إيران: تجميد النشاط النووي لن يتحقق أبداً

الصين تعتبر العقوبات ليست «هدفاً نهائياً»

TT

تمسكت ايران أمس بموقفها الرافض لتعليق تخصيب اليورانيوم، غداة اجتماع الدول الست العظمى في لندن للبحث في قرار دولي جديد ملزم ضد طهران. وصرح وزير الخارجية الايراني منوشهر متقي أمس بأن تجميد تخصيب اليورانيوم «لن يتحقق ابدا»، في وقت تستدعى الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا لإعداد مشروع قرار دولي جديد للضغط على ايران للتخلي عن برنامجها النووي.

وقال متقي على هامش مؤتمر حول أميركا اللاتينية: «الأوروبيون قدموا لنا لائحة من المقترحات التي يَعدون فيها بمساعدة ايران على انشاء محطات نووية ويطلبون في المقابل وقف التخصيب وهذا غير قانوني وغير مشروع... ولن يتحقق ذلك أبداً».

وعلق متقي على اجتماع لندن قائلاً، انه يأمل في أن «يسمح بالعودة الى طاولة المفاوضات». وقال: «ان جميع الدول المعنية ترغب في تسوية هذه المسألة (النووية الايرانية) بالسبل الدبلوماسية وعليها بالتالي التخلي عن تحديد شرط مسبق لبدء مفاوضات»، في إشارة الى مطالبة الأسرة الدولية ايران بتعليق نشاطات تخصيب اليورانيوم.

وأعلنت وزارة الخارجية الاميركية مساء أول من أمس، ان الدول الست ستتشاور هاتفياً غداً على أمل الاتفاق على البنود الواجب إدراجها في هذا القرار الجديد. وصرح وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي بأن هناك «احتمالاً كبيراً» بان تتفق الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي «بسرعة» على قرار ثان بشأن إيران مرفق بعقوبات اقتصادية.

وقال دوست بلازي لقناة «إل سي إي» التلفزيونية الفرنسية معلقا على احتمال توجيه ضربات اميركية لمواقع نووية ايرانية، إن هذا «غير مطروح إطلاقاً اليوم. اننا في طور التفاوض بشأن قرار ينص على عقوبات اقتصادية».

وعلى الرغم من ان الولايات المتحدة واوروبا حريصة على فرض ضغوط جديدة على ايران لتشجيعها على التخلي عن برنامجها النووي، تتوخى روسيا والصين حذراً أكبر، إذ لديهما مصالح مالية وتجارية مع ايران. وكانت الصين وروسيا قد صوتتا لصالح فرض عقوبات على ايران بموجب قرار 1737 العام الماضي ولكن لطالما تطالب بكين وموسكو بحل دبلوماسي للأزمة النووية.

وتبدو فرنسا متفائلة حيال الموقف الذي ستلتزمه روسيا في مجلس الأمن. وقالت مصادر فرنسية لـ«الشرق الأوسط» إن موسكو «أبدت استعدادها للتصويت على قرار جديد» في مجلس الأمن. وتريد باريس الوصول الى قرار ثان في مجلس الأمن «يتيح تعميق العقوبات» الدولية المفروضة على إيران» بحيث يتم توسيع لائحة النشاطات المحظور التعامل فيها مع إيران وإضافة أسماء جديدة على لائحة الشخصيات الإيرانية الضالعة في البرنامج النووي أو الصاروخي والتي فرضت عليها تدابير محددة بموجب القرار السابق». وإذا كانت الخارجية الفرنسية نفت وجود نص نهائي لمشروع قرار جديد فرنسي ـ بريطاني، إلا أنها بالمقابل قالت إن ثمة مجموعة من الأفكار المتداولة التي تشكل «قاعدة» لمشروع القرار الجديد.

وقال مصدر فرنسي رفيع لـ«الشرق الأوسط» إن «التهديد المبطن بلجوء الولايات المتحدة الأميركية الى القوة العسكرية لتدمير البرنامج النووي الإيراني يفيد الأوروبيين الذين بإمكانهم القول للقيادة الإيرانية إن من الأفضل لها السير في مشروع الحل الذي اقترح عليها في السابق (وقف نشاطات التخصيب والعودة الى طاولة المفاوضات) بدل مواجهة ضربة عسكرية أميركية أو ربما إسرائيلية».

وسيكون الملف الإيراني على رأس المواضيع التي سيبحثها وزير الخارجية الفرنسي في زيارته التي بدأها اليوم الى بكين.

ورفضت بكين الافصاح عما اذا كانت ستدعم فرض عقوبات جديدة ضد ايران في اطار جهود دولية لوقف برنامج ايران النووي، واكتفت بالتاكيد على ضرورة حل النزاع سلمياً.

ورداً على سؤال حول دعم الصين للعقوبات، قال كين غانغ الناطق باسم الخارجية الصينية: «موقفنا لم يتغير وهو اننا ندعو الى حل للمسألة النووية الايرانية من خلال المفاوضات والطرق السلمية». واضاف إن «العقوبات ليست هدفنا النهائي». ومن جهته، حذر المفتش الدولي السابق عن أسلحة الدمار الشامل هانس بليكس مساء اول من أمس من ان «إهانة إيران» بمطالبتها بتعليق أنشطة التخصيب قبل استئناف المفاوضات قد يحملها على التشدد في موقفها. وأوضح بليكس الذي كان رئيسا للجنة الرقابة والتحقق والتفتيش التابعة للامم المتحدة (كوكوفينو) التي كانت مكلفة التحقيق في الاسلحة العراقية غير التقليدية قبل الغزو الاميركي في 2003، «انها ملاحظة كنت قد اوردتها بشان العراق».

وبينما تصاعدت المشاحنات بين طهران وواشنطن حول البرنامج النووي، اعلن السفير الايراني في موسكو غلام رضا انصاري أمس ان بلاده مستعدة لضرب الولايات المتحدة «في أي مكان» في حال هاجمها الاميركيون. ونقلت وكالة «انترفاكس» الروسية عن انصاري قوله: «إذا ارتكب الاميركيون خطأ مهاجمتنا، فإنني أؤكد ان الشعب الايراني سيلقنهم درساً. يمكننا تقديم رد مناسب ولائق، وليس لدي أي شك أن ايران سترد مباشرة بعد أي هجوم» محتمل يشنه الاميركيون. واضاف السفير الايراني «لن نحصر انفسنا جغرافياً في هذا الرد (العسكري)، فقد يحصل في أي مكان».

ولكن أنصاري قال في المقابل، إن إيران «مستعدة لإجراء مفاوضات مباشرة حول المسألة النووية مع كل الشركاء بما يشمل الولايات المتحدة». وأكد أنه «إذا قدم الاميركيون طلباً خطياً لإجراء مثل هذه المفاوضات فإن حكومتنا ستكون مستعدة للنظر فيه».

ومن جهة أخرى، وجه رجال دين اميركيون من مختلف الطوائف المسيحية لدى عودتهم من زيارة نادرة الى ايران، دعوة الى الحوار بين البلدين، فيما تزداد حدة التوتر بين واشنطن وطهران.

وأمضى الوفد المؤلف من اثني عشر مسؤولاً عن الكنائس الأنغليكانية والكاثوليكية والمعمدانية والانجيلية والميتودية، خمسة أيام في إيران، والتقوا مسؤولين مسلمين ومسيحيين والرئيس محمود أحمدي نجاد. وهذا اللقاء الذي تحدث عنه التلفزيون الايراني هو الاول في ايران بين وفد اميركي ورئيس ايراني منذ ثورة 1979، كما قال الاميركيون في مؤتمر صحافي عقدوه في واشنطن.

وقال الوفد انه «تشجع بالاعلان الواضح» للرئيس محمود احمدي نجاد أن ايران «لا تنوي ابدا الحصول على الاسلحة النووية او استخدامها»، ومن تأكيده أن النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني «لا يمكن حله إلا بالعمل السياسي وليس العسكري». وأوضح الوفد في بيان «نعتقد ان حواراً معمقاً أمر ممكن»، داعياً البلدين الى بدء مفاوضات مباشرة فورا والكف عن وصف بعضهما البعض بـ«الأعداء» وتشجيع الاتصالات بين مجتمعيهما المدنيين.