بريطانيا تطلق استراتيجيتها الدولية للهجرة… من باريس

اللورد تريزمن لـ«الشرق الأوسط» : سنجري مشاورات مع دول الشرق الأوسط لإبرام اتفاقات

TT

اطلقت بريطانيا أمس «استراتيجية دولية للهجرة» توثق التعاون بين وزارتي الخارجية والداخلية في مكافحة الهجرة غير الشرعية، وجعل قضية الهجرة في قلب رسم سياستها الخارجية. وتتضمن هذه الاستراتيجية «نقل» الحدود البريطانية الى مطارات ومحطات قطار حول العالم، لمنع الهجرة غير الشرعية الى بريطانيا قبل وصول المشبوهين الى اراضيها. وسعياً لإظهار الدور المركزي للشراكات الدولية في مكافحة الهجرة غير الشرعية التي اصبحت من اهم القضايا في اوروبا، قررت وزارتا الخارجية والداخلية اطلاق الاستراتيجية في رحلة قصيرة الى باريس، مصطحبة معها عدداً قليلاً من الصحافة العالمية. وشرح اللورد تريزمن، وهو وزير دولة لشؤون افريقيا والمبعوث الخاص لرئيس الوزراء البريطاني لإعادة اللاجئين غير الشرعيين الى بلادهم، ان «هناك هجرة ايجابية وهجرة غير ايجابية، ونريد ان نحافظ على فوائد الهجرة الايجابية ونكافح الهجرة غير الايجابية». وأضاف اللورد تريزمن في حديث خاص لـ«الشرق الاوسط»: «سنتخذ اجراءات عدة، منها تقوية الضوابط على الحدود وتوسيع حدودنا خارج بريطانيا وترحيل الذين لا محل لهم في بريطانيا». وأضاف ان كل سفارة بريطانية ستكون جاهزة لمنح تأشيرات سفر متطورة، تحمل بصمات المسافر العشرة وتفاصيل وجهه، بحلول 2008 مما سيساعد في منع تزوير التأشيرات وجوازات السفر. وبما ان الهجرة اصبحت الظاهرة الابرز في القرن الحادي والعشرين، فقد تضاعف عدد المهاجرين حول العام من 75 مليونا عام 1960 الى 191 مليون مهاجر عام 2005، لا يمكن لدولة ان تعزل نفسها عن تطورات الاجراءات المتعلقة بالسفر والهجرة. أوضح اللورد تريزمان انه يعتزم اجراء مشاورات مع دول عدة، منها دول في الشرق الاوسط، لـ«توسيع» الحدود البريطانية وابرام اتفاقات ثانوية حول الهجرة. وقد اصبحت سياسة ترحيل الذين ترفض طلباتهم للجوء في بريطانية جوهرية في سياسة الهجرة البريطانية. وتعتبر حالة العراقيين الذين رفضت طلبات لجوئهم حالة خاصة في بريطانيا، اذ يوجد المئات من العراقيين المعرضين للترحيل القصري الذي بدأ نهاية العام الماضي. ورداً على سؤال حول كيف يكمن لبريطانيا ترحيل العراقيين على الرغم من الازمة الامنية في بلادهم، قال اللورد تريزمان: «شمال البلاد امن، كما انني ارى ان اجزاء من جنوبه امنة ايضا»، مؤكداً: «سنواصل سياسة ارجاع العراقيين الى بلادهم او على الاقل الى المنطقة». وترفض بريطانيا استقبال اللاجئين العراقيين من خلال عمل المفوضية السامية للاجئين، مفضلة منحها الاموال لمساعدة العراقيين في بلادهم او الدول المجاورة له. وتابع: «عدد غير قليل من العراقيين اختاروا ان يعادوا الى بلادهم ونحن نساعدهم على ذلك» . من جهته، قال وزير الدولة للهجرة ليام بيرن ان الاستراتيجية الجديدة تسعى الى «جعل نظام الهجرة الى بريطانيا اقل تعقيداً»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط»: «هناك 80 طريقة للهجرة الى بريطانيا اليوم، نريد ان نجعلها 4 فقط». وستكون هذه الحقول الاربعة خاصة بالمهاجرين ذوي المهارات العالية، او الذين يأتون للعمل أو الدراسة أو السياحة، وستكتمل بحلول عام 2009. وأضاف: «نحن نعمل بتعاون كامل مع وزارة الخارجية ولا نرى فرقاً بين سياستنا الخارجية والداخلية». وستشكل «لجنة الهجرة الاستشارية» خلال الاشهر المقبلة لمعرفة احتياجات السوق البريطاني لاختيار المهاجرين المناسبين من اجل العمل لهذا السوق. وفي زيارة الى محطة «غار دو نور» (محطة الشمال) وسط باريس، التقت «الشرق الاوسط» بضباط هجرة بريطانيين مسؤولين عن التأكد من وثائق المسافرين ومنع المسافرين غير الشرعيين، وعلى رأسهم حاملو الجوازات المزورة. وشرح احد الضباط ان استراتيجية مواجهة المهاجرين غير الشرعيين خارج الاراضي البريطانية لها فؤاد عدة، على رأسها عدم تحمل مسؤولية اعادة المهاجر غير الشرعي الى البلد التي يأتي منها، اذ يوقف في تلك البلاد التي تقوم بالإجراءات اللازمة تجاهه. وأضاف: «بدأنا عملياتنا هنا منذ عام 2004 وشهدت بريطانيا انخفاظا مهما من المهاجرين غير الشرعيين»، فقد انخفضت بنسبة 80 في المائة بالنسبة للمهاجرين غير الشرعيين في مدينة كينت البريطانية الساحلية. ولفت الى ان 46 ضابطاً بريطانياً يعملون في المحطة الفرنسية. وتوجه بيرن وتريزمان الى باريس أمس لإجراء محادثات مع الحكومة الفرنسية الجديدة حول سبل مكافحة الهجرة غير الشرعية وتوقيع معاهدة تسمح بتبادل ضباط الامن والهجرة البريطانيين والفرنسيين في محطة «سان بانكرس» في لندن، التي سيبدأ قطار «يوروستار» العمل منها في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل. وكانت هذه المعاهدة الاولى لوزارة الهجرة والاندماج والهوية الوطنية الفرنسية منذ تشكيل الحكومة الجديدة. وقال الوزير برايس هورتفو عقب مراسيم التوقيع: «هذه اول معاهدة لي وتعكس تعهدنا لمكافحة الهجرة غير الشرعية».

وفي رد على سؤال لـ«الشرق الأوسط» اوضح ان «الرئيس (نيكولا) ساركوزي انتخب بغالبية واضحة وكان تأسيس هذه الوزارة جزءاً مهماً من حملته الانتخابية وتظهر استطلاعات الرأي ان الفرنسيين يؤيدون سياساتنا». ومع تكثيف التعاون بين دول الاتحاد الاوروبي حول الهجرة، وتبادل المعلومات الالكترونية عن المسافرين بين الاتحاد، من المتوقع ان تقل نسبة المهاجرين غير الشرعيين الذين يعتقلون عند نقاط السفر الرسمية، ولكن تبقى المعضلة امام عمليات التهريب التي تقول منظمة العمل الدولية ان 25 مليون شخص في أي وقت من الاوقات متورطون فيها حول العالم.