الرئاسة قد تعلن القسام خارجة على الشرعية والجهاد تحذر من ان تؤدي الصدامات إلى فصل غزة

إذا ما فشلت جهود الوفد الأمني المصري لوقف الاقتتال..

TT

تبذل جهود محدودة في محاولة لوقف الاقتتال الدامي في قطاع غزة، بين حركتي حماس وفتح، الذي يدخل يومه الرابع من دون هوادة. ويفترض ان تكون اللجنة المركزية لحركة فتح قد ناقشت في اجتماعها الليلة الماضية مجموعة من الخيارات، التي قد تتخذها اذا ما تواصلت الاشتباكات ورفضت حماس دعوات التهدئة واللقاءات التي يدعو اليها الوفد الامني المصري بينها وبين فتح لوقف القتال. ومن هذه الخيارات، حسب ما قاله مسؤول كبير في فتح لـ«الشرق الاوسط»، «اعلان القطيعة بين الرئاسة والحكومة وإقالة الحكومة واعتبار القوة التنفيذية وكتائب عز الدين القسام (الجناح العسكري لحماس) قوات خارجة عن القانون.

واعتبرت حماس أن قرار اللجنة المركزية لفتح بتعليق مشاركتها في حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية، ما لم يتم وقف الاقتتال، محاولة للابتزاز وممارسة الضغوط عليها، مؤكدة أن هذا الأسلوب مرفوض. وكانت اللجنة المركزية قد قررت تعليق عضوية وزرائها في حكومة اسماعيل هنية ردا على ما اسمته بتعنت حماس واستمرار المعارك في غزة. واستخف سامي أبو زهري، القيادي في الحركة، بقرار مركزية فتح وبين في تصريح لـ«المركز الفلسطيني للإعلام»: أن قرار مركزية فتح، لا قيمة له، مؤكداً عدم اكتراث حركة حماس بهذه التصريحات والممارسات التي وصفها بـ«الابتزازية». وقال: «إذا كانت حركة فتح معنية بوقف الاشتباكات، فالطريق أمامها واضح، وهو لجم التيار الانقلابي العميل والخائن فيها، لاسيما أن من يرتكب هذه الجرائم في شوارع غزة هم أفراد من الأجهزة الأمنية، تتبع رئيس السلطة والقائد العام لحركة فتح محمود عباس». وشدد ابو زهري على أن «بإمكان الرئيس عباس أن يتخذ القرارات المناسبة وإلزام هذا التيار بهذا إن كان معنياً فعلا بوقف الاقتتال في غزة»، لافتاً الانتباه إلى أن «كل المؤشرات تؤكد أن حركة فتح غير معنية بالتهدئة». وأكد أن فتح «باتت عاجزة عن السيطرة على التيار الانقلابي العميل بداخلها، مما يفرض على حماس الاستمرار في حماية أبناء شعبنا وأبناء الحركة في مواجهة هذا التيار العميل الخائن». وفي اطار جهود التهدئة تحادث الرئيس محمود عباس (ابومازن) هاتفيا ولاول مرة أمس مع خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، طالبا منه التدخل للجم الاطراف المسؤولة عن الاقتتال في حركة حماس، حسب قول مصدر في فتح لـ«الشرق الاوسط». واضاف المصدر ان المحادثة لم تسفر عن أي نتائج تذكر.

ودعا ابو مازن جميع الأطراف المتقاتلة في غزة، إلى التوقف فوراً عن سفك الدماء، مؤكداً ان استمرار القتال سيؤدي إلى انهيار الأوضاع بشكل مأساوي. وقال عقب مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية الهولندي مكسيم فير هافن، بمقر الرئاسة في مدينة رام الله في الضفة الغربية: «لا ألوم طرفاً بعينه، ألوم كل من يرفع السلاح في وجه أخيه، أياً كانت نتائجه، وأياً كانت أسبابه».

وأضاف: «أدعو الجميع إلى أن يتقوا الله، ثم يفكروا ماذا تكون الخطوة، التي تلي ذلك، ومن دون ذلك يكون الذي يحصل في غزة جنون، فليس هناك طرف واحد يتحمل المسؤولية، كل من يحمل السلاح يتحمل المسؤولية، لذلك ميدانياً يجب أن يتوقف الجميع».

واشار ابو مازن إلى دعوة مصرية مفتوحة منذ ثلاثة أيام، للقاء الطرفين المتقاتلين، «ومع الأسف لم يحدث هذا الطلب، واليوم أيضاً هناك دعوة لعقد مثل هذا اللقاء، من اجل وضع حد لهذا القتال الدموي».

وكان ابو مازن قد تحدث هاتفيا مع الوزير عمر سليمان، رئيس المخابرات المصرية، حول التهدئة والأوضاع الداخلية الفلسطينية، وعمل حكومة الوحدة الوطنية، حيث أكد ضرورة الالتزام بالتهدئة والحفاظ على روح اتفاق مكة، وتسهيل عمل الحكومة ودعمها.

واكد مسؤول مصرى رفيع المستوى فى تصريح اوردته وكالة معا الفلسطينية، أن سليمان يجري على مدار الساعة اتصالات عاجلة مع ابو مازن ومشعل وجميع الاطراف والقوى الفلسطينية على أعلى المستويات، بهدف احتواء الموقف المتدهور فى قطاع غزة. وشدد المسؤول المصري على ضرورة الوقف الفوري لهذه الاحداث التي تسيء الى القضية الفلسطينية والاحتكام الى لغة الحوار في حل الخلافات في وجهات النظر بين فتح وحماس. ويفترض ان يكون اللواء برهان حماد رئيس الوفد الأمني المصري، قد التقى امس قادة حماس، قبل اللقاء المقرر عقده في وقت لاحق بين حركتي فتح وحماس في مقر الوفد في مدينة غزة.

وقال حماد، في تصريح لتلفزيون فلسطين التابع للرئاسة الفلسطينية، «نحن منذ أمس على اتصال بالفصائل وحماس، وطلب وفد حماس أن يذهب الوفد المصري إليه، وقبلت أن نذهب إليهم بأي مكان، رغم الظروف الصعبة ومستعدون أن نلتقي بهم قبل اللقاء المرتقب بين فتح وحماس في مقر الوفد الأمني المصري».

وأكد حماد أن هذه المعركة لا يمكن حسمها بالسلاح لأن إسرائيل لا تسمح بوصولها، ولا توجد سوى الأسلحة الصغيرة التي لا تحسم الأمر. وتساءل لما يقتلون بعضهم؟ حرام الدم الطاهر يسيل بدون سبب، فهم يطمسون تاريخ القضية الفلسطينية ويقتلون الأمل والحياة».

دعت حركة الجهاد الإسلامي في بيان لها فتح وحماس إلى وقف الاقتتال الدائر بينهما بشكل فوري وإنهاء كافة مظاهر التسلح، مؤكدة أن ما يحدث أساء لجهاد ومقاومة الشعب الفلسطيني وأفقد القضية الفلسطينية عمقها العربي والدولي.

وقالت الحركة في بيان لها: «ما يحدث سوف يدخل القضية الفلسطينية برمتها لصالح مشاريع مدمرة لمستقبل القضية، وسيفقدنا ما تبقى من كسور عشرية من الأرض الفلسطينية وربما يؤدي إلى انفصال غزة عن الضفة وإحياء المشروع القديم لارييل شارون رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق بتحويل الأراضي الفلسطينية إلى كانتونين منفصلين».

واعتبرت الجهاد ان الاقتتال الداخلي يرسخ سوابق وثقافة القتل التي بدأت تتعمق في العقل والممارسة الداخلية الفلسطينية.

وقال الشيخ أبو الحسين أحد قادة حركة الجهاد في مدينة نابلس: «ان الوضع الفلسطيني أصبح لا يطاق، والامور تتعقد أكثر وأكثر يوماً بعد آخر، ونحن في الجهاد الاسلامي نعبر عن رفضنا القاطع لمثل هذه الأمور المخزية التي طأطأت هاماتنا بعد أن كانت مرفوعة في الاعالي».

وأضاف أبو الحسين: «ونتيجة لذلك نحن ندعو كافة ابناء شعبنا في نابلس وفي كافة المدن الفلسطينية وفي الشتات للخروج في مظاهرات حاشدة، للتعبير عن رفض الشارع الفلسطيني للاقتتال والصراع على أمور دنيوية زائلة». وتابع القول: «يجب ألا تكون هذه المظاهرات ليوم واحد فقط ، بل يجب أن تستمر حتى يعود هؤلاء المتقاتلون عن الحماقة التي يرتكبونها في كل لحظة، ويلقوا بسلاح الفتنة في مزابل التاريخ، وحتى يعودوا الى صوابهم والى صفوف الوحدة الوطنية وصفوف مقاومة المحتل حتى دحره عن أرضنا المحتلة». وأشار أبو الحسين الى ان: «هذا الاقتتال هو عبارة عن سحابة صيف وستزول بإذن الله تعالى، لأننا في النهاية تحت سياط المحتل جميعاً، ولا بد من ان تأتي لحظة وأن يعود هؤلاء المتقاتلون الى رشدهم بإذن الله، وسيصوبون بنادقهم الى صدور عدوهم بدلا من أن يوجهوها الى صدور بعضهم البعض بمشيئة الله تعالى».