انتقل حوالي 160 ألف عراقي الى الشمال الكردي هربا من العنف الطائفي المتصاعد، وفقا لمسودة تقرير أعدته مجموعة دولية تتابع اوضاع اللاجئين والمهجرين. وهذا الرقم، هو أول رقم شامل للهاربين الى كردستان العراق ينشر من جانب اية منظمة، كما انه أعلى بكثير من التقديرات الجزئية التي كشف عنها مسؤولون اكراد سابقا. وتقول مسودة التقرير الذي اعدته منظمة «ريفيوجيز انترناشينال»، التي تتخذ من واشنطن مقرا لها، ان العراقيين الذين فروا باتجاه الشمال يواجهون ظروفا حياتية قاسية، فالتضخم متصاعد وفرص العمل قليلة. ولا يتيسر الكثير من المساعدات لأولئك المهجرين أو غيرهم من المهجرين العراقيين داخل بلدهم، لأن الحكومتين العراقية والأميركية، وكذلك الأمم المتحدة، فشلت في الاعتراف بمدى الأزمة، وفقا لما قاله التقرير.
ويعتمد رقم 160 ألفا الذي اورده التقرير عن المهجرين العراقيين الى كردستان على تقديرات جمعية الهلال الأحمر العراقية. ويصعب الحصول على الاحصائيات الحكومية. ففي أغسطس (آب) الماضي قال مدير الأمن في السليمانية، أكبر مدينة في شرق كردستان، ان حوالي ألف عائلة عربية انتقلت الى منطقة السليمانية وان هناك آلافا اخرى من العائلات استقرت في أجزاء أخرى من الشمال الكردي، وقال المدير شوكت حسن جلال ان معظم المهاجرين هم من العرب السنة.
وقام باحثان من منظمة «ريفيوجيز انترناشينال» مؤخرا بمسح لمدة اسبوعين حول الظروف في كردستان العراق ووجدا، وفقا لما قاله التقرير، ان «كثيرا من المهجرين داخليا يصارعون من أجل البقاء على قيد الحياة، وهم ضحايا الاهمال، والموارد غير الكافية، والقضايا السياسية المحلية والعقبات البيروقراطية».
وقد شكلت حركة العراقيين داخل وخارج بلدهم الهجرة الأوسع للاجئين. وتقدر الأمم المتحدة ان مليوني عراقي فروا من البلد الذي يبلغ تعداد سكانه 26 مليون نسمة. ووفقا لأرقام الأمم المتحدة فان 727 ألف شخص هجروا داخل البلد منذ أن أدى تفجير المرقد الشيعي في سامراء في فبراير (شباط) 2006 الى تصاعد موجات من العنف الطائفي. وتقول وزارة الهجرة والمهجرين العراقية ان حوالي 470 ألف مهجر سجلوا رسميا مع الحكومة منذ سقوط صدام حسين على الرغم من ان ذلك الرقم هو اقل من الرقم الفعلي.
وتقف وراء هذه الحركة اعمال القتل والترويع الطائفي التي تجري في المناطق العربية السنية والشيعية المختلطة. وقد فر كثير من العراقيين الى الشمال الكردي بسبب الأمان النسبي هناك. ولدى كردستان العراقية ميليشيا واسعة تحرس حدودها، كما انه يعتقد أن اقتصاد كردستان العراق ينمو بصورة اسرع من بقية انحاء العراق. ويتعين على العراقيين المنتقلين الى الشمال المرور عبر نقاط تفتيش امنية وتقديم اسم ضامن كردي. ويواجه اللاجئون العرب مصاعب اكبر من التي يواجهها الأكراد او المسيحيون، فيما يواجه العازبون العرب الصعوبة الاكبر.
وتتمتع كردستان بالاستقلال الفعلي منذ عام 1991 عندما اقام الجيش الأميركي منطقة حظر طيران في المنطقة لمنع التدخلات من جانب قوات صدام حسين. ويفضل كثير من الأكراد الانفصال لكن الزعماء الأكراد يشعرون بالقلق من الاحتجاج الدولي الذي يمكن أن تثيره هذه الخطوة، وخصوصا من تركيا وايران وسورية، التي تخشى أنها يمكن ان تشجع النزعة الانفصالية بين سكانها الأكراد الذين يشكلون نسبة غير قليلة.
وقال تقرير «ريفيوجيز انترناشينال» ان الأكراد من خارج كردستان لا يتمتعون بالضرورة بتسهيلات في الانتقال الى المنطقة. فالمسؤولون الأكراد يفضلون أن يبقى الأكراد الذين يعيشون في مناطق مختلطة مثل كركوك وخانقين في تلك المناطق، حتى تكون الحكومة الكردية قادرة، في وقت لاحق، على الادعاء الشرعي بعائدية تلك المناطق الى كردستان.
وأشار التقرير الى ان المسيحيين يتمتعون بسهولة أكبر في الانتقال الى كردستان العراق بالمقارنة مع المسلمين، وقال ان «المسيحيين المتوجهين الى دهوك يتلقون مساعدة مالية من حكومة اقليم كردستان بمقدار 85 دولارا شهريا، وكذلك قطعة أرض في قراهم الأصلية ومساعدة لبناء بيوت»، علما بأن وزير المالية في حكومة الاقليم مسيحي.
وقال التقرير انه على العموم فان المهجرين «الذين يصلون الى المحافظات الكردية لابد ان يتجاوزا مصاعب في العثور على بيت او ملجأ او عمل وتعليم لأطفالهم. وقد جرى التوصل الى هذا الاستنتاج اعتمادا على مقابلات اجراها الباحثان كريستيل يونس ونير روزين.
ولا يمكن للعائلات التي انتقلت من اماكن سكنها الأصلية الحصول على مؤونة الغذاء الشهرية من الحكومة، بموجب نظام اقيم في سنوات التسعينات، خلال فترة برنامج النفط مقابل الغذاء التابع للأمم المتحدة. وغالبا ما لا يتمكن اطفال المهجرين من التسجيل في المدارس، وهناك عدد قليل من المدارس التي تدرس باللغة العربية، وتصاعدت الايجارات في المناطق المدينية بشكل كبير.
ويوصي التقرير باتباع عدد من السبل للمساعدة في التخفيف من المشاكل. وقال انه يجب على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي اتخاذ خطوات عاجلة للتخفيف من معاناة المهجرين وان على الحكومة العراقية ان تعد نظام بطاقة تموينية جديدا يوفر للناس ان يتسلموا الأغذية والوقود في مناطق سكنهم الجديدة.
* خدمة «نيويورك تايمز»