البصرة: مسلحو «جيش المهدي» يهاجمون منزل المحافظ ومقر حزب الفضيلة

تعدد الروايات عن الأسباب.. واتهامات لعناصر «منفلتة» من أتباع الصدر

TT

ساد التوتر مدينة البصرة أمس اثر اندلاع اشتباكات مسلحة بين ميليشيا «جيش المهدي» وحزب الفضيلة. وفرضت السلطات حظر التجول في المدينة، فيما افاد شهود بأن مسلحي «جيش المهدي»، التابع للزعيم الشيعي مقتدى الصدر هاجموا مقر الحزب الاسلامي. وذكر شهود عيان من موقع الحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن الاشتباكات بدأت عندما فرضت قوات من «جيش المهدي» سيطرتها على مبنى دائرة توزيع الكهرباء، الواقع بين مبنى المحافظة ومقر قاعدة القوات البريطانية، الذي أخلته قبل يومين، فتصدت لها ميليشيات أخرى من حزب الفضيلة، الذي ينتمي إليه محافظ البصرة وكبار المسؤولين وغالبية أعضاء مجلس المحافظة، في محاولة لطرد المسلحين وإعادة المبنى إلى سيطرة القوات المحلية. وذكر شهود آخرين أن مسلحي «جيش المهدي» هاجموا مقر حزب الفضيلة في منطقة الجزائر، وأضرموا النار فيه وسط دوي انفجارات وزخات كثيفة من الرصاص.

ولم يكن الوصول إلى مكان الاشتباكات سهلا، بعد اندفاع أعداد كبيرة من السيارات والدراجات البخارية الهاربة من مكان الحادث، حيث تحولت كل الشوارع إلى السير باتجاه واحد، خشية من الرصاص الطائش ومزاحمة عربات مدرعة لقوات الفوج الأول من الفرقة العسكرية العاشرة للجيش العراقي التي لم تتوان عن إطلاق الرصاص في الهواء لفتح الطريق أمامها.

وفي الوقت الذي رفض فيه عدد من القياديين بميليشيات التيار الصدري التصريح عن تداعيات الأحداث، قال مسؤولون حكوميون، طلبوا عدم ذكر أسمائهم لـ«الشرق الأوسط»، ان سبب الاشتباك يعود الى قيام دائرة الكهرباء بقطع كابل للتيار كان يغذي دار قيادي في التيار الصدري، تم ربطه بشكل غير مشروع، فيما أكد آخرون أن التيار الصدري يسعى للحصول على المبنى الذي أخلته القوات البريطانية لتحويلة إلى مقر جديد له.

من جهته، قلل قيادي من حزب الفضيلة من أهمية المواجهات، وقال حسين الموسوي، في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط» من بغداد، ان «ما حدث هو مجرد التباس وتم حله»، مشيرا الى ان «هناك عناصر منفلتة من جيش المهدي هاجمت بيت محافظ البصرة، وهو من حزب الفضيلة، كما هاجمت مقر الحزب». واضاف الموسوي ان «هذا الهجوم لم يكن بأمر من قيادة جيش المهدي، بل هو تصرف فردي وغير مسؤول، وقد اتصل الدكتور نديم الجابري (الامين العام لحزب الفضيلة) بمكتب الشهيد الصدر وتم حل الاشكال». واشار الموسوي الى ان «الشارع في البصرة في غالبيته شيعي، وليس هناك صراع بين الاحزاب والقوى الشيعية على تقسيم النفوذ، ونحن في الفضيلة لا ننظر الى المواطن باعتباره شيعيا او سنيا، بل كونه عراقيا ويجب خدمته، واذا ظهر هناك أي تنافس سياسي فهو تنافس مشروع ومسالم».

من جانبهم ، أكد سياسيون من أحزاب ليبرالية، ان «الاشتباك جاء نتيجة تداعيات انسحاب حزب الفضيلة من الإئتلاف الشيعي، واحداثه شرخا لإضعاف التكتل في مرحلة مهمة وخطيرة، منها استهداف القوات الأميركية للتيار الصدري».

وأفاد أهالي منطقة الساعي القريبة من منطقة الاشتباك، بأن قوات من الجيش فرضت طوقا على المنطقة، فيما توزعت دوريات من الشرطة المحلية في شوارع المدينة، وهي تعلن من خلال مكبرات الصوت فرض حظر التجوال وتدعو المواطنين إلى المكوث في بيوتهم حتى إشعار آخر. وانتشرت حالة من الارتباك والذعر في المنطقة المكتظة بعدد من المدارس الابتدائية والثانوية للبنات والدوائر الرسمية، نتيجة دوي انفجار الصواريخ وقذائف الهاون التي استخدمها الطرفان.

يذكر أن «جيش المهدي» في البصرة ينتشر بشكل واسع في المناطق الشعبية، خاصة في حي الحسين ولديه القدرة على المواجهة والقتال السريع مع القوات البريطانية باستخدام السيارات المكشوفة، من نوع بيك آب، وإجادة زرع العبوات الناسفة كمصائد للدوريات البريطانية. كما يتمتع التيار الذي اغلب عناصره من الشباب بنفوذ خفي في الأجهزة الأمنية، كما أكدت الأحداث السابقة. وفي تطور آخر، قال حكيم المياحي مسؤول اللجنة الأمنية الرقابية في مجلس محافظة البصرة، أمس إن مواجهات حدثت الليلة قبل الماضية بين معتقلي سجن (الشعيبة)، الذي تديره القوات البريطانية غرب المدينة، وبين حراسه، أسفرت عن إصابة خمسة من المعتقلين بجروح مختلفة. ولم يوضح المياحي أسباب اندلاع المواجهات، لكنه حمل القوات البريطانية التي تدير السجن مسؤولية تلك الأعمال، معتبرا أن حجز معتقلين من دون تهم واضحة، أو من دون تقديمهم إلى المحاكم أو تسليم ملفاتهم إلى القضاء العراقي، هو خرق لكل الأنظمة والقوانين العراقية والدولية ومبادئ حقوق الإنسان.