باريس: طهران تريد ضمانات لمستقبل نظامها قبل قبول العرض الدولي النووي

سولانا يؤكد حدوث تقدم.. وفرنسا مرتاحة للإشارات الصادرة عن إيران

TT

اعربت باريس عن ارتياحها للاشارات التي ارسلتها ايران في ما يتعلق بالمفاوضات حول ملفها النووي، بينما أعلن خافيير سولانا، الممثل الاعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي، عن احراز تقدم في المفاوضات.

ورغم ذلك، قالت مصادر فرنسية رسمية إن مجموعة الترويكا الأوروبية التي تفاوض إيران بشأن ملفها النووي «لا تتوقع التوصل الى نتائج سريعة»، وإن لعبة شد الحبال بينها وبين المجموعة الدولية «دخلت مرحلة صعبة». وأعربت الخارجية الفرنسية عن «ارتياحها» للإشارات التي أرسلتها إيران والتي تظهر قبولها للحديث بشأن وقف تخصيب اليورانيوم والعمليات الحساسة بعدما كانت ترفض ذلك بشكل قطعي في الماضي.

وتبدو الصورة من باريس الضالعة بقوة في الملف النووي الإيراني «غامضة» بعض الشيء. ففيما تؤكد الخارجية الفرنسية أن المجموعة الدولية «لم تحدد لإيران مهلة معينة لمعرفة ما إذا كانت ستذهب الى طاولة المفاوضات» أم أن الملف سيذهب باتجاه التصعيد، إلا أنها بالمقابل تقول إنه لا يمكن أن «يترك الإيرانيون مستمرين في تنفيذ مشاريعهم (النووية) واجتياز محطات نووية جديدة من دون أن تتحرك المجموعة الدولية». ولذا فإنه بموازاة «المناقشات» الجارية بين سولانا وعلي لاريجاني، مسؤول الملف النووي الإيراني، والهادفة فقط الى «معرفة» إمكانية العودة الى «المفاوضات»، فإن مجموعة الست أي الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن والمانيا مستمرة في مناقشة «الإجراءات» أي العقوبات التي يمكن فرضها على إيران بموجب القرار 1696 وتفعيل المادة 41 من ميثاق الأمم المتحدة التي تتيح فرض العقوبات الاقتصادية لكنها لا تجيز الأعمال العسكرية.

وقالت مصادر فرنسية رفيعة المستوى لـ«الشرق الأوسط» إنها تعتبر أن تشدد إيران «تكتيكي» لأن المسؤولين الإيرانيين، وبعكس الكلام المعلن والخطب، يعرفون أنهم بحاجة الى التكنولوجيا النووية الغربية ولا يمكنهم التعويل على التكنولوجيا الروسية. غير أنهم يريدون أكثر من ذلك، ولذا فإنهم يرفعون عاليا سقف مطالبهم لأنهم الى جانب رغبتهم في الاستفادة من العرض الدولي بالتعاون في الميدان النووي المدني والاستفادة من التسهيلات الاقتصادية والمالية والاستثمارية المعروضة عليهم، فإن ما يهمهم هو «الضمانات لمستقبل النظام الإيراني الحالي». واضافت هذه المصادر: «الإيرانيون يريدون هذه الضمانات من واشنطن لكن هذه الأخيرة ليست مستعدة في الوقت الحاضر لتوفيرها لهم».

وترى باريس أن طهران «تعتبر أنه يمكن «استخدام» الأوروبيين، وتحديدا المقترح الأوروبي الداعي الى إقامة منتدى أمني وللحوار على غرار منظمة التعاون الأمني في أوروبا يضم دول الخليج بما فيها إيران والعراق والدول الخمس الدائمة العضوية. وتدفع إيران الدول الأوروبية الى الذهاب أبعد في تعريف وتحديد صيغة هذه الهيئة ومهماتها. وفضيلتها بالنسبة لطهران أنها تتيح «حوارا» مع واشنطن، وهو ما يبحثون عنه من أجل توفير الضمانات لمستقبل النظام. وتؤكد هذه المصادر أن واشنطن «لا تريد الذهاب بعيدا في الاستجابة لمطالب إيران، مما يعني أن مجمل مسار المناقشات وربما لاحقا التفاوض مع إيران سيأخذ الكثير من الوقت والجهد، خصوصا أن الإيرانيين، وفق المصادر الفرنسية «مفاوضون ماهرون ويعرفون الى أين يريدون الوصول».

وبعكس الأحكام الرائجة والقائلة إن الأوروبيين «يتراجعون أمام إيران ولا يتمسكون بمطالبهم»، تقول المصادر الفرنسية إن ذلك «جزء من لعبة التفاوض»، وأن الملف النووي الإيراني «لن يترك في المستقبل إطلاقا طاولة مجلس الأمن مما يعني تقييد حركة إيران». فضلا عن ذلك، تتمسك باريس بما تعتبره إنجازا رئيسيا وهو التوصل الى تفاهم لا بل أحيانا الى إجماع بين الأعضاء الكبار في مجلس الأمن بخصوص إيران وهو إنجاز «لا يجوز التفريط به رغم ما يتطلبه هذا التمسك من جهود سياسية ودبلوماسية متواصلة». من جانبه، اعلن سولانا امس الجمعة ان الايرانيين يظهرون مستوى من الالتزام في البحث عن حل للمسألة النووية «لم يسبق ان شهدناه في الماضي».

وقال سولانا للصحافيين في ختام اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الاوروبي في بروكسل «اعتقد انه يمكننا القول اننا نحرز تقدما».

واضاف «لم يسبق ان شهدنا في الماضي هذا المستوى من الالتزام» من جانب الايرانيين في البحث عن حل للأزمة القائمة بين إيران والدول الكبرى بسبب مواصلة طهران عمليات تخصيب اليورانيوم.

وقال انه «يأمل في عقد لقاء آخر مع لاريجاني في الايام المقبلة» بدون ان يكون في وسعه ان يحدد تاريخ ومكان هذا الاجتماع.

واكتفى بالقول «لا نريد ان نفقد الدفع الذي نشأ في فيينا»، حيث اجرى محادثات مع لاريجاني في عطلة نهاية الاسبوع الماضي.