الاتحاد الأوروبي يلوح بفرض ضرائب جمركية على البضائع الإسرائيلية المنتجة في الأراضي المحتلة

TT

حذر الاتحاد الاوروبي امس اسرائيل من انه قد يفرض تعرفة جمركية على البضائع التي تنتجها شركاتها من الاراضي المحتلة خارج حدودها، وتدخل عادة الى دول الاتحاد معفاة من اي تعرفة او قيود جمركية. وسيكون من شأن هذه الخطوة زيادة كلفة الاقنعة الطينية (المستخدمة في التجميل) في المنتجعات ومراكز التجميل الاوروبية ورفع كلفة بعض الوجبات في المطاعم التي تقدم طعام «الكوشير». ولكن لن يكون لها سوى تأثير هامشي على المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية وقطاع غزة، التي يستهدفها هذا الاجراء في الاساس. ويعترف الدبلوماسيون بأن تطبيق هذا الاجراء بالكامل ربما يستغرق عدة سنوات. وفي هذا الاطار، يعلق يهوشا مور يوسفا المتحدث باسم منظمة تمثل المستوطنين اليهود في كل من الضفة والقطاع والبالغ عددهم 200 الف مستوطن «لا اعتقد انه سيكون لهذا الاجراء تأثير خطير جدا، فمعظم ما ننتجه نبيعه داخل اسرائيل، ولا نصدر الى اوروبا سوى القليل» رغم ذلك، يأمل الدبلوماسيون الاوروبيون بوضوح في تحويل المستوطنات الى عبء اقتصادي بالنسبة لاسرائيل، بينما تحاول الحكومة الاسرائيلية بشراسة الوقوف في وجه تطبيق هذه الخطوة.

وفي اجتماع عقد امس في بروكسل، أبلغ دبلوماسيون اوروبيون وخبراء في التجارة نظراءهم الاسرائيليين بانهم بصدد الانتهاء من مراجعة مئات من البضائع المستوردة من الشركات الاسرائيلية التي قد تحرم من الدخول الى اسواق دول الاتحاد من دون قيود جمركية. ويقول مسؤولون اوروبيون ان عبارة «صنع في اسرائيل» تظهر بشكل غير لائق على علب العصير الذي ينتج من برتقال الضفة الغربية، والزهور التي تزرع في قطاع غزة وسواها من البضائع. وفي مكالمة هاتفية اثر حضوره لقاء بروكسل امس، قال جانكارلو تشفيلارد سفيرالاتحاد الاوروبي لدى اسرائيل «نحن لا نعتبر ان هذا الامر يتماشى مع الاتفاقات التجارية الموقعة مع اسرائيل، فهذه الاتفاقيات لا تشمل سوى الحدود السابقة لحرب عام 1967».

واوضح مسؤولون عن التجارة الاوروبية انهم راسلوا اكثر من الف شركة اسرائيلية مستوضحين منهم عن المواقع المحددة لمصانعهم ومصادر موادهم الخام. وكان المسؤولون الاسرائيليون قالوا خلال المفاوضات ان حوالي ملياري دولار من قيمة الصادرات الاسرائيلية السنوية الى اوروبا والبالغة 7 مليارات دولار قد تتعرض لقيود جمركية، لان الكثير من البضائع المصنعة في اسرائيل تستعمل مواد مصدرها المستوطنات الاسرائيلية. كما قد تتأثر الفواكة والخضروات الشتوية التي تزرع في منطقة وادي نهر الاردن التي تتناصفها كل من اسرائيل والضفة الغربية غير ان الاسرائيليين هم الذين يديرونها باعتبار انها منطقة زراعية واحدة. ومن اهم المنتجات المهددة بفرض قيود جمركية عليها، رغم ارتباطها الواهي بمستوطنات الضفة الغربية وغزة ، منتجات مصنوعة في هضبة الجولان السورية المحتلة والمساحيق والمنتجات التجميلية المركبة من معادن البحر الميت. وبهذا الصدد اعرب المدير التنفيذي لشركة «اهافا» الاسرائيلية التي تنتج كريمات البشرة والاقنعة الطينية وتقع قرب البحر الميت وفوق اراض استولت عليها اسرائيل من الاردن قبل 34 عاما عن قلقه الشديد قائلا «نحن نرسل حوالي 12 الى 15 صندوقا من منتجاتنا سنويا الى اوروبا، وهذا يعني الكثير بالنسبة لنا».

واوضح مسؤولون ان البضائع ان لم تستوف بعد مراجعتها شروط حرية الدخول من دون قيود جمركية فان معظمها سيخضع الى تعرفة جمركية تصل في حدها الادنى الى 10 في المائة. وتهدف مراجعة القيود الجمركية الى قطع الدعم الاقتصادي غير المباشر للمستوطنات في الضفة الغربية، حسب المسؤولين الاوروبيين. وفي هذا السياق، اوضح كريس باتن مفوض العلاقات الخارجية في الاتحاد الاوروبي خلال كلمة القاها في البرلمان الاوروبي الاسبوع الماضي قائلا «ان موقف الاتحاد الاوروبي ازاء المستوطنات واضح، فكل نشاطات المستوطنات في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية ومرتفعات الجولان غير قانونية بموجب القانون الدولي، وهي تشكل عقبة كبرى في وجه تحقيق السلام». واضاف «ان هذه ليست نقطة جديدة اطرحها، كما انها ليست اشارة سياسية»، مشيرا الى ان اتفاقيات الاتحاد الاوروبي لعام 1998 مع اسرائيل لا تنطبق على الصادرات «المنتجة في المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة او القدس الشرقية او هضبة الجولان، لان هذه الاراضي ليست جزءا من دولة اسرائيل بموجب القانون الدولي».

الا ان الدوافع الحقيقية وراء تصميم الدبلوماسيين الاوروبيين على تطبيق هذه الخطوة الجديدة مرتبطة بالجهود الرامية الى ارغام اسرائيل على تجميد نشاطاتها الاستيطانية في سياق مبادرة اوسع لتحقيق السلام في الشرق الاوسط. من جانبهم، بادر المسؤولون الاسرائيليون الى شجب هذه الخطوة، رغم ترحيب بعض مؤيدي السلام لهذا التوجه الاوروبي الحازم. وطالما دعا غوش شالوم الذي ينتمي الى احدى جماعات السلام الاسرائيلية الى فرض مقاطعة محلية على المنتجات الآتية من مستوطنات الضفة الغربية وغزة وهضبة الجولان، غير ان دعوته لم تلق نجاحا كبيرا. وسيصدر القرار الاخير حيال البضائع التي ستفرض عليها تعرفة جمركية في لقاء يعقد في اسرائيل في يوليو (تموز) المقبل، حسب تشيفلارد سفير الاتحاد الاوروبي لدى اسرائيل. وبعدها سيبادر الاتحاد الى فرض تعرفة جمركية مؤقتة الى حين التوصل الى اتفاقيات نهائية حول قيمة التعرفة الجديدة الامر الذي قد يستغرق عاما او عامين لاقراره.

اما في الولايات المتحدة، فان البضائع والمنتجات الفلسطينية المنتجة في المستوطنات اليهودية فتستورد بموجب معايير اتفاق التجارة الحرة مع اسرائيل، الذي وسع ليشمل كل ما يصدر في الضفة والقطاع ابان ادارة الرئيس السابق بيل كلينتون. وسيكون الحل الامثل بالنسبة للاوروبيين اعتبار المنتجات الاسرائيلية من المناطق المحتلة على انها منتجات فلسطينية تعبر في العادة اوروبا بموجب اتفاق اعفاء جمركي منفصل. واوضح تشيفلارد «كنا نأمل في ان يتعاون الطرفان في التوصل الى اتفاق تجارة حرة بينهما، ومن ثم معنا، وعندها لن نواجه اية مشاكل. غير ان الاسرائيليين لا يودون تصدير منتجاتهم من خلال الفلسطينيين، كما لا رغبة للفلسطينيين في تصدير منتجاتهم عبر الاسرائيليين».

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»