بلير: الشهور المقبلة حاسمة للقضية الفلسطينية.. وهناك مبادرة خلال أسابيع

رئيس الوزراء البريطاني: لست نادما على غزو العراق.. ودول المنطقة تعتبر مكافحة التطرف ضرورة استراتيجية

TT

أعرب توني بلير رئيس الوزراء البريطاني عن أمله في تحقيق تقدم في النزاع الاسرائيلي ـ الفلسطيني، وقال «إن الدول العربية والإسلامية المعتدلة» ترى الآن «مبررات استراتيجية» للتوصل الى حل وانه يمكن التوصل الى مبادرة جديدة خلال أسابيع.

وأوضح بلير «هذه فرصة لنا إذا كنا على استعداد للإمساك بها الآن»، وكان يشير الى قيادات كل من السعودية ومصر والأردن من بين هؤلاء الذين «يريدون تحقيق التقدم» في هذه القضية التي وصفها بأنها «جوهر» المشاكل في الشرق الأوسط.

ورفض بلير، في مقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست» في مكتبه في 10 دواننغ ستريت»، تقديم معلومات محددة، ولكنه قال إن المسؤولين البريطانيين يجرون محادثات خاصة مع حكومات دول الشرق الأوسط، بالإضافة الى إدارة بوش بخصوص خطوات «لتحقيق التقدم».

كما ينوي رئيس الوزراء القيام برحلة، في الأسابيع القليلة الماضية، الى الشرق الأوسط الذي ذكر انه يواجه «لحظات حرجة». وقال بلير، الذي كان حليف الرئيس بوش الرئيسي في العراق، انه لا يندم على غزو العراق عام 2003، وهو الحدث الذي أدى الى إسقاط صدام حسين، حتى بالرغم من أن استمرار الحرب قد كلفه الكثير بالنسبة لوجهة نظر الرأي العام البريطاني.

وأوضح بلير، الذي كان يتحدث بحماس وثقة بخصوص سياساته بالرغم من تزايد المطالب في بريطانيا والولايات المتحدة لإعادة تقييم الاستراتيجية العراقية «إذا ما تركت صدام هناك، لأصبح لديك مجموعة مختلفة من المشاكل، وفي النهاية كان علينا التعامل مع العراق في وقت من الاوقات».

وذكر بلير معقبا على تعليقاته خلال مؤتمر عبر الفيديو مع مجموعة دراسة العراق، وهي اللجنة المشتركة من الحزبيين الأميركيين الرئيسيين في واشنطن التي تدرس سياسة العراق، إن أي حل في العراق يجب أن يبدأ بتحقيق التقدم في النزاع الاسرائيلي ـ الفلسطيني.

وقال بلير، الذي كان يشرب القهوة خلال الحديث، «القضية الإسرائيلية ـ الفلسطينية، هي القضية التي، اذا لم تحل، تسمح للمتطرفين بتحقيق تقدم على العناصر المعتدلة في العالمين الإسلامي والعربي». وقال بلير، الذي ذكر انه سيستقيل قبل نهاية سبتمبر (ايلول) القادم بعدم شغل منصب رئيس الوزراء منذ سنة 1997، إن المتطرفين الإسلاميين يستخدمون النزاع الاسرائيلي ـ الفلسطيني كوسيلة دعاية «لذا يوجد بعد إضافي هائل لأهميته».

وقال إن الشهور القليلة القادمة هامة «للقضية الإسرائيلية الفلسطينية»، وينبع إحساسي بالقلق من وجود زيادة، ليس فقط في الفقر واليأس في الجانب الفلسطيني، لكن أيضا في معدلات التفكك، وهو أمر في غاية الخطورة».

وأضاف «لذا إما إن نقرر استغلال هذه اللحظة واستخدامها لدفع التقدم، وإلا فهناك خطورة في اتجاه المنطقة بأكملها اتجاها خطأ».

وتجاهل بلير سؤالا حول ما إذا كان غير واقعي في تفكيره بإمكانية تحقيق تقدم هام نحو التوصل الى حل لم يتمكن العديد من زعماء العالم من التوصل اليه. وقال ان التركيز على المشكلة الإسرائيلية ـ الفلسطينية كان «الأمر الواقعي الوحيد».

وذكر أن النقاد اشتكوا لسنوات طويلة من أن العنف الطائفي في آيرلندا الشمالية صعب للغاية بحيث يمكن حله، ولكن اتفاقيات السلام أنهت تقريبا العنف هناك.

وأوضح انه بالنسبة للمشكلة الإسرائيلية ـ الفلسطينية، يتفق الناس عادة على حل طويل المدى ـ دولتين مستقلتين ـ ولكن الصعوبة هي التوصل للتفاصيل.

وأكد بلير «أؤمن تماما بدعم أمن إسرائيل. ولكن الحقيقة هي أن الضمان النهائي للأمن يكمن في دولة فلسطينية ديمقراطية قابلة للاستمرار وحل القضايا مع جيران إسرائيل».

وقال بلير إن إيران قوة تثير الخلافات في الشرق الأوسط، وتؤيد العناصر الراديكالية في حماس في النزاع الاسرائيلي ـ الفلسطيني ومليشيات حزب الله في الحرب التي وقعت في الصيف الماضي مع إسرائيل. كما ذكر أن دعم إيران للمليشيات الشيعية في العراق كان عنصرا من عناصر عدم الاستقرار هناك.

وقال بلير إن القادة المعتدلين في المنطقة «يمكن أن يروا أن الطريقة التي تستغل بها إيران هذه الخلافات في المنطقة تحدث تغييرا في ديناميات السلطة». وقال أيضا انه «بخلاف حقيقة أن الكثير من دول الجوار في المنطقة يتعاطفون مع القضية الفلسطينية، فإن هؤلاء باتوا يعتقدون الآن أن مكافحة «مجموعة عناصر التطرف والهوس» من صميم مصلحتهم الاستراتيجية.

وفي معرض دفاعه عن حرب العراق ونزاعات أخرى، قال بلير انه يرى أن هناك أسبابا تبعث على التفاؤل في الشرق الأوسط. وقال بلير: «اذهبوا الى دول الخليج وشاهدوا التغييرات التي أجرتها هذه الدول على ديمقراطيتها والتغيرات في اقتصادها». وأشار في سياق حديثه الى الإمارات العربية المتحدة كنموذج، وأضاف قائلا: إن ثمة سبيل للمضى الى الأمام في الشرق الأوسط من خلال التطبيق التدريجي للديمقراطية وفتح الاقتصاد وانتهاج خط يتسم بالحداثة والاعتدال. وأضاف قائلا في نفس السياق: «وبما أن الشرق الأوسط يعكف على تحديد مستقبله، يجب أن نكون حاضرين لأن لدينا السياسة الصحيحة. ما الذي يختاره الناس عندما تتاح لهم الفرصة؟ سيختارون العيش في مجتمعات حرة وديمقراطية».

ولدى سؤاله عما إذا كان يعتقد أن انتصار الحزب الديمقراطية الأميركي في انتخابات التجديد النصفي الأسبوع الماضي يعني تزايد الزخم المؤيد لخفض القوات الأميركية في العراق، أجاب بلير قائلا إن «بوش سيستطيع التعامل مع هذا الأمر». وأضاف قائلا في نفس السياق انه لا يتوقع ان تتراجع الإدارة الأميركية عن تنفيذ ما التزمت به، مؤكدا أن هذا أمر لا يجب أن يكون حوله أي شك سواء كان الأمر متعلقا به أو بالرئيس بوش. وأضاف قائلا إنهم أكدوا من قبل أنهم سيبقون في العراق ما دامت الحكومة العراقية في حاجة اليهم.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»