الإصلاحيون السجناء.. تحد آخر للرئيس الإيراني

TT

تقدمت مرضية (15 عاما) باتجاه المنصة امام حوالي 10 آلاف طالب تجمعوا لتأكيد تأييدهم للرئيس محمد خاتمي وقالت: «الانتخابات المقبلة هي الأولى التي يحق لي التصويت فيها»، واعلنت باكية انها ابنة احد السجناء السياسيين ربت خاتمي على كتف مرضية فيما بدأت تعلو هتافات الطلاب مطالبين باطلاق سراح المسجونين السياسيين.

ولكن بخلاف كلمات المجاملة والتهدئة ليس في يد الرئيس خاتمي ما يمكن ان يقدمه لمرضية. فقد ثبت عجزه عن فعل أي شيء لوقف اعتقال العشرات من حلفائه مثل وزير داخليته عبد الله نوري والكثير من الصحافيين الاصلاحيين الى جانب قادة الطلاب والناشطين السياسيين. وفيما يسعى خاتمي الى اعادة انتخابه رئيسا يوم الجمعة المقبل، فان الاجراءات الصارمة لعلماء الدين المتشددين شكلت ضعفا واضحا لدى خاتمي بات بمثابة هاجس خلال حملة اعادة انتخابه رئيسا لإيران. فكل ما كان بيد خاتمي في الندوة السياسية التي اقيمت يوم السبت الماضي هو مطالبة مؤيديه الشباب التزام الهدوء.

قال خاتمي مخاطبا الحضور: «الاهداف العليا تتطلب عملا شاقا ولا يجب ان ترهقكم العقبات» مؤكدا على ضرورة ان يطالب شباب ايران بـ«الحرية والكرامة والسلام والثقة» وعلى أهمية ان «يتمتع كل الايرانيين بالحرية».

القي القبض على محمد باسته نيجار، والد مرضية، وعشرين آخرين مقربين من بعض المجموعات الدينية في مارس (آذار) الماضي بتهم غامضة تتعلق بـ«التدبير لإطاحة الحكم الاسلامي»، اذ يخضع اكثر من عشرة من هؤلاء للحبس الانفرادي في احد مراكز اعتقال يشرف عليه الجهاز القضائي الذي يسيطر عليه علماء الدين المتشددين. وطبقا لما ذكره ذوو المعتقلين، فان احوالهم الصحية تدهورت خلال فترة الاعتقال، كما ان الوضع الصحي لباسته نيجار تدهور بفعل مرض السكر الذي يعاني منه.

ويعاني معتقل آخر هو محمد مالكي (67 عاما) من مشاكل في القلب، اذ قال النائب البرلماني الاصلاحي احمد برقاني ان باسته نيجار ومالكي يجب ان يكونا في المستشفى بدلا من الحبس الانفرادي. وتقول نرجس محمدي، وهي زوجة سجين سياسي آخر، ان زوجها يعاني من اسوأ انواع التعذيب النفسي ولا يسمح له بتلقي أي اخبار من الخارج. ويبقى الأمل الوحيد لنرجس في جهود اعضاء البرلمان الايراني الاصلاحيين الذين طالبوا القضاء بتقديم مبررات لحبسهم غير ان القضاء رفض الرد.

وتبدو اعادة انتخاب خاتمي شبه مضمونة، فليس هناك منافسون يحظون بشعبيته، والمتوقع ان تشهد الانتخابات المرتقبة اقبالا واسعا من المؤيدين لحركة الاصلاح التي يقودها. المتشددون من جانبهم كثفوا من هجومهم على الاصلاحيين قبيل الانتخابات في محاولة لعرقلة تأييد خاتمي. وكان التلفزيون الحكومي قد بث في الآونة الأخيرة اعترافا مسجلا للقائد الطلابي علي افشاري، الذي بدا شاحبا ومتوترا، بانه كان وراء مخطط لاطاحة الحكم الاسلامي، غير ان الطلاب والاصلاحيين رفضوا هذا الاعتراف على اعتبار انه انتزع من افشاري بعد اشهر من الحبس الانفرادي. وكان الاعتراف المشار اليه قد استخدم كأساس لتوجيه تهم جديدة ضد الصحافيين الاصلاحيين محمود شمس الواعظين واكبر كنجي الى جانب مسجونين آخرين.

وقد وجه البرلمان الايراني الذي يسيطر عليه الاصلاحيون، ضربة للمتشددين باجازته، لأول مرة منذ ثورة عام 1979، قانونا يعرف الجريمة السياسية. وينص القانون الجديد على وجود محاكم مدنية مفتوحة وهيئات محلفين. علما بان المحاكمات السياسية تجري دائما وراء ابواب مغلقة. وربما يؤدي القانون الجديد الى اجراء محاكمات جديدة لعشرات المسجونين السياسيين. غير ان هذا القانون في حاجة قبل تطبيقه الى المصادقة عليه من «مجلس صيانة الدستور» الذي يسيطر عليه المتشددون.

ويرى النائب برقاني ان الاصلاحيين يعتقدون ان انجازات خاتمي خلال السنوات الاربع السابقة كانت كبيرة. ويضيف ان الكثير من المفكرين دخل ساحة الجدل السياسي الدائر. غير ان برقاني يعتقد انه «لا بد من دفع ثمن للديمقراطية» وان انتصارهم يتمثل في ان غالبية الشعب لا تزال تؤيد الاصلاح.

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»