الجنرال بترايوس: نواجه نكسات.. وعلى العراقيين التعايش مع «الواقع الحالي»

قائد القوات الأميركية في العراق قال إن قواته حققت تقدما طفيفا وهناك شكوك في تحقيق نجاح بنهاية المطاف

TT

قال قائد القوات الأميركية في العراق الجنرال ديفيد بترايوس، إن الزيادة المتحققة في عدد القوات الأميركية التي ستصل إلى حوالي 30 ألف جندي للبلد، قد حققت «تقدما متواضعا»، لكنها واجهت نكسات أيضا مثل الارتفاع في العمليات الانتحارية المهلكة ومشاكل أخرى، مما تثير شكوكا فيما إذا استراتيجيته لمواجهة التمرد ستحقق في نهاية المطاف نجاحا.

وكانت ردود فعل عدد من الضباط الكبار في الجيش الأميركي بمن فيهم الجنرال بترايوس، تجاه الخطة الهادفة لتحييد بغداد من العنف، متباينة. فهم إذ يرون أن زيادة عدد القوات العراقية ـ الأميركية المشتركة أدى إلى تحسن في الوضع الأمني ببغداد ومحافظة الانبار، لكن الهجمات زادت في أماكن أخرى. وقال هؤلاء إن على الزعماء العراقيين أن يطرحوا تنازلات سياسية مطلوبة حاليا من أجل تحقق استقرار بعيد المدى.

وقال بترايوس: «في يوم سيئ، أنا أتحرك جوا فوق بغداد للتأكد بنفسي من أن حياة المدينة ما زالت مستمرة». قال وهو يشاهد رجلا يصلح ساحة لكرة القدم، ضاحكا: «إنه يسقي في الحقيقة الحشيش»، وكان هناك أطفال بالقرب منه يلعبون كرة القدم. وبعد لحظات دارت الطائرة مرة أخرى لتحلق فوق محلات مهجورة، وشوارع مملوءة بالنفايات. وكان هناك نهر دجلة، وبرزت كمية من الحديد المطعَّج أمامه وهي بقية جسر الصرافية الذي تعرض للتفجير يوم 12 أبريل وسط سلسلة من العمليات الانتحارية الاستعراضية.

قال بترايوس: «هذه انتكاسة. هذا محطم للقلب».

ثم مضت الطائرة عبر كل المدينة، في وقت ظل قائد القوات الاميركية يعطي تعليماته للسائق كي يتمكن من متابعة المشهد مع كل التحسينات الصغيرة التي طرأت عليه. كانت هناك سيارة بيك آب محملة بالنفايات وسيارة شرطة في دورية، وخط صغير من المنتظرين أمام محطة وقود، وكأنهم مادة أولية لمجزرة أخرى في بغداد. وهناك بارك للتسلية والحياة فيه عامرة مما استدعى إجراء دورة أخرى حوله.

وقال بترايوس مقارنا علامات الحياة الآن قياسا بصدمته عند وقوع التدهور الخطير في الأمن داخل أجزاء من العاصمة لحظة وصوله إليها في شهر فبراير: «نحن بالتأكيد حافظنا على ثبات المناطق السكنية بعدما وصلت إلى حافة السقوط».

وقال بترايوس، مشيرا الى حاجز يرتفع في حي بغرب بغداد، ان «ذلك جزء من جدار كونكريتي حام. كان ذلك السوق قد أغلق بالكامل عندما توليت المهمة، أما الآن ففيه 200 محل». وساعدت الجدران على ابعاد تفجيرات السيارات المتعددة في بغداد يوم الأربعاء الماضي التي قتلت ما يزيد على 170 شخصا. فقد انفجرت ثلاث منها بعيدا عن أهدافها، ولكن المفجر الرابع تمكن من الدخول الى السوق لأن احدا أزال جزءا من الحاجز من أجل الحصول على مدخل سهل، وفقا لما قاله المسؤولون الأميركيون.

وقال فالون، قائد القيادة الوسطى الأميركية، انه «عندما تكون لديك هذه التفجيرات الكبيرة هناك مخاطرة عالية في تراجع كبير لأنها توجه رسالة حول عدم الاستقرار وغياب الأمن».

واعترف القادة العسكريون بأنه من المستحيل فعليا ازالة التفجيرات الانتحارية. وقال بترايوس «لا أعتقد أنه سيجري التخلص من جميع التفجيرات بالسيارات المفخخة. وسيتعين على العراق ان يتعلم العيش مع درجة معينة من الهجمات الكبيرة». وقال ان الهدف الأكثر واقعية يتمثل في منع المفجرين من إحداث «دمار مروع».

والقلق الرئيسي الآخر الذي يشعر به القادة العسكريون الأميركيون، هو ما اذا كانت حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي قادرة على تعزيز المكاسب الأمنية وكذلك القيام بالتسويات السياسية الحاسمة الضرورية لتحقيق السلام. وقال أودرنو «هل سيخلق العراقيون القدرة في قواتهم الأمنية وفي حكومتهم لتعزيز هذا الوضع بمرور الزمن؟». وقال فالون ان الزعماء العراقيين «يأتون من خلفيات سياسية ضيقة، ولكن يوجد الآن أمل في انهم سيكونون قادرين على اتخاذ قرارات خارج اطار الجماعة التي يمثلونها». وقال القادة العسكريون الأميركيون انه حتى الآن على الأقل فان التفجيرات في الأحياء الشيعية ببغداد لم تستفز الميليشيات الشيعية وتحفزها على شن موجة جديدة من أعمال القتل الانتقامي. وفضلا عن ذلك فان الميليشيات الشيعية، وبينها جيش المهدي الذي يقوده رجل الدين مقتدى الصدر، لم تشرع بمقاومة القوات الأميركية والعراقية. غير انهم ما زالوا يعترفون بأن نوايا الصدر تبقى غير واضحة. وساعدت زيادة القوات بأربعة آلاف من المارينز في محافظة الأنبار، على تقليص العنف في هذه المحافظة التي تعتبر من معاقل المتمردين السنة. وقال الجنرال والتر غاسكين، القائد الأميركي في الأنبار، ان «زيادة القوات منحتنا القدرة على التوجه الى خارج المراكز السكانية» الى المناطق التي يتدرب فيها المتمردون ويخزنون فيها اسلحتهم ويجدون فيها ملاذات.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ (خاص بـ«الشرق الأوسط»)