الفرنسيون يلتهون عن نتائج الانتخابات بأخبار انفصال رويال عن رفيق عمرها

الانتخابات التشريعية الفرنسية: لطمة لليمين و«استفاقة» لليسار

TT

في العاشرة والربع من ليلة اول من امس، وفيما التلفزة الفرنسية مشغولة بنقل وتحليل وتقويم نتائج الدورة الثانية للانتخابات التشريعية الفرنسية، اوردت وكالة الصحافة الفرنسية خبرا، نقلا عن كتاب لصحافيين في الوكالة المذكورة سيصدر غدا أن سيغولين رويال، المرشحة الرئاسية الاشتراكية السابقة أكدت للمحيطين بها أنها «لم تعد تعيش» مع رفيق دربها ووالد أبنائها الاربعة السكرتير الأول للحزب الاشتراكي. وأضاف النبأ أن رويال «تعيش منفصلة» من دون أن تعطي تاريخا محددا للانفصال. وبسبب الإرباك الذي سببته هذه المفاجأة غير المنتظرة على الاقل في توقيتها، فقد أصدر هولند بدوره بيانا منفصلا ومختصرا يؤكد النبأ. النتيجة الأولى للخبر أن النقاش عن الانتخابات وتبعاتها تحول الى نقاش عن رويال ـ هولند وعن أسبابه ودوافعه وتأثيراته السياسية خصوصا على الحزب الاشتراكي الذي خسر الانتخابات لكنه ربح فيها 42 مقعدا إضافيا.

وبدت الحيرة واضحة على كبار الاشتراكيين الذين حاولوا التنصل من الموضوع بالتأكيد انه «امر خاص» يهم رويال وهولند ولا علاقة له بالحياة العامة.

في الكتاب المذكور الذي كتبه الصحافيان تيري مازور وكريستين كوركول وعنوانه «كواليس الهزيمة» جاء أن رويال طلبت من المؤلفين أن يكفا عن تسمية فرنسوا هولند لـ«رفيق دربها» لأنها «منفصلة عنه». وكانت هذه المرة الأولى التي يؤكد فيها احد الطرفين إشاعة معروفة منذ زمن بعيد في الوسطين السياسي والإعلامي الفرنسي الذي ما كاد ينتهي من مسألة حياة الرئيس ساركوزي وعلاقته مع زوجته سيسيليا حتى انشغل بالزوجي رويال ـ هولند. وتقول رويال في الكتاب: «لقد طلبت من فرنسوا هولند أن يغادر المنزل وأن يعيش حياته العاطفية المنشورة تفاصيلها على صفحات الكتب والجرائد كما يريد وتمنيت له السعادة». وأضافت رويال أنها ما زالت تحتفظ مع هولند بـ«علاقات جيدة» وأنهما «يتحادثان ويحترمان بعضهما البعض».

وتسعى رويال التي فشلت في الانتخابات الرئاسية الى الحلول محل هولند على رأس الحزب الاشتراكي خصوصا ان هولند اعلن أنه لن يسعى لتجديد ترؤسه للحزب العام القادم. وقال هولند امس إنه «حرص دوما على الفصل بين الحياة العامة والخاصة»، داعيا الى إلقاء الحياة الخاصة «بعيدا عن الأضواء». وفي الجانب السياسي قالت رويال إنها «لن تفعل أي شيء من شأنه أن يمس هولند ومشاريعه السياسية».

وكان كتاب سابق صدر قبل عدة أشهر وكتبه صحافيان من جريدة «لو موند» وهما رافايل باكيه وأريان شومان قد ذكر أن قرار خوض رويال المعركة الرئاسية سببه خلافها العائلي مع هولند وان ترشحها كان بمثابة «التحدي». واكدت رويال امس في بيان أن نشر الخبر لم يكن نابعا من إرادتها، لكن الغريب في الأمر أن رويال اعطت مقابلة صحافية لإذاعة «فرانس انتير» يوم السبت الماضي كان يفترض أن تبث اليوم و فيها تتحدث بكثير من التفصيل عن علاقاتها مع هولند، وعن الانفصال عنه. وتقول رويال إنها رغبت في توضيح وضعها مع هولند وانها قبلت في وضع إشكالية علاقتهما «بين منعكفين بسبب الانتخابات الرئاسية ثم التشريعية»، وكذلك لغرض «حماية» اولادها، لكنه «آن الأوان» وهي تلج «مرحلة جديدة من حياتها» أن تضع النقاط على الحروف. وقالت رويال: «منذ عدة اشهر تسري اخبار وشائعات عني وعن فرنسوا هولند ولذا أعتقد أنه كان من الضروري في لحظة من اللحظات أن نوضح الأمور، لذا أريد أن أقول إننا قررنا أن نضع حدا لعيشنا معا». و تؤكد رويال التي اعترفت بوجود «صعوبات» في علاقاتهما أن المبادرة جاءت منها وان هولند «قبل» الاقتراح.

وما تشير اليه رويال بخصوص الشائعات مقصود به اخبار عن مغامرات عاطفية لسكرتير الحزب الاشتراكي وعن أخبار تم تناقلها أثناء الحملة الانتخابية حول ارتباط رويال بأحد كتاب الرواية الفرنسية البارزين. وخلال الحملة الانتخابية سئل مرو أرنو مونتبورغ ، الناطق بلسانها عن «مشكلة رويال» فأجاب عن مشكلتها اسمه فرنسوا هولند ما حمل المرشحة السابقة على تعليق عمله الى جانبها طيلة شهر كامل. ورويال وهولند تعرفا الى بعضهما على المقاعد الجامعية وتحديدا في المعهد الوطني للإدارة الذي يتكلف بتخريج النخبة الإدارية والسياسية والاقتصادية في فرنسا، وهما يعيشان معا منذ ثلاثين عاما.

من جهة ثانية كلف أمس الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي رئيس الحكومة المستقيل فرنسوا فيون إعادة تشكيل الحكومة الجديدة عقب تقديم استقالة حكومته الأولى في اليوم التالي للدورة الثانية للانتخابات التشريعية. ورغم فوز حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية الرئاسي الحاكم بالأكثرية المطلقة في الندوة البرلمانية الجديدة، إلا أن نتيجة الانتخابات تعد بمثابة «نكسة» أولى للرئيس ساركوزي ولرئيس حكومته الذي قاد الحملة الانتخابية ولليمين الكلاسيكي بشكل عام.

وتمثل هزيمة آلان جوبيه، رئيس الحكومة السابق ووزير البيئة والتنمية المستديمة والرجل الثاني في حكومة فرنسوا فيون، في عرينه الإنتخابي في مدينة بوردو، )جنوب غربي فرنسا) ضربة قاسية للحكومة وانتصارا رمزيا ومعنويا للمعارضة الإشتراكية، التي اسقطت أبرز وجوه الحكومة. وبسبب القاعدة غير المكتوبة التي تقول إن كل وزير يسقط في الامتحان الانتخابي يتعين عليه الاستقالة، فإنه كان ينتظرا أن يقدم جوبيه استقالته لرئيسي الحكومة والجمهورية بعد ظهر أمس. وبخروج جوبيه الذي فصلت وزارته الكبرى على مقاسه، يتعين على ساركوزي وفيون أن يجدا بديلا عنه، وهو ما يحول تشكيل الحكومة الجديدة من مسألة شكلية حيث كان من المقدر أن يعود الوزراء الى حقائبهم الى مهمة شاقة حيث يتعين العثور على سياسي يتمتع بالوزن الكافي لاحتلال مقعد الوزير المستقيل. ويطرح في الأوساط الحكومية اسمان: الأول اسم وزير الخارجية الأسبق ميشال بارنيه الذي جعل من البيئة أحد أهم اهتماماته السياسية. ورغم إعلان دعمه لساركوزي في وقت مبكر ومنذ انطلاقة الحملة الرئاسية في الخريف الماضي، لم يحصل بارنيه على حقيبة وزارية. أما الاسم الآخر المطروح فهو اسم وزير الاقتصاد جان لوي بورلو الذي يحمله سياسيو اليمين ضمنا جانبا من مسؤولية اللطمة الانتخابية التي أصابت اليمين، إذ أن بورلو هو من كشف مشروع الحكومة القائم على فرض ضريبة «القيمة المضافة الاجتماعية» التي ستفرض على السلع والخدمات والتي كان من المقرر لها أصلا أن تحل محل الرسوم التي يدفعها أرباب العمل لصناديق الرعاية الاجتماعية. واستغل اليسار هذه المسألة التي ترافقت مع إعلان الحكومة أنها لن تزيد هذا الصيف من الحد الأدنى للأجور.