تركيا: انتحاري كردي نفذ انفجار أنقرة .. وترجيح أن الهجوم استهدف قائد الجيش

حزب العمال ينفي مسؤوليته واعتقال 2 بحوزتهما 5 كيلوجرامات متفجرات في أضنة

TT

أعلن حاكم أنقرة، كمال اونال ان انتحاريا يشتبه في انتمائه الى حزب العمال الكردستاني الانفصالي هو الذي نفذ انفجار القنبلة الذي أسفر عن مقتل ستة اشخاص، وإصابة أكثر من مئة في العاصمة التركية أنقرة ليل اول من امس. واوضح اونال للصحافيين ان الشرطة عثرت على اطراف جسد تعود لشاب يبلغ من العمر 28 عاما وسبق ان ارتكب جرائم في الماضي، ولم يرد اسمه في لائحة الاشخاص الستة الذين اعلنت وفاتهم اثر الانفجار. ويأتي ذلك فيما قالت وكالة انباء الاناضول انه تم اعتقال رجل وامرأة امس بحوزتهما خمسة كيلوجرامات من المتفجرات البلاستيكية في مدينة أضنة بجنوب تركيا. ولم تتوفر على الفور أي معلومات اخرى حول ما اذا كانت السلطات احبطت هجوما آخر. وأعلن حاكم انقرة كمال اونال ان ملابس الانتحاري غوفين اكوس، من مواليد 1979، اظهرت انه نفذ الاعتداء بواسطة عبوة بلاستيكية كان يحملها وان هذا النوع من المتفجرات غالبا ما يستخدمه حزب العمال الكردستاني. وتصادر السلطات الأمنية التركية على الدوام هذا النوع من المتفجرات التي تقول ان مصدرها شمال العراق حيث يمتلك حزب العمال الكردستاني الذي تعتبره كل من انقرة وواشنطن والاتحاد الاوروبي منظمة ارهابية، عددا من مخيمات التدريب. ونشرت الصحف التركية ان السلطات اعتقلت ثمانية مشتبه فيهم. لكن حزب العمال الكردستاني رفض الاتهامات له بالضلوع في التفجير، وأعلنت وكالة انباء الفرات القريبة من الاكراد أمس ان حزب العمال، المحظور في تركيا، نفى أية علاقة له بالاعتداء الانتحاري. وجاء في بيان أصدره الحزب ونشرته الوكالة «نعلن ان لا علاقة لنا بهذا الهجوم وأننا لا نوافق على هذا النوع من الأفعال». وقدم البيان تعازيه الى عائلات الضحايا متمنيا للجرحى الشفاء العاجل. وبحسب حصيلة جديدة اعلن عنها مكتب رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان فقد اسفر الاعتداء الذي نفذه انتحاري امام مركز تجاري في العاصمة في ساعة الذروة الى جانب القتلى السبعة عن 121 جريحا.

وصباح امس رفع اصحاب المحال التجارية في المركز الذي استهدفه الانفجار أعلاما تركية على نوافذهم المحطمة تعبيرا عن استنكار الاعتداء. ونفت السفارة الباكستانية في انقرة امس المعلومات التي ذكرها رئيس الوزراء التركي حول مقتل احد رعاياها في الانفجار. واعلنت السفارة لوكالة الصحافة الفرنسية ان ثمانية من رعاياها جرحوا في الاعتداء. واضافت «الاصابة الابلغ بينهم لحقت بامرأة تمت معالجتها الثلاثاء وباتت بحال جيدة»، أما الاصابات الاخرى فطفيفة بمعظمها. وكان الرعايا الباكستانيون يشاركون في المعرض الدولي للسلاح الذي افتتح صباح الثلاثاء. ومن ناحيته، عقد وزير الخارجية عبد الله غل امس اجتماعا طارئا لمجلس مكافحة الارهاب الذي يرأسه والذي يضم مسؤولين مدنيين وعسكريين وامنيين. ورجحت الصحف التركية ان يكون الاعتداء يستهدف قائد الجيش الجنرال يشار بويوكانيت الذي كان مقررا ان يسلك هذه الطريق متوجها من معرض السلاح نحو حفل استقبال في متحف الحضارات الاناضولية الذي يبعد بضع مئات الأمتار عن مكان وقوع الانفجار.

وأعلن الجنرال بويوكانيت اول من امس عقب عيادته الجرحى في المستشفى ان مدنا كبيرة اخرى قد تكون مستهدفة باعتداءات مماثلة. ويرغب الجيش التركي منذ مدة طويلة بان يشن هجوما على قواعد حزب العمال الكردستاني في شمال العراق غير ان الولايات المتحدة الحليفة لتركيا في حلف الاطلسي والتي اجتاحت العراق في 2003 تمنع انقرة من شن عملية عسكرية عبر الحدود، معتبرة ان من شأن عملية مماثلة ان تقضي على الاستقرار الذي ينعم به شمال العراق. ويأتي انفجار انقرة قبيل الانتخابات النيابية المسبقة التي قررت حكومة اردوغان إجراءها في مخرج للأزمة السياسية التي نتجت عن فشل انتخاب رئيس للجمهورية.

وادانت الرئاسة الالمانية للاتحاد الاوروبي هذا الانفجار واصفة اياه بـ«الاعتداء الارهابي الوحشي» و«الجبان». وأعلنت الرئاسة الالمانية انها «تدين بشدة هذه الجريمة الفظيعة وتتقدم من ذوي الضحايا بأحر التعازي»، معربة عن «تضامنها مع الشعب التركي». كما ادانت الاعتداء المفوضية الاوروبية، حيث اعلنت من ستراسبورغ مفوضة توسيع الاتحاد الاوروبي اوللي رين في بيان: «ادين بشدة هذا الاعتداء المروع والجبان وأقدم تعازي الى عائلات الضحايا واصدقائهم». وكانت الصحف التركية قد اجمعت على القول ان هذا «الاعتداء الجبان» ارتكبه من دون ادنى شك الانفصاليون الاكراد، سواء اكانوا من حزب العمال الكردستاني او من صقور الحرية في كردستان، وهي مجموعة متطرفة منبثقة عن الحزب سبق لها ان تبنت عددا من الاعتداءات الدموية التي استهدفت على وجه الخصوص مراكز سياحية في تركيا. وسبق لأنقرة ، وهي القلب الاداري للبلاد وتعد نحو اربعة ملايين نسمة، أن شهدت عدة اعتداءات ارهابية.

وعاشت تركيا امس وقع الصدمة التي احدثها الانفجار الذي وقع ليل الثلاثاء في وسط انقرة ودوى الانفجار في ساعة الذروة امام مركز تجاري في اولوس قرب الحي التاريخي في انقرة، بينما كان السكان يتوجهون نحو مواقف الحافلات. واستنكر اردوغان، الذي تفقد مكان الحادث على الفور «الاعتداء الارهابي».

وانخفضت قيمة العملة التركية وتراجعت سوق الاسهم امس بسبب القلق بشأن الاستقرار المحلي بعد الهجوم. ودعت حكومة اردوغان الى انتخابات عامة قبل الموعد المقرر لحل صراع مع العلمانيين بشأن انتخابات الرئاسة في الآونة الاخيرة. وأجهضت المؤسسة العلمانية بمن فيها الجيش والقضاة واحزاب المعارضة خطة الحكومة ذات التوجهات الاسلامية لانتخاب غل رئيسا خوفا من ان يضعف ذلك الفصل الرسمي بين الدين والدولة. ويعتقد ان الانفجار هو الأسوأ في عشر سنوات على الاقل الذي يصيب العاصمة وجاء في وقت توترات سياسية متزايدة في البلد الذي يتطلع الى الانضمام الى الاتحاد الاوروبي. ومنذ 1984 يواجه الجيش التركي الانفصاليين الاكراد في جنوب شرقي الاناضول حيث تقطن غالبية كردية، وقد اوقعت هذه المواجهة اكثر من 37 الف قتيل.