مسؤولون أميركيون: نقاش يجري داخل إدارة بوش لفتح حوار مع سورية

رايس وراء عرض الحوار المشروط مع طهران

TT

منذ أن أطلق الرئيس الاميركي جورج بوش شعاره «محور الشر» عام 2002، حثه خبراء ودبلوماسيون وسياسيون على ان يتحدث مع أعضاء هذا المحور لكن المطالبات من هذا النوع ارتفعت أكثر خلال الأسابيع الأخيرة، مع تصاعد العنف في العراق، وقيام كوريا الشمالية بإجراء تجربة نووية واستمرار إيران بتحدي مجلس الأمن الدولي في مطالبته لها بإيقاف تخصيب اليورانيوم.

وقال الجمهوري جيمس بيكر وزير الخارجية الأسبق خلال هذا الشهر إنه مقتنع بضرورة «التحدث مع الخصوم». وبعد تجربة كوريا الشمالية النووية قال الرئيس الأسبق جيمي كارتر إنه «من أشد درجات الغباء أن ترفض حكومة لديها مشكلة مع طرف آخر التحدث معه».

أما السيناتور الديمقراطي باراك أوباما عن ولاية الينويس فقال في عطلة نهاية الاسبوع الماضية إنه حتى في قمة الحرب الباردة «حينما كانت هناك صواريخ مسلطة باتجاه كل مدينة أميركية كبيرة كان هناك خط مباشر بين البيت الأبيض والكرملين».

والسؤال الذي يطرح نفسه: هل هناك أي تأثير لهذه المطالبات على إدارة بوش كي تغير من سياستها؟

رسميا، ما زالت الإدارة الأميركية متمسكة بالمبدأ نفسه. إذ قال الرئيس بوش خلال مؤتمر صحافي الأربعاء الماضي حينما سئل مرة أخرى فيما إذا كان مستعدا للعمل مع إيران وسورية في حالة ما إذا تحدد أن هذين البلدين قادران على جلب الاستقرار لجارهما العراق. كان جوابه مثل السابق، يستند إلى رفض الحوار مع أعضاء «محور الشر» حتى يغيروا أساليبهم. وقال إن «إيران وسورية تفهمان تماما أن العالم يتوقع منهما المساعدة في العراق».

وقال إنه إذا أوقف الإيرانيون تخصيب اليورانيوم فإن الدبلوماسيين الأميركيين سيتكلمون معهم. كذلك طرح قائمة من الأمور التي على الرئيس السوري بشار الأسد أن يقوم بها قبل أن يحظى برضا الولايات المتحدة، وهذه هي: «لا تقوض حكومة السنيورة في لبنان؛ ومساعدة إسرائيل على استعهادة أسيرها الذي اختطفته حماس؛ وعدم السماح لحماس وحزب الله كي يخططا لهجمات ضد الالديمقراطية في الشرق الأوسط؛ ومساعدة العراق داخليا».

لكن في داخل الإدارة، تسير الأمور بطريقة أكثر تنوعا قليلا، حسبما ذكر بعض مساعدي بوش. فهناك مسؤول حكومي يقوم ببلورة الأفكار الناجمة عن المناقشات الداخلية. «فبالنسبة لسورية هناك نقاش صحي جدا يدور حول ما إذا كان يجب الحوار معها؛ وفيما يخص إيران، فإنه ليس هناك أي نقاش داخلي».

ومن بين الذين يحضون الإدارة الأميركية من الداخل كي تتحاور مع دمشق أولئك الذين يعملون في مكتب شؤون الشرق الأدنى التابع لوزارة الخارجية وهذا يشمل مساعد وزيرة الخارجية ديفيد ويلش حسبما قال هؤلاء المسؤولون.

لكن الشيء الأكثر غرابة هو أن نائب مستشار الأمن القومي جي دي كراوتش والمحسوب على الصقور في الإدارة الأميركية أصبح من المطالبين بالتحاور مباشرة مع سورية، حسبما ذكر المسؤولون. وقال مسؤول رفيع في إدارة بوش: «أسلوبه مع السوريين هو أننا بحاجة إلى أن نكون متزمتين معهم. إنه ليس واردا القول لنذهب كي نحتسي القهوة معا». وهي أقرب إلى «دعونا نوجه لهم مباشرة رسالة قوية». ولم يرد هؤلاء المسؤولون أن يكشفوا عن هويتهم لأنهم طرف في المناقشات الدائرة حول هذا الموضوع.

ويتكون «محور الشر» مثلما عرّفه بوش من العراق وكوريا الشمالية وإيران لكن بعد إسقاط نظام صدام حسين أثر غزو الولايات المتحدة وحلفائها للعراق حلت سورية محل العراق، بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري عام 2005. وقال مسؤولون أميركيون إن سورية متورطة في اغتيال الحريري. واتهمت إدارة بوش وإسرائيل سورية بدعم حزب الله عند قيامه بغارة على إسرائيل في الصيف الماضي وذلك الهجوم آل إلى تفجر حرب استمرت لأكثر من شهر.

ورسميا، ما زالت العلاقات الدبلوماسية قائمة مع دمشق حيث توجد هناك سفارة أميركية. لكنها حاليا تدار من قبل القائم بالأعمال لا السفير، إذ أن الرئيس بوش استدعى السفيرة إلى سورية، مارغريت سكوبي بعد اغتيال الحريري.

لكن هناك نقاشا أقل داخل الإدارة الأميركية حول إيران. إذ تسود قناعة أن وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس تدفع البيت الأبيض للتحاور مع إيران وهي التي دفعت الرئيس بوش كي يعرض الانضمام الى الأوروبيين في المفاوضات مع ايران.

وقدمت رايس عرضا لجلوس على الطاولة مع الإيرانيين، لكنها أضافت الشرط السابق: على إيران أن توقف أولا برنامجها لتخصيب اليورانيوم.

اما بالنسبة لكوريا الشمالية فان المسؤولين الاميركيين مازالوا متمسكين بالتفاوض من خلال المجموعة الاقليمية. وعرضت رايس على المراسلين النسخة الدبلوماسية لتلك المحاججة. «هناك وهم يقول إننا لا نريد التحدث مع الكوريين الشماليين. لكن ما نحن غير راغبين فيه هو التفاوض بشكل ثنائي مع الكوريين الشماليين، إذ أن ذلك قد يؤدي إلى توقيع اتفاقية أخرى معهم لكنهم لن يلتزموا بها لأنها جرت مع الولايات المتحدة فقط لا مع دول أخرى لها تأثير أقوى عليها من الولايات المتحدة مثل الصين وكوريا الجنوبية».

لكن الإدارة الأميركية ستستمر في تلقي الضربات بسبب التزامها العلني بأنها لن تتحدث مع خصومها حتى تتمكن من إظهار أن هذه الاستراتيجية أعطت نتائج إيجابية حسبما قال الدبلوماسيون. وقال دبلوماسي أوروبي في واشنطن: «هم عزلوا كوبا لأربعين سنة وأنت تستطيع ان ترى كم كان ذلك فعالا؟».

*خدمة «نيويورك تايمز»