غياب السلطة المركزية وتداخل مصالح الأحزاب وراء تداعيات أزمة البصرة

أوضاع المحافظة تبقى متفجرة مع تمسك محافظها بمنصبه

TT

هل بات محافظ البصرة ضحية سوء إدارة الحكومة المركزية؟ وهل تسبب تأخر صدور قانون الأقاليم والمحافظات في عدم وضوح الرؤيا في صلاحيات مجالس المحافظات؟ من هي الجهة المسؤولة عن إبقاء أو إقالة المحافظين؟ ما هو دور وزير الدولة لشؤون المحافظات في أزمة البصرة؟

تداول سكان محافظة البصرة أمس هذه الأسئلة وغيرها بعد تمسك المحافظ محمد مصبح الوائلي بمنصبه والاستمرار بمزاولة أعمالة الاعتيادية بالرغم من توصل أعضاء مجلس المحافظة إلى إصدار قرار (بالاقتراع السري) بحجب الثقة عنة وتباشير الأحزاب المناوئة له بتحقيق مطالبها بعد عناء استمر عشرين يوما من التظاهرات والاعتصام التي شابتها أعمال عنف مسلحة.

وبرغم إدراك محافظ البصرة ان منصب المحافظ مرتبط بديمومة مواقف حزب الفضيلة الإسلامي مع حلفاء الأمس في كتلة الائتلاف الشيعي وعند خروج الحزب منها مؤخرا، بات هذا المنصب «مسألة فيها نظر»، إلا أن المحافظ ما زال متمسكا بشرعية بقائه.

من جانبه، اعتبر عضو مجلس المحافظة ورئيس لجنته القانونية والإدارية جعفر عبد الكريم حسين، أن قرار حجب الثقة عن المحافظ «غير قانوني»، وقال للصحافيين إن «الدستور العراقي والفقرة رقم (71) من قانون إدارة الدولة، الذي لم يزل نافذا حتى الآن، لم يشيرا إلى أي نوع من حجب الثقة.. بل أوضحا أن إقالة محافظ أي مدينة تكون بأغلبية ثلثي الأعضاء، وعبر التصويت المباشر في مكان رسمي معلوم.. وليس عبر بيانات أو وسائل دعائية وإعلامية». وأشار الى ان «قرار حجب الثقة قد اتخذ خلال اجتماع سري في إحدى الدور السكنية بدلا من انعقاده في مكانة الرسمي.. وان القرار حصل على 27 صوتا من مجموع أربعين عضوا، وبذلك لم يحصل القرار على ثلثي الأصوات».

ولم يكن محافظ البصرة وحده مندهشا من الموقف الضعيف والباهت من الحكومة المركزية والبرلمان من أزمة المحافظة، بل استغربت قطاعات واسعة من سكان المحافظة من عدم الاهتمام بهذه المشكلة التي خلقت أزمة كبيرة ألزمت طلاب الجامعة والمدارس وأصحاب المهن الحرة والموظفين عدة أيام المكوث في دورهم خشية نشوب أعمال العنف.

ويرى سياسيون اشترطوا عدم ذكر أسمائهم لـ«الشرق الأوسط» أن سبب ألازمة يكمن في «الموقف المتصلب لمحافظ البصرة من التدخل الإيراني ومحاولته تحجيم دور الميليشيات، وسعيه إلى التخلص من العناصر المتحزبة داخل أجهزة الشرطة وارتباطه الوثيق بالقوات البريطانية وحرصه على إبقاء الملف الأمني بأيديهم ووضعه في مواجهة مع جماعات في التيار الصدري واتهامه بتنفيذ عمليات اغتيالات ضد معارضيه واستحواذه على موارد مالية كبيرة جراء عمليات تهريب النفط وفرض حزب الفضيلة هيمنته على المرافق المهمة بالمحافظة ومحاولات إحالة المشاريع الاستثمارية إلى شركات خليجية تربطهم بها علاقات خاصة على حساب المصلحة الوطنية وخلقه منازعات مع عشائر كبيرة ونعته لأجهزة الشرطة بالتسيب والتحزب ومطالبته المستمرة السلطة المركزية بإقالة قائد الشرطة».

ومما زاد الطين بلة ردود فعل غاضبة عبرت عنها قطاعات واسعة في التيار الصدري بالمحافظة، من دون ان تفصح عنها، عقب بيان الجيش الأميركي الذي أعلن فيه اول من امس، ان قوات عراقية خاصة شنت غارة الاثنين وانها اعتقلت سيد صالح الجيزاني.. وهو شخص يعتقد انه كان قائدا لجماعة مسلحة لها علاقة بميليشيا جيش المهدي في البصرة، مشيرا إلى ان قوات أميركية شاركت في هذه العملية وكانت مهمتها تقديم المشورة. وقال البيان إن الجيزاني «كان مسلحا وكان يرتدي سترة واقية ضد الرصاص لحظة اعتقاله.. وانه لم يظهر أي مقاومة عندما تم اعتقاله مع سبعة أشخاص آخرين مشتبه فيهم». ووصف البيان الجيزاني بأن «له علاقة بعمليات لفرق الموت.. وانه مسؤول عن تمويل مسلحين وتقديم السلاح لهم والمساعدة في إقناع أشخاص للتطوع والانضمام للميليشيات». وعلى صعيد العنف والعنف المضاد، لقي خمسة أشخاص حتفهم الليلة قبل الماضية اثر قيام طائرة بريطانية بإطلاق نيرانها على مجموعة أشخاص في تقاطع ساحة سعد. وقال مصدر أمني «إن هذا الحادث يأتي بعد ان كثفت الطائرات البريطانية طلعاتها مؤخرا بعد ارتفاع أعداد الهجمات التي تتعرض لها مقراتها بواسطة النيران المنطلقة عن بعد».