بعد جدل ودعوات لطرده.. مفتي أستراليا يعتذر عن وصف غير المحجبات «باللحم المكشوف» وينفي تبرير الاغتصاب

الشيخ الهلالي لـ«الشرق الأوسط» أصبت بأزمة نفسية بعد «لي الأعناق» في تفسير تصريحاتي

TT

اثارت تصريحات لمفتي استراليا جدلا امس في البلاد بعد ان شبه النساء، اللواتي لا يرتدين الحجاب بـ«اللحم المكشوف»، قائلا انهن يجلبن على انفسهن التعرض لهجمات جنسية.

وجاءت تصريحات الامام الشيخ تاج الدين الهلالي، في خطبة خلال شهر رمضان امام 500 من المصلين، انتقد فيها النساء اللواتي «يتمايلن» ويضعن الماكياج ولا يرتدين الحجاب، حسب صحيفة استرالية، إلا أنه عاد فقدم اعتذاره عن أي إساءة قد تكون نتجت عن تعليقاته، حسبما أفاد به عدد من الصحف الاسترالية. واضاف «اذا اخذت لحما مكشوفا ووضعته في الشارع او في الحديقة او المتنزه او في الساحة الخلفية، من دون ان تغطيه، وجاءت القطط وأكلته فغلطة من هذه، غلطة القطط أم غلطة اللحم غير المغطى؟». وتابع «اللحم المكشوف هو المشكلة. لو كانت المرأة في غرفتها وفي بيتها ترتدي حجابها، فلم تكن لتحدث المشكلة».

الا ان الشيخ هلالي، قال في اتصال اجرته معه «الشرق الأوسط» في مقر اقامته بسيدني امس: «إنني أعتذر بدون تحفظ، لأي امرأة أساءت إليها كلماتي». ومضى قائلا: «لقد كنت أرمي فقط إلى حماية شرف المرأة، وهو ما غاب عما عرضته الصحف الاسترالية لكلامي». واوضح انها «زوبعة في فنجان»، قائلا «ان فرقة تكفيرية ضالة من الاحباش موجودة في استراليا، تحظى بدعم حكومي، تقود الحملة الاعلامية الشرسة ضدي». الجدير بالذكر ان الاحباش جماعة من الاسلاميين ظهروا في لبنان.

وقال «حتى لو خرجت المرأة الاسترالية الى الشارع او الشاطئ، ما جاز او حل لاي انسان ان يغتصبها»، مؤكدا ان المرأة في الاسلام يحرم النظر اليها، فكيف نبيح اغتصابها؟!». وافاد بأنه أصيب بأزمة نفسية حادة بسبب محاولة «لي الاعناق» في تفسير تصريحاته.

واشار الشيخ الهلالي الى ان محاضرته داخل المسجد كانت موجهة في ليالي رمضان الى بنات المسلمين. وكانت تدعو المسلمات الى العفة والاحتشام. وقال :«نحن لا نملك في هذا البلد ان نفرض على المرأة الاسترالية زيا خاصا، لاننا نعيش في مجتمع حر ديمقراطي».

وفي رد فعل على ذلك، صرح رئيس الوزراء الاسترالي جون هاوارد بأن تلك التصريحات «مروعة وتستحق التوبيخ». وقال «ان فكرة ان النساء يتحملن مسؤولية تعرضهن للاغتصاب مشينة». من جهتها دعت برو غوارد مفوضة مكافحة التفرقة بين الجنسين في الحكومة الاسترالية، الى إقالة الامام الهلالي وطرده من البلاد، التي يعتبر ارتداء النساء فيها ثيابا قصيرة ولباس البحر (البكيني) امرا عاديا. وقالت غوارد للتلفزيون الاسترالي، ان الهلالي ادلى في السابق بمثل هذه التصريحات ويجب طرده من البلاد. واضافت «هذا تحريض على ارتكاب جريمة. يستطيع الشباب المسلمون ممن يغتصبون النساء الاستشهاد بهذه التصريحات في المحكمة».

وقالت «اعتقد ان الوقت حان لوقف تقديم الاعتذارات، وحان الوقت للجالية الاسلامية ان تفعل اكثر من مجرد التعبير عن صدمتها، واعتقد ان الوقت قد حان لنطلب منه المغادرة».

ومن جهته قال قيصر طراد، المتحدث باسم الهلالي، في اتصال هاتفي اجرته معه «الشرق الأوسط»، ان «تصريحات مفتي استراليا اخذت خارج سياقها العام، فلم يكن المقصود منها الاشارة إلى الاغتصاب، بل إلى الخيانة الزوجية». واوضح طراد، ان تصريحات الهلالي تناقلتها الصحف الاسترالية بعد نحو شهر من القاء محاضرته في مسجد الامام علي ابن ابي طالب في سيدني. وشبه ما حدث من هجمة اعلامية على مفتي استراليا بالمثل الشعبي: «اذا وقع الجمل كثرت سكاكينه»، وتساءل هل من المعقول ان يدعو شيخ دين الناس الى التحرش الجنسي؟! وتوقع ردة فعل واعمال انتقامية ضد الجالية المسلمة في سيدني، مشيرا الى ان مواقع الصحف الاسترالية على الإنترنت ازدحمت بالردود والتعليقات على تصريحات مفتي استراليا. وقال طراد حتى هذه اللحظة هناك 344 ردا تنتقد الشيخ الهلالي، وهي بالطبع مرشحة للازدياد. واوضح طراد أن هذه التعليقات اكتسبت حساسية خاصة، لأن موجة من الاغتصابات اجتاحت سيدني قبل عدة سنوات، وادين شاب لبناني في بداية العشرينات من العمر بالسجن 55 عاما في جريمة اغتصاب. يذكر ان الشيخ الهلالي اتهم بتمجيد العمليات الانتحارية، ونسب اليه القول ان هجمات سبتمبر (أيلول) في الولايات المتحدة كانت «عقاب الله للظالمين». وسارعت الجماعات الاسلامية في استراليا الى النأي بنفسها عن تصريحات الهلالي. ووصف المجلس الاسلامي في نيو ساوث ويلز، الذي يوجد مقره في سيدني تصريحات الهلالي بأنها «غير اسلامية وغير استرالية وغير مقبولة».

واعرب وليد علي المتحدث باسم المجلس الاسلامي في فيكتوريا عن خشيته من تعرض المسلمين لاعمال انتقامية بسبب التصريحات، وقال «اتوقع تدفقا من رسائل الكراهية. واتوقع ان يتعرض الناس للاساءة اليهم في الشارع وفي العمل». وكانت استراليا قد اعلنت الشهر الماضي، خططا لتشديد سياسات منح الجنسية، الا انها نفت ان يكون ادراج اعلان الولاء «للقيم الاسترالية» كجزء من متطلبات الحصول على الجنسية، يستهدف المسلمين بشكل خاص.

وبموجب الاجراءات الحكومية المتعلقة بالجنسية، فعلى المهاجرين الخضوع لاختبار مدته 45 دقيقة، يشمل التأكد من اجادة اللغة الانجليزية والالمام بقضايا، مثل الديمقراطية وحكم القانون والمساواة بين الرجال والنساء.

وجاءت هذه الخطوة بعد شكاوى متكررة من هاوارد بأن بعض اعضاء الجالية المسلمة البالغ عددها 300 الف مسلم يرفضون الاندماج تماما في المجتمع الاسترالي. واعرب هاوارد عن خشيته من ان تواجه استراليا هجوما يشنه مسلمون استراليون يشبه هجمات يوليو (تموز) 2005 على مدينة لندن، التي نفذها اربعة شبان بريطانيين مسلمين واسفرت عن مقتل 56 شخصا.

ويواجه اكثر من 20 مسلما اتهامات بموجب قانون مكافحة الإرهاب الذي أقر بعد هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001 على الولايات المتحدة.