهم كما حدث. لكن استخدام سلاح استراتيجي لقصف عمق دولة أخرى هو كمن يدعو الدولة الأخرى الى قصف العمق اللبناني. هذا شيء لا يمكن ان يعطى لطرف واحد في الدولة، فمن حق الدولة ان تمتلك هذا القرار.

> ما هو البديل لـ«نظرية الردع» التي قلت انها سقطت؟

ـ هناك بدائل موجودة في المنطقة، لا أتحدث عن النموذج المصري أو الأردني، أي عبر اتفاقية سلام. فنحن لا يمكن ان نقوم باتفاقية سلام لسبب بسيط جدا – بالاضافة الى الأسباب الوطنية والعاطفية ـ وهو أن لدينا 500 ألف فلسطيني في لبنان ولا يمكننا القيام بأي شيء قبل حل موضوعهم، فنحن لا نستطيع استيعابهم. هناك البديل السوري، الوضع في الجولان يريح السوريين جدا. ومنذ 32 سنة لم تطلق رصاصة واحدة.

>... لكن هذا الخيار لم يعد الى السوريين شبرا من أرضهم؟

ـ لقد استعادوا بعض البيوت المهدمة التي لم يعيدوا اعمارها حتى الساعة في بلدة القنيطرة. اذا لم يعد لدينا اراض محتلة وكانت القوات الدولية على حدودنا نوقف حالة التقاتل مع اسرائيل، لا حالة الحرب، ونسعى الى ايجاد حل سياسي للقضية الفلسطينية.

> هناك كلام دولي عن ربط الحصار الاسرائيلي بالوضع عند الحدود مع سورية لجهة وقف امدادات السلاح؟

ـ الجيش اللبناني ابلغ الأمين العام للأمم المتحدة عبر قائد الجيش العماد ميشال سليمان حرفيا ان الحدود مع سورية water proof أي لا يمكن مرور المياه منها بدون رقابة. وإسرائيل لديها الامكانات الجوية والفضائية للتأكد من هذا الموضوع. غير ان هذا الموضوع يستطيع الجيش القيام به الآن، لا بعد شهرين. فلا يمكن ابقاء الجنود على ارتفاع 2000 متر خلال فصل الشتاء. الجيش يحتاج الى معدات لوجستية وتجهيز طائراته بأجهزة للرؤية الليلية ومعدات مراقبة تسمح بتقليل عدد الجنود عند الحدود، وإلا فان الحدود قد تعود معرضة للخرق. نحن لا نحتاج الى جنود دوليين عند الحدود. وقد ابلغنا الأمين العام للأمم المتحدة بذلك وهو كان مرتاحا لما قمنا به وقد اطلع على خرائط الانتشار.

> ماذا عن وضع المطار والمرفأ؟

ـ لم اسمع منذ سنوات عن اي خرق امني في مطار بيروت. لقد كان المطار مضبوطا من الناحية الأمنية لجهة الركاب. تنقصنا معدات لمراقبة محتوى الحاويات، علما ان الحاويات التي تصل الى مطار بيروت كلها تأتي من مطارات أوروبية وتكون خاضعة للمراقبة. أما على صعيد المرفأ فهناك اجراءات يجب ان تتخذ لأنه ـ مثل كل المرافئ في العالم ـ لا تخضع كل الحاويات للتفتيش، بل يتم اعتماد العينات العشوائية. لقد طلبنا أجهزة سكانر للمراقبة الشاملة. وفريق الأمم المتحدة كان مرتاحا للإجراءات التي اتخذناها.

> لقد أنشأتم لجنة عليا لمراقبة الحدود، هل ترمي الى الحد من صلاحيات اجهزة «غير موثوقة» في الأمن اللبناني؟

ـ لقد جرت عملية تشويه لهذه الخطوة. انتقاص لصلاحيات احد. ما نقوم به هو قراءة صحيحة للقرار1701 لأنه لا يطلب منا سوى تطبيق القوانين اللبنانية فهو يمنع دخول أي سلاح إلا للدولة اللبنانية. وهذه الأجهزة دورها تنفيذ هذه الأمور.

> ما هو دور هذه اللجنة إذاً؟

ـ التنسيق بين الأجهزة، المشكلة التي كنا نواجهها والتي استلزمت توجيه تنبيه من المنظمة الدولية للطيران (اياتا) هي انه في المطار الكثير من الأجهزة الأمنية، بينما في كل دول العالم هناك جهاز واحد.

>حكي أن المدير العام لجهاز الأمن العام اللواء وفيق جزيني ومدير جهاز امن المطار وفيق شقير يتعرضان للتهميش لأنهما مدعومان سياسيا من «حزب الله»؟

ـ هذا الكلام غير صحيح. قائد جهاز امن المطار هو من اقترح مساعده كمنسق للأجهزة الأمنية العاملة في المطار. وهذه اللجنة لا تأخذ أيا من صلاحيات قائد جهاز امن المطار. أما بالنسبة الى موضوع لجنة مراقبة الحدود فهي أنشئت لكي تكون على صلة مع البعثة التي أوفدها الأمين العام للأمم المتحدة ودورها استشاري.

> هل سيكون هناك حضور دولي في المطار والمعابر الحدودية الأخرى؟

ـ نحن لا نشعر بأن له لزوما. القرار1701 واضح لجهة أن القوى الأمنية اللبنانية هي التي تطلب الدعم الدولي بالمعدات أو الوجود، في المطار والمرفأ لا لزوم، أما عند المعابر الحدودية فنحتاج فقط الى المعدات، وضع الجيش تعيس جدا هناك ، الجنود ينامون على الأرض وفي آلياتهم.