تساؤلات في بغداد ووشنطن: هل فشل المالكي

مسؤولون أميركيون وعراقيون قالوا إن صبر العراقيين نفد

TT

بدأ مسؤولون عراقيون وأميركيون كبار بالتساؤل في ما إذا كان نوري كمال المالكي، رئيس الوزراء العراقي الحالي، يمتلك من القوة والحزم السياسيين ما يكفي كي يبقي العراق موحدا، مع وقوفه عند حافة حرب أهلية شاملة.

فبعد مضي أربعة أشهر على توليه منصبه، فشل المالكي في اتخاذ خطوات حازمة لإنهاء النزاع الطائفي، لأن ذلك سيخلق نفورا لدى الزعماء الأصوليين الشيعة داخل حكومته، ذات الطابع الفئوي، الذين يمتلكون أتباعا كثيرين وأسلحة خاصة، حسبما قال سياسيون عراقيون وغربيون كبار. كذلك تم تحجيمه في تنفيذ مساعيه الهادفة لجذب الناشطين السنة العرب، الذين لهم صلة بالتمرد.

كذلك فإن صبر العراقيين كاد ينفد. فالكثير منهم يشكون من أنهم لم يتلمسوا أي تحسن في الأمن والاقتصاد أو في الخدمات الأولية، مثل الكهرباء. وتبدو بعض المناطق العربية السنية، بشكل خاص أكثر حرمانا، وهذا ما يعمق من عدم الثقة بالحكومة، التي تقودها الأحزاب الشيعية الدينية.

وكان المالكي، الذي يعد شيعيا محافظا، قد تسلم الحكم في مايو (ايار) الماضي. وقال دبلوماسي أميركي رفيع، إن البيت الأبيض ما زال يثق به، وهذا يعود بالدرجة الأولى «لأنه طرح أهدافا بشكل مقنع لنا تخص العراق».

وظلت إدارة بوش تنبه مرارا الى أن المالكي بحاجة إلى وقت أطول. وقال دبلوماسي تحدث، شرط عدم الكشف عن اسمه، «هذه حكومة وحدة وطنية لكثير من الأطراف المتحركة. وهو بحاجة إلى التفاوض بشكل مستمر». لكن الدبلوماسيين الذين يتعاملون مع إدارة بوش حول مسائل تخص العراق والمسؤولين الذين غادروا العراق في الفترة الأخيرة يبقون على اتصال مع زملائهم في الحكومة، قالوا إن مساعدي الرئيس بوش الكبار متشائمون أكثر مما يعلن بكثير.

وقال مسؤول رفيع سابق، طلب عدم الكشف عن هويته، لأنه غير مسموح له بمناقشة الحوارات الداخلية «الشيء الذي تسمعه غالبا، هو أن المالكي لم يتخذ أي قرار. وهذا ما يزعج بوش كثيرا. فبوش لا يتقبل أي شخص يتحدث عن نيته بالقيام بمبادرات ما، ثم يرفض لاحقا اتخاذ الخطوة الأولى لتنفيذها».

وقال المسؤولون الأميركيون في بغداد إنهم لا ينوون ترك المالكي يفشل في مهمته، بل هم يساعدون بطرق مختلفة. على سبيل المثال، القيام بتعزيز ثقة العراقيين به، كما أنفق الجنرالات الأميركيون أموالا على إنشاء مشاريع إعادة بناء، مثل سحب النفايات أثناء مرور الجيش بمناطق مضطربة في بغداد.

وللسفارة الأميركية مستشارون يعملون عن قرب مع وزراء عراقيين ونشروا المئات من الأميركيين في سبع محافظات لمساعدة المسؤولين العراقيين لإنشاء القوة السياسية والاقتصادية للحكومة. وقال مبعوث رفيع إن أكبر المساعي تصب بالدرجة الأولى في الإصرار على أن يقوم القادة السياسيون العراقيون بحل خلافاتهم. لكن المسؤولين العراقيين والغربيين أصبحوا وبشكل متزايد يرددون أن حكومة الوحدة الوطنية هي بالاسم فقط، مع تنافر الأحزاب السياسية الممثلة لطوائف واثنيات مختلفة فيما بينها، وهذا ما يقوض قدرة المالكي على تحقيق الإجماع.

من جانب آخر، فإن كتلة الائتلاف الشيعي نفسها منقسمة على نفسها بعمق، وهذا ما يحرم رئيس الوزراء من دعم حاسم. لذلك فهو يعتمد على مقتدى الصدر رجل الدين الشيعي، الذي يقود ميليشيا قوية تعرف باسم «جيش المهدي»، للحصول على الدعم السياسي. وهذه الميليشيا متهمة بالكثير من أعمال القتل التي جرت ضد العرب السنة.

ولضمان استمرار العرب السنة، الذين يشكلون أقلية في المشاركة بالحكومة، يجد المالكي نفسه على استعداد للمساومة في قضايا مثل التعيينات الحكومية، التي تمنح لأحزاب سنية محافظة على اتصال من وقت إلى آخر بالمقاتلين القوميين.

* خدمة «نيويورك تايمز»