«حماس» تنتقي بعناية العبارات الخاصة بالتغير لتخفيف العقوبات وطمأنة أنصارها

هل تغير موقف الحركة التي يدعو ميثاقها لتدمير إسرائيل؟

TT

القدس(المحتلة) ـ رويترز: اصبحت حركة المقاومة الاسلامية «حماس» الفلسطينية خبيرة في التلاعب بالالفاظ، منذ توليها السلطة في مارس )اذار( الماضي، لكن حاجتها للاعتناء بالصياغة هي الآن أكثر من أي وقت مضى، فيما يتعلق بتشكيل حكومة وحدة وطنية.

ويبرز صراع حماس لانتقاء الكلمات، المأزق الذي وقعت فيه الحركة في ظل محاولتها تلبية المطالب الدولية بالتغير، بهدف تخفيف العقوبات وطمأنة أنصارها، في الوقت ذاته، بأنها لا تزال ثابتة على موقفها.

والسؤال هو هل تغير بالفعل موقف الحركة، التي يدعو ميثاقها الى تدمير اسرائيل بعد موافقتها على تشكيل حكومة وحدة وطنية مع الرئيس محمود عباس، الذي يسعى لاقامة دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل.

أعرب المحلل السياسي الفلسطيني علي الجرباوي عن اعتقاده بان حماس تغيرت بالفعل لكنها لا تريد الاقرار بذلك. وأشار الى ان حقيقة أن حماس تريد حكومة وحدة وطنية تعني انها تندمج في النظام.

وكانت الرسالة التي نقلتها حماس الى عباس والدول الغربية، هي أنها صارت أكثر مرونة بعد أن قبلت بحذر الاتفاقات المؤقتة بين الفلسطينيين واسرائيل، وهو ما ينطوي على شكل من أشكال الاعتراف. لكن الرسالة التي وجهتها لانصارها، هي أنها لن تذعن للضغوط الغربية، لا سيما مطالبتها بالاعتراف باسرائيل بشكل واضح ونبذ العنف مقابل انهاء قطع المساعدات الذي أصاب السلطة الفلسطينية بالعجز.

وبالنسبة لحماس فان المشكلة كانت تتمثل في صياغة الفقرة التي تضمنها اتفاق مع عباس، والتي تنص على أن حماس تقبل الاتفاقات السابقة «بما يخدم مصالح الشعب الفلسطيني»، حتى يتسنى لها القول انها لا تقبل أي جزء من أي اتفاق ينطوي على اعتراف باسرائيل.

وتتفق حماس وعباس على معارضة الاحتلال الاسرائيلي، لكن عباس يتحدث عن الاراضي التي احتلتها اسرائيل عام 1967، فيما تعني حماس جميع الاراضي، بما في ذلك اسرائيل أيضا.

وقال صلاح البردويل، وهو مشرع من حماس لمحطة اذاعية مؤيدة لحماس، ان عباس طلب منهم بعض التصريحات السياسية بخصوص الاتفاقات حتى يستطيع التعامل بها مع العالم.

وأضاف أن حماس تعاملت بمرونة مع ذلك وخرجت بهذه الصياغة. وقال انه رغم أن بعض الناس قالوا ان حماس قدمت تنازلات، فان الحركة لم تتزحزح قيد أنملة عن مبادئها ومواقفها الدائمة.

يقول عباس انه على قناعة بأن حماس تغيرت. وقال وزير الخارجية الفرنسي، ان اتفاق حكومة الوحدة الوطنية ينطوي على اعتراف باسرائيل، مبرزا اراء أوروبية بأن الوقت حان لتخفيف العقوبات.

لكن خصمي حماس الأساسيين ـ اسرائيل والولايات المتحدة ـ تبدوان أكثر استعدادا لالزام حماس بالوفاء بكلمتها، فهما تصران على أن تمتثل حماس بوضوح لمطالب الغرب وأن تطلق سراح جندي أسير في غزة.

وقال المتحدث باسم الخارجية الاسرائيلية مارك ريجيف «اذا كان ما لدينا كلام مزدوج المعنى وتصريحات لا تفي بالشروط، فانني اعتقد انها مجرد وصفة لمزيد من الركود، الذي ليس في صالح الاسرائيليين أو الفلسطينيين».

ولا يوجد أي شك في أن حماس مرت بتحول كبير بقبولها المشاركة في انتخابات يناير (كانون الثاني) التشريعية، التي هزمت فيها حركة فتح التي يتزعهما عباس. واضطرت الحركة بعد ذلك الى مواجهة واقع السلطة بعد أن كانت احدى قوى المعارضة الدائمة.

ولم تعلن الحركة التي قادت الانتفاضة الفلسطينية مسؤوليتها عن هجوم انتحاري واحد على اسرائيل منذ أكثر من عامين، لكنها لم تدن الهجمات التي نفذتها فصائل أخرى. وبذل الجناح العسكري لحماس مجهودا أكثر من بعض الفصائل التابعة لفتح لاحترام هدنة بين الطرفين، قبل أن ينضم الى جماعتين أخريين في يونيو (حزيران) الماضي، لخطف جندي اسرائيلي في هجوم عبر الحدود. ولم يزد الهجوم الاسرائيلي الذي أعقب ذلك وحملة اعتقال عشرات من مسؤولي حماس قدرة الجماعة على الحكم الا صعوبة.

وهناك حتما البعض في حماس ممن يود العودة للايام الخوالي واستئناف الحرب بالكامل، لكن هذا صار أكثر صعوبة الان بعد أن وضعت الجماعة سمعتها السياسية على المحك بانضمامها للنظام.

وقال الجرباوي ان الامر يكمن في مدى سرعة التغير وانه اذا جرى التغير بسرعة أكبر مما ينبغي فهناك مجازفة بحدوث انقسامات واذا جرت ببطء فسيكون هناك حد للاضرار، مشيرا الى ان حماس تقوم بذلك ببطء.