تلعفر: أطفال يستقبلون صباحهم بين الأنقاض وبلا آباء أو أمهات

التاريخ الحديث لم يشهد احتراق مدينة مرتين خلال عام واحد سواها والفلوجة

TT

لم يتوقع الطفل احمد اكرم البالغ من العمر 8 أعوام أنه سيقضي26 ساعة تحت انقاض منزله الكائن في حي الوحدة في تلعفر، حيث تهدم في تفجيري الثلاثاء الماضي، وانه بعد إنقاذه من تحت الانقاض سيجد ان ارض بلدته قد اصطبغت بدماء أبنائها الذين قتل منهم نحو 160 وجرح حوالي250 آخرين في اكبر تفجير من نوعه في العراق أعقبته عمليات انتقامية نفذتها ميليشيات ساندتها عناصر من الشرطة.

فبعد يوم كامل من عمليات رفع أنقاض المنازل المهدمة، تم العثور على أحمد وانتشاله من بين أكوام الحجارة المتكسرة ونقل الى المستشفى بعد ان أفرغ فمه من التراب والحصى الصغيرة. ولم يكن أحمد الذي شاهد صباحه دون أبوين هو الوحيد، بل ان العديد من الأطفال قد فقدوا آبائهم اثر تلك الأعمال، حسبما قال العديد من سكان تلعفر. وخلف أحد التفجيرين حفرة كبيرة في الشارع ومباني مهدمة في منطقة واسعة ظهرت بين أنقاضها جثث كثيرة، واجتذب المهاجم الضحايا الى موقع الانفجار متظاهرا بأنه يبيع طحينا محملا على شاحنته، وخلف الحادث أعدادا كبيرة من الضحايا الشيعة. وانطلقت الأعمال الانتقامية لتخلف بحسب آخر الإحصائيات الرسمية للجيش العراقي والمصادر الطبية70 قتيلا و30 جريحا و40 مفقودا بينهم نساء وأطفال وجميعهم من السنة.

وتقع مدينة تلعفر التركمانية في قلب منطقة الجزيرة شمال غربي العراق (65 كلم غرب مدينة الموصل مركز محافظة نينوى). وبالرغم من أنها مدينة تركمانية، إلا أن أصول الكثير من سكانها عربية، حيث كانت قرية صغيرة في العصر الآشوري، وقد ورد اسمها في التوراة باسم « تالاسار». وقد نمت وتطورت بعد أن وضع فيها السلطان مراد الرابع حامية عثمانية عام 1624، بعد أن استعاد العراق من السيطرة الصفوية. وباستثناء مشاركة أبناء تلعفر في ثورة العشرين فقد عاشت تاريخاً هادئا. ويتكلم أهل تلعفر لهجة تركمانية خاصة تنتمي إلى أصول أذرية، ويبلغ تعدادهم حسب إحصاء عام 2004 اعتمادا على المسجلين في البطاقة التموينية ( 168000) نسمة وجميعهم من المسلمين، ويشكل السنة فيها (%70 ) مقابل (%30) من الشيعة كانوا يتميزون بعلاقات اجتماعية حميمة حتى العمليات العسكرية التي شهدتها المدينة عام 2004 والتي نفذها الجيش الأميركي والعراقي.

ومن أهم التنظيمات السياسية في تلعفر الجبهة التركمانية العراقية، الحزب الإسلامي العراقي، المجلس الأعلى للثورة الإسلامية ومكاتب للتيار الصدري. أما الوضع الأمني في تلعفر، فان التاريخ الحديث لم يشهد احتراق مدينة مرتين خلال عام واحد سوى تلعفر والفلوجة؛ ففي سبتمبر (أيلول) 2004 وفي عهد رئيس الوزراء السابق أياد علاوي، تعرضت تلعفر إلى حملة عسكرية كبيرة قادتها القوات الأميركية تساندها وحدات من الجيش العراقي استمرت عشرة أيام لتطهير المدينة من المسلحين. وبعد عام أصدر إبراهيم الجعفري رئيس الوزراء العراقي السابق، أوامره في 5 سبتمبر (أيلول) 2005 ببدء العلميات العسكرية التي قادها الجيش الأميركي بمساندة من الجيش العراق ضد بقايا الجماعات المسلحة.