سورية تؤكد أنها ستحضر اجتماع بغداد مع الأميركيين.. وإيران تدرس الدعوة

10 مارس موعد اللقاء الذي سيليه مؤتمر وزاري.. وواشنطن تؤكد: ستكون هناك مناقشات وليس مفاوضات تتناول العراق فقط

TT

قال مسؤول ايراني كبير أمس ان طهران تدرس دعوة بغداد لها لحضور مؤتمر اقليمي، بشأن سبل تخفيف التوتر في العراق، فيما اكدت سورية انها ستحضر اللقاء، الذي حددت بغداد العاشر من الشهر الحالي موعدا له. وجاء الاعلان عن الموقفين الايراني والسوري غداة اعلان الولايات المتحدة انها ستحضر اجتماعا يعقد على مستوى متوسط هذا الشهر، اضافة الى اجتماع وزاري ربما يعقد في ابريل (نيسان). وقال علي لاريجاني الامين العام للمجلس الاعلى للأمن القومي، ان طهران تدرس هذا العرض، حسبما افادت به وكالة الصحافة الفرنسية. ونقل التلفزيون الحكومي الايراني عن لاريجاني قوله «من اجل المساعدة في حل المشكلات بالعراق ستبذل ايران قصارى جهدها. سنحضر الاجتماع اذا كان ذلك في مصلحة العراق حسب رؤيتنا».

وفي دمشق اعلن مصدر رسمي في وزارة الخارجية السورية، ان سورية ستحضر المؤتمر. واضاف ان الموقف الاميركي في الحضور والتشاور مع سورية في الشأن العراقي، يعتبر «خطوة جزئية في الاتجاه الصحيح، الذي يتمثل في الحوار الذي يشمل كافة مشاكل المنطقة، لانها جميعا مرتبطة ببعضها البعض وتؤثر على بعضها سلبا او ايجابا».

وأكد مصدر في وزارة الخارجية الاميركية لـ«الشرق الأوسط» أن موقف الادارة الاميركية لم يتغير من مسألة التفاوض مع ايران وسورية بشأن العراق. وقال ألبرتو فرنانديز «لا تغيير في سياستنا.. أؤكد لا تغيير في سياستنا»، وزاد «وجدنا من المهم المشاركة في المؤتمر لتأكيد دعمنا للعراق وتشجيع جيرانه من اجل القيام بدور ايجابي». واضاف أن الحكومة العراقية هي التي ستحدد أجندة اللقاءين وتوقع أن يجري التركيز «على القضايا التي تشغل بالهم خاصة القضايا الامنية». ولم يستبعد المصدر أي احتمالات لمناقشات على المستوى الاقليمي «تهمنا وتهم قواتنا في العراق». وبشأن ما اذا كانت واشنطن ستجري حوارا مع ايران على هامش المؤتمر , اوضحت الخارجية الاميركية ان اللقاء سيركز على العراق وستكون هناك «مناقشات وليس مفاوضات».

وكان مسؤولون أميركيون قد اعلنوا، أول من أمس، انهم كانوا قد اتفقوا على اجراء اتصال على ارفع مستوى مع السلطات الايرانية، في ما يزيد على عامين، كجزء من اجتماع دولي بشأن العراق. ومن المتوقع أن تشمل المناقشات وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس ونظيريها الايراني والسوري. وكان اول مؤتمر حول العراق في منتجع شرم الشيخ عام 2004، قد بدأ بجدل حول ما اذا كان وزير الخارجية الاميركي في ذلك الحين، كولن باول، سيجري محادثات مع نظيره وزير الخارجية الايرانية السابق كمال خرازي. لم يعقد باول وخرازي أي محادثات مباشرة، إلا ان الجانب المصري جعل الاثنين يتحدثان مع بعضهما بعضها بجلوسهما على مقعدين متجاورين حول مائدة الغداء.

ويعتبر الاعلان، الذي جرى في بغداد اولا وأكدته رايس، والقاضي بان الولايات المتحدة ستشارك في اجتماعات بين العراق وجيرانه بما في ذلك سورية وايران، تغيرا في موقف الرئيس بوش، الرافض للصلات العالية المستوى مع حكومتي دمشق وطهران. وكان نقاد الادارة قد قالوا، منذ زمن بعيد، انه يتعين عليها ان تقوم بالمزيد من اجل اشراك خصومها الاقليميين في طائفة من القضايا، بما في ذلك النزاع الاسرائيلي الفلسطيني ولبنان. وكان ذلك موقف مجموعة دراسة العراق، وهي لجنة رفيعة المستوى، برئاسة وزير الخارجية الاميركي الاسبق جيمس بيكر، حثت العام الماضي على اجراء محادثات مباشرة غير مشروطة تشمل ايران وسورية.

وبينما قد لا تشمل الاجتماعات المحددة حديثا مفاوضات مباشرة بين الولايات المتحدة وايران، وهدفها التركيز بالتحديد على استقرار العراق وليس النزاعات الأخرى، فانها يمكن أن تفتح بابا لقناة دبلوماسية. وكان المسؤولون العراقيون يدفعون باتجاه مثل اجتماع كهذا منذ اشهر عدة، ولكن مسؤولي ادارة بوش رفضوا، الى ان توصلت الحكومة العراقية الى اتفاق حول قضايا داخلية ملحة، بينها خطوط عامة حول توزيع ايرادات النفط على مستوى البلاد والاستثمار الأجنبي في صناعة النفط الواسعة في البلاد، وفقا لما قاله مسؤولون في الادارة. وتحتفظ الحكومة العراقية الجديدة بصلات منتظمة مع ايران.

وأبلغت رايس هيئة في مجلس الشيوخ، أول من أمس، قائلة، «يمكنني الاشارة الى ان الحكومة العراقية وجهت دعوة الى سورية وايران من اجل حضور هذين اللقاءين الاقليميين»، في اشارة الى اجتماع بغداد الذي سيحضره مسؤولون كبار من ادارة بوش، مثل ديفيد ساترفيلد المكلف ملف العراق في وزارة الخارجية، وفقا لما قاله مسؤولو الادارة، ولقاء لاحق ينتظر ان تحضره رايس على مستوى وزراء الخارجية مع نظيريها الايراني والسوري، في مكان ما في المنطقة. وقبل عام اعلن المسؤولون الايرانيون والأميركيون اجتماعا مخططا له بين السفير الأميركي في بغداد ومسؤولين ايرانيين للمساعدة على تحقيق الاستقرار في العراق، ولكن الاجتماع لم يتم.

وظلت مسألة ما اذا كان يجب على الولايات المتحدة إجراء محادثات مع ايران وسورية رائجة على مدى شهور في واشنطن. وعندما طرحت مجموعة دراسة العراق برئاسة هذه القضية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سارع بوش الى تبني خيار المواجهة. فإلى جانب توجيه اتهامات الى ايران بالتدخل في العراق، ظلت الولايات المتحدة في حالة مواجهة مع طهران بسبب برنامجها النووي. ووصف مسؤولون في الادارة الاميركية الاشارات المتضاربة كونها جزءا من استراتيجية دبلوماسية واسعة، إلا ان مسؤولا رفيعا في ادارة بوش قال ان هناك بعض المسؤولين الذين يؤيدون إجراء محادثات مع ايران وسورية، لكنهم لا يريدون ان تظهر واشنطن وكأنها تجري محادثات مع طهران او دمشق من موقع ضعف. ويؤكد مسؤولون، ان لهجة المواجهة التي تتحدث بها واشنطن تجعل الولايات المتحدة ممسكة بزمام المبادرة.

*خدمة «نيويورك تايمز» شارك في إعداد هذا التقرير كل من هيلين كوبر من واشنطن وكيرك سيمبل من بغداد ومارك مازيتي من واشنطن.