إعفاء قائدي الفرقتين الأولى والثانية للشرطة العراقية خطوة أولى لضبط تصرفاتها

الخطوة جاءت لمعالجة المخاوف الأميركية من تجاوزات القوات الخاصة

TT

استبعدت الحكومة العراقية قائدي شرطة رفيعين من موقعيهما أول من أمس، في أول إجراء مهم يتخذ ضد قيادة قوات الشرطة الخاصة في العراق. وقاد الضابطان الكبيران مغاوير الشرطة الخاصة ولواء النظام العام، وكلاهما تعرضا للانتقادات بسبب تغلغل عناصر من الميليشيا الشيعية بشكل مكثف. وجاء إبعادهما في وقت حاسم بالنسبة لرئيس الحكومة نوري المالكي الذي يتعرض حاليا لضغوط أميركية كبيرة كي يقوم بتطهير قوات الأمن من رجال الميليشيا وفرق الموت التي تعمل ضمنها.

وأصبح السياسيون العراقيون شيعة وسنة أكثر قلقا خلال الأسابيع الأخيرة بسبب تقلص الدعم الشعبي والبرلماني للحرب في الولايات المتحدة وما قد يترتب عليه من تحول كبير في السياسة الأميركية خصوصا إذا حقق الديمقراطيون في انتخابات نوفمبر النصفية أغلبية في الكونغرس.

وأصدر مسؤولون أميركيون كبار بمن فيهم كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية خلال زيارتها لبغداد الشهر الماضي تحذيرات شديدة لحكومة المالكي من تنامي فقدان الصبر الأميركي خصوصا مع فشل الحكومة في إيقاف جرائم فرق الموت التي تعمل بدعم وعلم وزارة الداخلية التي تشرف على الشرطة. وهذا ما جعل المالكي يتحدث مع الرئيس بوش هاتفيا سائلا إياه إن كانت هناك أي حقيقة في الإشاعات القائلة إن للأميركيين خططا لتبديله، حسبما كشف البيت الأبيض.

وحسبما ذكره توني سنو سكرتير بوش الصحافي فإن بوش أكد للمالكي صحة ما سمع «إذا لم يتم تحقق أشياء محددة خلال شهرين». وقال سنو إن بوش طمأن المالكي باستمرار الدعم الأميركي.

وجاءت إعادة هيكلة الشرطة العراقية بعد حل لواء شرطة بأكمله هذا الشهر على أساس الاشتباه بتورط بعض عناصره بالمشاركة في أعمال القتل التي تقوم بها فرق الموت، ويبدو أن ذلك الإجراء هو واحد من المحاولات الجادة الأولى التي تهدف إلى معالجة المخاوف الأميركية.

والضابطان هما اللواء رشيد فليح قائد الفرقة الاولى للشرطة الوطنية واللواء مهدي صبيح قائد الفرقة الثانية للشرطة وكلاهما شيعي وظلا في موقعيهما منذ الحكومة السابقة والتي تحتها بدأت الشرطة العراقية المتكونة بالدرجة الأولى من الشيعة بأعمال الإساءة. ويخشى سنة العراق أكثر ما يخشونه مغاوير الشرطة الذين أفلتوا من أي سيطرة بعد وصول أحزاب الائتلاف الشيعية إلى السلطة السنة الماضية.

والسؤال المركزي المطروح ضمن قوات الشرطة الخاصة هو من سيعوض الرجلين. قال الفريق عبد الكريم خلف المتحدث باسم وزارة الداخلية إن الشخص الذي سيحل محل الاثنين قد تم اختياره لكن لن يعلن اسمه لغرض حماية اسرته. وهو سيقود كلا الفرعين اللذين سيتحدان ليشكلا الشرطة الخاصة.

وكان جواد البولاني وزير الداخلية العراقي قد طرد أكثر من 3000 شخص يعملون في وزارته ومع تأييد المالكي فإنه لا يوجد أي مسؤول يمتلك الصيانة من الطرد. ولم يكن واضحا كم سيشمل التطهير الوظيفي.

وهناك مشكلة أخرى أمام المسؤولين الأميركيين تتمثل في رفض المالكي للسماح بفرض إجراءات مشددة ضد ميليشيا الصدر، المعروف باسم جيش المهدي والتابعة لمقتدى الصدر. وهي قضية ملتهبة بالنسبة للأميركيين الذين واجهوا انتفاضتين قامت بهما الميليشيات الشيعية في أبريل وأغسطس 2004. وكاد الصدر يواجه هزيمة ماحقة لولا تدخل آية الله علي السيستاني أقوى شخصية دينية شيعية في العراق حيث سمح للصدر بأن يبقي جزءا كبيرا من ميليشياته سليمة.

ومنذ ذلك الوقت راحت الميليشيات تتكاثر مع جزء منها تحول إلى الإجرام. ويؤكد القادة العسكريون الأميركيون أنه يجب في الأخير هزم جيش المهدي إذا كان العراق يريد تحقيق استقرار دائم. لكن الصدر يتحكم في جزء مهم من المقاعد في البرلمان، لذلك فإن حكومتي المالكي وسلفه إبراهيم الجعفري اعتمدتا على دعم الصدر السياسي وظل كلاهما يقاوم أي تعرض لميليشياته.

وأمام مقاومة الحكومة العراقية لاتخاذ إجراءات رادعة ضد جيش المهدي تحول الجيش الأميركي إلى حملة استنزاف ضد قوات الصدر. فهناك جملة من الغارات خلال الأشهر الأخيرة شبيهة بتلك التي نفذت في منطقة الشعلة يوم الثلاثاء الماضي. وقال الأميركيون إنهم هاجموا بعض الجماعات التي انشقت عن الصدر وأصبحت عصابات إجرامية مستقلة.

وبدأت تظهر أدلة جدية تكشف عن أن ميليشيا الصدر هي في مقدمة من شارك بعمليات القتل الطائفية لكن من الصعب تحديد الدرجة التي تورطت في هذه الأعمال القيادة التابعة للصدر. وبدأ بعض المساعدين الكبار للصدر بالاختفاء. وإذا كان المسؤولون يقولون عن أعمال قتل المدنيين في بلد جرت على يد شيعة محليين لكن مقاتلا من جيش المهدي يقيم في بغداد قال عبر الهاتف اول من أمس إن قوة تعزيز تابعة لجيش المهدي ذهبت بعد صلاة الجمعة من بغداد إلى بلد للمساعدة على أعمال القتل.

* خدمة «نيويورك تايمز»