سيناتور أميركي يهاجم سياسة بوش إزاء إيران ويحذر من تكرار سيناريو العراق

اتهم الرئيس الأميركي بأنه لا يفهم العالم.. ولا يقرأ

TT

وجه الرئيس الجديد للجنة الاستخبارات التابعة لمجلس الشيوخ الاميركي انتقادات حادة لموقف إدارة الرئيس بوش القائم على اساس المواجهة المسلحة تجاه إيران، وقال ان مساعي البيت الأبيض لتصوير ايران وكأنها تشكل خطرا متزايدا يتهدد الولايات المتحدة يعيد الى الأذهان الخطاب الذي كان سائدا حول العراق قبل الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في مارس (آذار) 2003.

وقال السيناتور الديمقراطي جون روكفلر، الذي تسلم رئاسة لجنة الاستخبارات بالمجلس هذا الشهر، ان ادارة الرئيس بوش تتخذ موقفها الحالي تجاه ايران على الرغم من ان وكالات الاستخبارات الاميركية لا تعرف الكثير سواء حول القوى المحركة على الصعيد الداخلي في ايران او نيات طهران في منطقة الشرق الاوسط.

وقال روكفلر خلال حديث له في الآونة الاخيرة بمكتبه في الكونغرس، إن توجه ادارة بوش القائم على اساس فكرة التحرك ضد ايران أمر غريب، إلا انه لم يذكر على وجه التحديد الجوانب التي يعتقد ان واشنطن لا تملك بشأنها أدلة استخباراتية في إطار موقفها تجاه ايران. وقال روكفلر انه يتفق مع البيت الأبيض في ان هناك عناصر ايرانية داخل العراق تدعم الميليشيات الشيعية وتعمل ضد القوات الاميركية.

وأضاف روكفلر، انه يعتقد ان الرئيس بوش تلقى معلومات خاطئة من مستشارين يرون ان الموقف المتشدد تجاه حكومة طهران يخدم مصالح الولايات المتحدة، وقال في هذا السياق: إن المعنيين بإصدار السياسات في ادارة بوش لا يفهمون ايران فيما يبدو. وتعكس تعليقات السيناتور روكفلر القلق المتزايد من جانب نواب ديمقراطيين بارزين، بمن فيهم زعيم الأغلبية هاري ريد والسيناتور جوزيف بيدن، إزاء نهج ادارة بوش تجاه طهران. وحذر الديمقراطيون من اتجاه ادارة بوش صوب مواجهة مع ايران، في وقت لا تتوفر فيه للولايات المتحدة موارد عسكرية كافية ولا تأييد سواء كان من جانب حلفائها او وسط اعضاء الكونغرس للمضي قدما هذا الاتجاه. ويقول محللون إن لآراء روكفلر وزنا ونفوذا بسبب كونه واحدا من بضعة أعضاء في الكونغرس على معرفة وإطلاع على أكثر الوثائق سرية حول مدى الخطر الذي تشكله ايران. وانتقد السيناتور روكفلر ايضا الطريقة التي تعامل بها الرئيس بوش مع خطر المتطرفين الاسلاميين منذ هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001، وأعرب في هذا السياق عن اعتقاده بان الحملة الدولية ضد الارهاب لا تزال «لغزا» بالنسبة لبوش، كما اعرب عن اعتقاده ايضا في ان بوش «لا يفهم العالم وليس مهتما به ولا يقرأ الأوضاع كما يزعم». جدير بالذكر ان لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس الشيوخ قد استمعت الاسبوع الماضي لشهادة من جون نغروبونتي، مدير وكالة الاستخبارات الوطنية، قال فيها ان ايران كان لها تأثيرها على منطقة الشرق الاوسط ومن المحتمل ان ترسل عناصر من «حزب الله» لتوجيه ضربات لأهداف أميركية. وكانت شهادة نغروبونتي قد جاءت بعد يوم من خطاب بوش الى الاميركيين، الذي قال فيه انه مصمم على مواجهة ما وصفه بـ«نشاطات مثيرة للقلق بواسطة عناصر ايرانية في العراق»، وأعلن ايضا ان وزارة الدفاع (البنتاغون) تعمل على تعزيز الوجود البحري الاميركي في الخليج وتعتزم إرسال بطاريات صواريخ باتريوت لردع أي عدوان إيراني.

إلا ان بعض الديمقراطيين اشاروا الى ان حديث بوش لا يعدو ان يكون بداية لحملة مخططة بدقة لإظهار ايران في صورة محددة على النحو الذي انتهجه تجاه العراق قبل الغزو عام 2003. وفي حديث له يوم الجمعة حذر ريد البيت الابيض من مغبة اتخاذ عمل عسكري ضد ايران دون الحصول على موافقة من الكونغرس. من جانبه قال متحدث باسم البيت الابيض ردا على تعليقات السيناتور روكفلر ان ايران تقوم بأعمال استفزازية داخل العراق وفي أماكن اخرى وان موقف حلفاء واشنطن موحد في مساعيهم لوضع حد لما يعتقد مسؤولو الاستخبارات انه برنامج ايراني نووي سري.

وقال جوندرو إن تدخل ايران في العراق كان امرا واضحا وان العراقيين نقلوا مخاوفهم تجاه هذه القضية الى الجانب الايراني. وأشار جوندرو الى ان الادارة الاميركية قالت انها على استعداد لبدء محادثات مباشرة مع طهران في حال موافقة ايران على وقف تخصيب ومعالجة اليورانيوم، علما بأن آخر محادثات بين الجانبين، الاميركي والإيراني جرت عام 1979. الجنرال مايكل هايدن، مدير وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي إيه)، أبلغ أعضاء الكونغرس اول من امس انه توصل خلال فترة العام ونصف العام السابقة الى تفسير لا يبعث على الاطمئنان إزاء نشاطات ايران داخل العراق. وأضاف قائلا ان الواضح في الأمر هو ان ايران تسعى لمعاقبة الولايات المتحدة وإلحاق الأذى بها وتقييدها في العراق بهدف تحجيم خيارات الولايات المتحدة ذات الصلة بالحد من نشاطات اخرى لإيران في المنطقة. وتعمل لجنة روكفلر على استكمال تحقيق، بدأ مذ فترة، حول الاستخدام الخاطئ للمعلومات الاستخباراتية حول العراق خلال الشهور التي سبقت الغزو الذي قادته الولايات المتحدة على العراق في مارس 2003. وقال روكفلر ان لجنته اوشكت على الفراغ من جزء من التحقيق يتركز حول ما اذا كان البيت الابيض قد تجاهل نتائج تقييم توصلت اليه وكالة الاستخبارات المركزية قبل الحرب يفيد باحتمال انحدار العراق الى الفوضى.

وقال روكفلر ان التقرير الخاص بهذا التحقيق ربما ينشر بعد فترة اشهر فقط و«لن يكون مريحا بالنسبة للبيت الابيض»، على حد تعليقه.

*خدمة «نيويورك تايمز» خاص بـ «الشرق الاوسط»