غازات الانحباس الحراري تهدد مستقبل صناعة السيارات في أوروبا

ضرائب متصاعدة وتصميم المزيد من الوقود والسيارات الصديقة للبيئة

TT

تقسم ربيكا وإيمت اوكونل بأنهما ليسا من انصار السيارات الخاصة وأنهما يشعران بقلق بخصوص ظاهرة الدفء العالمية. الا انهما في هذه المدينة المزدهرة، التي تضاعف عدد السيارات فيها خلال الـ15 سنة الماضية ليس لديهما من اختيار. وقالت ربيكا وهي مصممة نسيج «صدقني اذا ما كان هناك بديل لاستخدمناه. نهتم بالبيئة. ولكن من الصعب تطبيق ذلك هنا».

فالضواحي الجديدة التي يعيش بها مئات الألوف من سكان دبلن، ليس بها خطوط سكك حديدية، والعدد المحدود من الحافلات التي تذهب للضواحي مزدحمة دائما. ولذلك يقود الجميع سياراتهم للعمل وللتسوق او لتوصيل الاولاد للمدارس ـ فيما يبدو انه ازدحام دائم. فمنذ عام 1990، زادت كميات الغازات المنبعثة من السيارات في ايرلندا بنسبة 140 في المائة، وهي اعلى نسبة في اوروبا.

ولكن ايرلندا ليست الوحيدة في هذا المجال. فالغازات المنبعثة من السيارات تزداد في كل مكان في اوروبا، وعبر العالم. وبسبب زيادة استخدام السيارات والشاحنات، فإن انبعاث غازات الانحباس الحراري يزداد حتى بالرغم من انخفاض التلوث الناجم عن الصناعة.

فقد قضت زيادة انبعاث الغازات من السيارات التي بلغت 23 في المائة في أوروبا منذ التسعينات على انخفاض انبعاث الغازات من المصانع النظيفة، طبقا لدراسة من وكالة الطاقة الأوروبية. وقد حدثت هذه الزيادة بالرغم من اختراع وتصميم المزيد من الوقود والسيارات الصديقة للبيئة.

وأوضح رونان اوهل، وهو عالم في وكالة الطاقة الأوروبية ومقرها كوبنهاغن «ما اكتسبناه من السيارات الهجينة والشاحنات التي تعمل بالإيثانول، خسرناه بسبب زيادة عدد السيارات». وتجدر الاشارة الى ان السيارات بمختلف انواعها تتسبب في خمس غازات ظاهرة الانحباس الحراري في اوروبا. وبعض البلاد التي قررت محاربة ذلك الاتجاه اتخذت اجراءات في غاية التشدد. فالدنمارك، على سبيل المثال، تعامل السيارات معاملة اليخوت ـ باعتبارها من المنتجات الفاخرة، وتفرض ضريبة شراء تصل الى 200 في المائة من تكلفة السيارات. فثمن سيارة سكودا التشيكية يصل الى 18.4 ألف دولار في ايطاليا والسويد بينما يصل ثمنها في الدنمارك الى 34 الف دولار.

وقد ازداد عدد الدراجات في السنوات الماضية. وعدد قليل من الناس تحت سن الثلاثين يملك سيارة. كما ان العديد من الأسر لجأت الى الدراجات ثلاثية العجلات. ويلاحظ ان الضرائب المرتفعة على السيارات والوقود من النوع المفروض في كوبنهاغن بالدنمارك فعال في الحد من الازدحام، ولكنه يثير مخاوف الناخبين، ولا يشجع السياسيين الذين يدافعون عن البيئة على اقتراحها. فعندما كشف وزير الخزانة البريطاني غوردون براون عن مقترحاته بخصوص «الميزانية الخضراء،» شملت زيادة في الضريبة على الغازات بنسبة 2.5 في المائة.

وجربت مدن أخرى اجراءات متنوعة تتطلب تضحيات اقل من جانب سائقي السيارات. وتسمح روما فقط للسيارات ذات المعدلات الواطئة في الغازات المنبعثة بالسير في مركزها التاريخي. وفي لندن واستوكهولم يجب على السائقين ان يدفعوا رسوم ازدحام للدخول الى مركز المدينة. ومثل هذه البرامج تقلص ازحام المرور والتلوث في مركز المدينة ولكن الدلائل تشير الى ان استخدام السيارة ينتقل ببساطة الى الضواحي.

ولكن دبلن اكثر نموذجية بالنسبة للمدن في مختلف أنحاء العالم، من آسيا الى اميركا اللاتينية، حيث حجم النقل يزداد بالتوافق مع النمو الاقتصادي. ومنذ عام 1997 تشيد بكين طريقا دائريا جديدا كل عامين.

وفي ايرلندا زادت ملكية السيارات الى أكثر من الضعف منذ عام 1990 وباتت محركات السيارات تكبر بصورة ثابتة. وفي غضون ذلك تعني قوانين بيئية جديدة بأن الغازات المنبعثة من المشاريع الكهربائية، وهي مصدر رئيسي للتلوث، قد تقلصت منذ عام 2001.

* خدمة «نيويورك تايمز»