بوش يطلب مساعدة «الأصدقاء العرب» لوقف العنف بالعراق بدل إشراك سورية وإيران

زليكوف مستشار رايس يستقيل من منصبه احتجاجا على سياسات الإدارة

TT

بينما يحاول الرئيس الاميركي جورج بوش وكبار دبلوماسييه احتواء التدهور الامني والسياسي في العراق ولبنان، يبدو انهم عازمون على تنفيذ استراتيجيتهم القاضية بالتحدث الى الأصدقاء العرب، على الرغم من تزايد الدعوات لهم، داخل وخارج الادارة، بالتوجه الى ايران وسورية أيضا.

ويتوجه بوش ووزيرة الخارجية كوندوليزا رايس الى الأردن الأسبوع الحالي، لاجراء محادثات يشارك فيها رئيس الوزراء العراقي وعدد من الزعماء السنة، ولكنها تستثني الايرانيين والسوريين، على الرغم من النفوذ الذي يمارسانه في العراق ولبنان. وفي غضون ذلك قدم فيليب زليكوف، وهو واحد من أقرب مساعدي رايس، استقالته من منصبه كمستشار في وزارة الخارجية. وقال زليكوف، الذي ينظر اليه على نطاق واسع باعتباره صوت الصراحة واللاتحيز في الادارة بشأن الأزمة العراقية، في رسالة استقالته اول من امس، انه سيعود الى التدريس في جامعة فرجينيا. وقال مسؤول في الادارة ان زليكوف كان يشعر بخيبة أمل من سياسة الادارة الخاصة بالشرق الأوسط، بما في ذلك العراق، وكذلك كوريا الشمالية.

وكانت هناك علامات على التوتر داخل الادارة، خصوصا في وزارة الخارجية، حيث المسؤولون في المجال الدبلوماسي يجادلون لصالح حوار متزايد مع ايران وسورية، في مسعى لايقاف العنف في العراق ولبنان. وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية مشترطا، شأن آخرين ناقشوا الموضوع، عدم الاشارة الى اسمه، لانه غير مخول بمناقشة الموضوع علنا، قال «اننا نواجه فوضى ومصاعب».

وعندما يصل بوش ورايس الى العاصمة الأردنية عمان اليوم، فانهما سيسعيان لكسب مساعدة زعماء عرب سنة لايقاف العنف في العراق، عبر ممارسة ضغط على المتمردين السنة. وكان ذلك جزءا من مهمة نائب الرئيس ديك تشيني، الذي استقبله خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز خلال زيارة قصيرة الى السعودية السبت الماضي، وفقا لما قاله مسؤولون في الادارة. وسيكرر بوش ذلك مع ملك الأردن عبد الله الثاني، كما ستفعل رايس عندما تلتقي في مباحثات مع وزراء خارجية دول الخليج في البحر الميت، يومي الخميس والجمعة المقبلين.

وتأمل الولايات المتحدة من السعودية والأردن ومصر، على وجه التحديد، العمل على دق أسفين بين رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ورجل الدين الشيعي المناهض لأميركا مقتدى الصدر، الذي يقف جيش المهدي التابع له وراء الكثير من الهجمات الانتقامية للشيعة في العراق، وفقا لما قاله مسؤول كبير في الادارة. وهذا يتطلب دفع الدول العربية التي يحكمها السنة الى العمل من اجل حث المعتدلين السنة على دعم المالكي الشيعي. وهذا سيمنح، نظريا، المالكي القوة السياسية الضرورية لمجابهة ميليشيات الصدر الشيعية. وقال المسؤول في الادارة، مشترطا عدم الاشارة الى اسمه، ارتباطا بالممارسة الدبلوماسية المألوفة، «هناك بعض النقاشات حول السعي الى التعامل أولا مع التمرد السني، ولكن ذلك يمكن أن يعني رؤيتك وأنت تأخذ جانبا واحدا من الصراع، وهو ما لا يمكن أن يكون مقبولا».

ولكن جعل الدول العربية السنية تحث السنة العراقيين على دعم المالكي على امل ابعاده عن الصدر هو هدف صعب المنال في مختلف الظروف، بل أصبح أكثر صعوبة الأسبوع الماضي بعد مقتل ما يزيد على 200 شخص في مدينة الصدر الشيعية بالعاصمة بغداد، وهو أفظع هجوم منذ الغزو الأميركي. وأدى ذلك الهجوم الى اعمال عنف انتقامية هاجم فيها رجال الميليشيات الشيعية جوامع سنية في بغداد وبعقوبة.

وابلغ ستيفن هادلي، مستشار الأمن القومي، الصحافيين على متن طائرة سلاح الجو الأميركي، في الطريق الى استونيا، حيث تعقد قمة الناتو قبل لقاء بوش مع المالكي: «من الواضح اننا في مرحلة جديدة تتسم بهذا العنف الطائفي المتزايد. وذلك يتطلب منا التكيف لتلك المرحلة الجديدة ويحتاج هذان الزعيمان الى التحدث حول كيفية القيام بذلك وما هي الخطوات التي يتعين اتخاذها وكيف يمكن أن ندعمهما».

ومقابل مساعدتها لاميركيا في العراق طلبت الدول العربية السنية من ادارة بوش القيام بمسعى جديد باتجاه اتفاق سلام اسرائيلي فلسطيني. وظل بوش مبتعدا، الى حد كبير، عن ذلك المطلب المديد، ولكن الأمور يمكن ان تتغير.

وقد تتوقف رايس في مكانين، هما رام الله في الضفة الغربية والقدس في جولتها الأسبوع الحالي، وفقا لمسؤول في الادارة. وبينما لم يتحدد جدول مواعيدها بصورة نهائية فان رايس تدرس امكانية اللقاء مع رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. وتجادل رايس لصالح تعزيز العمل على الجبهة الاسرائيلية الفلسطينية، وبدا في مرات عدة في الخريف الحالي، انها على وشك طرح مبادرة سلام كبرى اعاقتها أزمات أخرى.

وعدا عن اسرائيل، هناك جزء آخر من اللعبة يتمثل في ما اذا كانت اميركا ستشرك ايران وسورية بصورة مباشرة، وهو ما تبدو الادارة غير راغبة في القيام به، على الرغم من الاشارات الى ان مجموعة الدراسة التي شكلها الحزبان توصي بمبادرة دبلوماسية اقليمية تشمل كلا البلدين. ويتصاعد الضغط باتجاه الشروع بمحادثات مع البلدين ويشارك في هذه الدعوة مسؤولون سابقون في الادارة. وقال تيودور كاتوف، السفير السابق للرئيس بوش الى سورية، ان «السوريين يقولون انهم يمكن أن يؤثروا سلبا على الوضع في لبنان ويسببوا أذى لأصدقائنا، ويمكنهم أن يؤثروا سلبا على العراق. وارتباطا بالدبلوماسية بوجه عام فانك اذا لم تكن مستعدا لتحقيق اهدافك عبر الحرب فان عليك أن تشارك في نوع من المفاوضات الخاضعة للمساومات. ومن سوء الحظ انه ليس هناك الكثير من الأخذ والعطاء بين الولايات المتحدة وسورية في الوقت الحالي».

* خدمة «نيويورك تايمز»