بري يرفض إطلاق تحرك جديد بدون توافقات مسبقة وجعجع يحذر من اغتيالات

السنيورة يطرح حوارا حول الثوابت * السفيران السعودي والمصري «يفككان الألغام»

TT

لم تصل المساعي المبذولة على اكثر من صعيد في لبنان الى نتائج ملموسة لحل الازمة السياسية القائمة في البلاد والتي تفاقمت بعد استقالة الوزراء الشيعة من حكومة الرئيس فؤاد السنيورة وتلويح المعارضة بالنزول الى الشارع لفرض تمثيلها في الحكومة بما يزيد عن ثلث الوزراء.

غير ان هذه المساعي لم تصل بعد الى «طريق مسدود» كما اكدت اوساط السنيورة لـ«الشرق الاوسط». وبرزت في هذا الاتجاه حركة للسفيرين السعودي عبد العزيز الخوجة والمصري حسين ضرار على خط محاولة تقريب وجهات النظر من غير ان يرتقي هذا التحرك الى مستوى «المبادرة». وقال الخوجه لـ«الشرق الاوسط» انه يتحرك في محاولة لـ«فكفكة الالغام» لكنه اشار الى ان «لا شيء صلباً» يمكن البناء عليه للانطلاق منه.

وبقيت الانظار مشدودة الى رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي تأمل منه قوى «14 آذار» اعادة تحريك الحوار، غير انه لم يبد متحمساً لفكرة معاودة نشاطه الذي اثمر بداية مؤتمر الحوار ثم جلسات التشاور الفاشلة.

وأكدت مصادر بري لـ«الشرق الاوسط» امس انه ليس في وارد القيام بأي مبادرة او تحرك غير محسوب النتائج، وانه يشترط على الذين يطالبونه باطلاق مبادرة ما الوصول الى تفاهم كامل حولها، مشيرة الى ان بري لا يريد ان «يصدم اللبنانيين مجدداً بعد صدمتي فشل التشاور واستقالة الوزراء». وأوضحت انه قال امام زواره ان اكثر من تفاهم توصلنا اليه تم الالتفاف عليه من جانب فريق الاكثرية». وكشفت انه قال لزواره انه لا يحبذ النزول الى الشارع والتظاهر «لكني لست وحدي في هذا القرار، وهذا الخيار مطروح».

وقالت مصادر حكومية لبنانية لـ«الشرق الاوسط» ان «لا تقدم في المساعي القائمة لحل الازمة، لكننا لم نصل الى طريق مسدود». واشارت الى ان السنيورة لا يزال يعمل «لاعادة الامور الى نصابها».

وكشفت الاوساط عن اقتراحات ومساع في اتجاه «طرح حلول تناسب الجميع»، مشيرة الى ان فكرة اعطاء مقاعد لمستقيلين بما لا يمنح الاكثرية نسبة الثلثين في الحكومة ولا يمنح المعارضة نسبة الثلث هي احدى الافكار المطروحة. وتحدثت عن فكرة ثانية يطرحها السنيورة تقضي بالعودة الى «مناقشة كل العناوين السياسية من جديد لتوحيد الرؤية حولها» ناقلة عنه ان الموضوع ليس ارقاماً ولا يتعلق بعدد الوزراء بل المهم ايجاد ارضية لتفاهم سياسي.

وكان مكتب السنيورة غص امس بزواره من نواب وسياسيين اتوا لـ«التضامن معه» في مواجهة الحملة السياسية التي تشن عليه. وكان ابرز زواره مفتي لبنان محمد رشيد قباني على رأس وفد كبير من المجلس الشرعي الاسلامي.

وكان بري التقى امس السفير المصري في لبنان حسين ضرار الذي صرح بعد اللقاء: «التقيت دولة الرئيس، وطبعا المرحلة غير محتاجة الى توصيف، ولقد دار نقاش صريح وواضح وعميق تناول جميع الاركان والجوانب. واستطيع القول ان دولته يبذل كل ما في وسعه للبحث عن بناء ثقة نفتقدها في ما يجري من خلاف، وبعد بناء الثقة يمكن البحث عن الحلول التي لا يمكن التفكير فيها ومجرد مناقشتها الى ان تقام هذه الثقة المفتقدة. بحثنا ايضا في حال الطلاق (خروج وزراء الشيعة من الحكومة) الذي تم. واطمنئكم ان الرئيس امام ناظريه وباصريه حقوق الاولاد قبل اطراف الطلاق».

وسئل عما يتردد عن افكار عربية ـ دولية لتسوية في لبنان، فأجاب: «الافكار كلها تدور حول بناء الثقة وايجاد مثل هذه الثقة بين هؤلاء الاطراف. هناك بلد وشعب ومصالح، وهناك اقتصاد ومؤتمرات دولية اقتصادية على الابواب يحتاج اليها الجميع وهناك الكثير مما يجب عمله وكل هذا يجري بحثه والجميع ينشده». واضاف: «لا توجد صيغة محددة والا لكان من السهل الكلام عليها وهناك صيغ ومقترحات كثيرة».

وواصل السفير السعودي الدكتور عبد العزيز خوجة تحركه المكثف سعياً الى «ازالة التشنج وتبريد المواقف»، وأهاب بالافرقاء اللبنانيين «عقد الخناصر والعودة الى طاولة التشاور الصريح والواضح«، وأعرب عن ثقته «بأن الافرقاء اللبنانيين قادرون على الاتفاق على لبنان بالفائدة الكبرى». وقال: «ان خادم الحرمين الشريفين مهتم بالوضع اللبناني وداعم لكل الفئات اللبنانية في استقرارها واستقرار بلدها، واننا مستعدون لبذل كل الجهود التي تخدم لبنان واللبنانيين». ووصف الوضع اللبناني بـ«الدقيق» لكنه قال: «ان المعالجة ممكنة وغير مستحيلة اذا صفت النيات، وعمل كل من موقعه على وقف صب الزيت على النار، واننا نسعى بكل قوة الى التشاور والحوار بين الاطراف اللبنانيين للوصول الى جوامع مشتركة في ما بينهم تطمئنهم جميعاً».

في غضون ذلك، واصل «حزب الله» حملته على فريق الاكثرية النيابية واتهم نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم السفير الاميركي جيفري فيلتمان بـ «افشال الحوار» قائلاً: «ان السبب الحقيقي لانقلاب فريق السلطة هو تدخل السفير فيلتمان واملاؤه الاوامر الاميركية لتفشيل التشاور». وقال: «لا نريد ان نكون شهود زور في حكومة تأخذ البلد الى الانهيار».

الى ذلك حذر الزعيم اللبناني سمير جعجع أمس من محاولات اغتيال وزراء في الحكومة اللبنانية في مسعى لإسقاط حكومة فؤاد السنيورة المدعومة من الغرب.

وقال جعجع، قائد الميليشيا المسيحي السابق ورئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية والذي يمثله وزير في الحكومة، إن سورية عاقدة العزم على وقف انشاء المحكمة الدولية الخاصة بمحاكمة المشتبهين في قتل رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري.

وأضاف في مقابلة هاتفية مع رويترز «نعم التخوف موجود بشكل كبير وخصوصا في ما يتعلق بالوزراء. أنا بتقديري يمكن ان تحصل عمليات استهداف للوزراء وأستفيد من هذه المناسبة لأقولها للملأ وخصوصا لأتوجه للوزراء ليأخذوا كل احتياطاتهم».

وأضاف «باقٍ في الحكومة الآن 17 وزيرا.. وإذا استقال ثلاثة وزراء تصبح الحكومة بحكم المستقيلة. طبعا لا يوجد ثلاثة وزراء سيستقيلون، ولكن ممكن ان يفكر احد ما بإقالتهم بدفعهم الى الاستقالة النهائية وبالتالي تصبح الحكومة بحكم المستقيلة. لهذا لدينا خوف كبير في ما يتعلق خصوصا بالوزراء».

ولم يشأ جعجع ذكر الجهة التي قد تحاول اغتيال الوزراء لكنه قال إن هناك مجموعات كبيرة ومهمة تريد ان تعطل انشاء المحكمة ذات الطابع الدولي المختصة بمحاكمة المشتبهين في قتل الحريري.

وأقرت حكومة السنيورة هذا الأسبوع مسودة المحكمة الخاصة لمحاكمة المشتبين فيهم في اغتيال الحريري. ووصف الفريق المؤيد لسورية والذي يضم الرئيس ورئيس المجلس النيابي الخطوة بأنها جلسة غير دستورية.

ومن المتوقع ان يوافق على نص المحكمة نهاية الأسبوع المقبل على أن تعود مجددا الى بيروت للتصديق عليها على الرغم من تساؤل روسيا صديقة دمشق عن شرعية اقرارها من حكومة السنيورة.

ويقول زعماء مناهضون لسورية ان استقالات الوزراء جاءت في اطار عرقلة قيام المحكمة للدفاع عن دمشق. لكن قوى المعارضة تقول إنها وافقت من حيث المبدأ على قيام المحكمة لكنها بحاجة لمناقشة التفاصيل.

ويقول حزب الله وحلفاؤه انهم سيلجأون الى الشارع للضغط لتحقيق مطالبهم.

وقال جعجع ان فريقه يرحب بتظاهرات سلمية ومرخص لها وضمن الأصول. لكنه حذر من مجموعات صغيرة موالية لسورية قد تحرض على العنف. وقال «للأسف هناك بعض الفرقاء الصغار وليس الكبار يمكن ان يصلوا الى هذا الحد لأنهم ما زالوا مرتبطين بالنظام السوري».

وأضاف «واضح جدا أن النظام اتخذ قرارا حتى يصل هذا القرار الى حد الفتنة في لبنان من اجل محاولة وقف المحكمة الدولية». وأكد جعجع انه وحلفاءه لن يذعنوا لمطالب حزب الله وحركة امل الشيعيين في حصولهم على ثلث مقاعد الحكومة، وهو ما يكفي لعرقلة أي قرار، لكنه اشار الى أن المساعي لإيجاد تسوية ما مستمرة.

ولمح الى ان الأزمة لن تستمر الى الأبد، قائلا ان السنيورة الذي رفض استقالات ستة وزراء قد يعين في آخر الآمر مكانهم. وقال «بعد ان نستنفد كل محاولاتنا واتصالاتنا وطروحاتنا، وإذا ظل حزب الله وأمل على الاستقالة يمكن أن ننظر بهذا الأمر تعيين وزراء شيعة ولكن الآن فلنستنفد كل شيء».