إعلان الرياض

TT

على مدى يومين اجتمع 21 ملكا ورئيسا وزعيما عربيا، بالإضافة إلى رؤساء دول إسلامية وافريقية ومنظمات دولية، في العاصمة السعودية الرياض خلال الفترة من 28 ـ 29 مارس (آذار) 2007، لحضور فعاليات القمة العربية العادية في دورتها التاسعة عشرة.

واتسمت «قمة التضامن» كما اصطلح على تسميتها، بالصراحة والوضوح في المواقف، حيث أكد خادم الحرمين الشريفين في كلمته الافتتاحية أهمية محاسبة النفس وعدم إلقاء اللوم على الآخرين، مؤكدا ان اللوم الحقيقي يقع على قادة الأمة العربية، فخلافاتهم الدائمة، ورفضهم الأخذ بأسباب الوحدة، جعل الأمة تفقد الثقة في مصداقيتهم، وتفقد الأمل في يومها وغدها، مشيرا إلى أن عودة الثقة مرهونة بعودة المصداقية، ومتى ما عادت المصداقية هبت رياح الأمل على الأمة.

صدر عن القمة العربية في اختتام أعمال دورتها التاسعة عشرة في الرياض «إعلان الرياض» وفيما يلي نصه:

نحن قادة الدول العربية المجتمعين في الدورة التاسعة عشرة لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة بالرياض عاصمة المملكة العربية السعودية يومي 9 و10 ربيع الأول 1428هـ الموافق 28 و29 مارس (آذار) 2007. استنادا إلى الأسس والمقاصد التي نص عليها ميثاق جامعة الدول العربية والمواثيق العربية الأخرى، بما فيها وثيقة العهد والوفاق والتضامن بين الدول العربية، ووثيقة التطوير والتحديث في الوطن العربي.

واستلهاما للقيم الدينية والعربية التي تنبذ كل أشكال الغلو والتطرف والعنصرية، وحرصا منا على تعزيز الهوية العربية، وترسيخ مقوماتها الحضارية والثقافية، ومواصلة رسالتها الإنسانية المنفتحة، في ظل ما تواجهه الأمة من تحديات ومخاطر تهدد بإعادة رسم الأوضاع في المنطقة، وتمييع الهوية العربية، وتقويض الروابط التي تجمعنا.

وتأكيدا على الضرورة الملحة لاستعادة روح التضامن العربي وحماية الأمن العربي الجماعي والدفع بالعمل العربي في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية والالتزام بالجدية والمصداقية في العمل العربي المشترك والوفاء بمتطلبات دعم جامعة الدول العربية ومؤسساتها.

نعلن عزمنا على:

ـ العمل الجاد لتحصين الهوية العربية ودعم مقوماتها ومرتكزاتها وترسيخ الانتماء إليها في قلوب الأطفال والناشئة والشباب وعقولهم، باعتبار أن العروبة ليست مفهوما عرقيا عنصريا بل هي هوية ثقافية موحدة، تلعب اللغة العربية دور المعبر عنها والحافظ لتراثها، وإطار حضاري مشترك قائم على القيم الروحية والأخلاقية والإنسانية، يثريه التنوع والتعدد، والانفتاح على الثقافات الإنسانية الأخرى، ومواكبة التطورات العلمية والتقنية المتسارعة، دون الذوبان أو التفتت أو فقدان التمايز، ولذلك نقرر:

ـ إعطاء أولوية قصوى لتطوير التعليم ومناهجه في العالم العربي، بما يعمق الانتماء العربي المشترك، ويستجيب لحاجات التطوير والتحديث والتنمية الشاملة، ويرسخ قيم الحوار والإبداع، ويكرس مبادئ حقوق الإنسان والمشاركة الإيجابية الفاعلة للمرأة.

ـ تطوير العمل العربي المشترك في المجالات التربوية والثقافية والعلمية، عبر تفعيل المؤسسات القائمة ومنحها الأهمية التي تستحقها، والموارد المالية والبشرية التي تحتاجها، خاصة فيما يتعلق بتطوير البحث العلمي، والإنتاج المشترك للكتب والبرامج والمواد المخصصة للأطفال والناشئة، وتدشين حركة ترجمة واسعة من اللغة العربية وإليها، وتعزيز حضور اللغة العربية في جميع الميادين بما في ذلك في وسائل الاتصال والإعلام والانترنت وفي مجالات العلوم والتقنية.

ـ نشر ثقافة الاعتدال والتسامح والحوار والانفتاح ورفض كل أشكال الإرهاب والغلو والتطرف وجميع التوجهات العنصرية الإقصائية وحملات الكراهية والتشويه ومحاولات التشكيك في قيمنا الإنسانية أو المساس بالمعتقدات والمقدسات الدينية والتحذير من توظيف التعددية المذهبية والطائفية لأغراض سياسية تستهدف تجزئة الأمة وتقسيم دولها وشعوبها وإشعال الفتن والصراعات الأهلية المدمرة فيها.

ـ ترسيخ التضامن العربي الفاعل الذي يحتوي الأزمات ويفض النزاعات بين الدول الأعضاء بالطرق السلمية وفي إطار تفعيل مجلس السلم والأمن العربي الذي أقرته القمم العربية السابقة، وتنمية الحوار مع دول الجوار الإقليمي وفق مواقف عربية موحدة ومحددة، وإحياء مؤسسات حماية الأمن العربي الجماعي وتأكيد مرجعياته التي تنص عليها المواثيق العربية والسعي لتلبية الحاجات الدفاعية والأمنية العربية.

ـ تأكيد خيار السلام العادل والشامل باعتباره خيارا استراتيجيا للأمة العربية وعلى المبادرة العربية للسلام التي ترسم النهج الصحيح للوصول إلى تسوية سلمية للصراع العربي ـ الإسرائيلي، مستندة إلى مبادئ الشرعية الدولية وقراراتها ومبدأ الأرض مقابل السلام.

ـ تأكيد أهمية خلو المنطقة من كافة أسلحة الدمار الشامل بعيدا عن ازدواجية المعايير وانتقائيتها، محذرين من إطلاق سباق خطير ومدمر للتسلح النووي في المنطقة، ومؤكدين على حق جميع الدول في امتلاك الطاقة النووية السلمية وفقا للمرجعيات الدولية ونظام التفتيش والمراقبة المنبثق عنها.

إن ما تجتازه منطقتنا من أوضاع خطيرة تستباح فيها الأرض العربية وتتبدد بها الطاقات والموارد العربية، وتنحسر معها الهوية العربية والانتماء العربي والثقافة العربية، يستوجب منا جميعا أن نقف مع النفس وقفة تأمل صادق ومراجعة شاملة. وإننا جميعا قادة ومسؤولين ومواطنين آباء وأمهات وأبناء شركاء في رسم مصيرنا بأنفسنا، وفي الحفاظ على هويتنا وثقافتنا وقيمنا وحقوقنا. إن الأمم الأصيلة الحية تمر بالأزمات الطاحنة فلا تزيدها إلا إيمانا وتصميما. وان أمتنا العربية قادرة بإذن الله حين توحد صفوفها وتعزز عملها المشترك أن تحقق ما تستحقه من أمن وكرامة ورخاء وازدهــار.