المغرب والبوليساريو يتفقان على جولة ثانية من المفاوضات في أغسطس

بنموسى: خطة الحكم الذاتي قابلة للتعديل * بيبا: التوصل لاتفاق يتطلب المثابرة والصبر

TT

لم تحرز جولة المفاوضات المباشرة بين المغرب وجبهة البوليساريو التي عقدت تحت رعاية الأمم المتحدة أي تقدم يذكر، وكشفت المحادثات التي اختتمت الليلة قبل الماضية عن تمسك كل من الطرفين بموقفه ورؤيته لحل النزاع حول مصير الصحراء الغربية.

لكن المؤشر الإيجابي الذي تمخضت عنه المحادثات التي عقدت في مانهيست بضواحي نيويورك هو اتفاق الطرفين على استئناف المحادثات المباشرة وفي نفس المكان في الأسبوع الثاني من أغسطس (آب) المقبل، كما أفاد بيان رسمي صدر عن مبعوث الأمين العام الخاص للصحراء الغربية، بيتر فان ولسوم، الذي أدار المفاوضات. وأكد الوفد المغربي بعد انتهاء الجولة الأولى من المفاوضات مع جبهة البوليساريو على أن خطة الحكم الذاتي تعد أساسا مناسبا للمفاوضات. وقال وزير الداخلية شكيب بنموسى الذي رأس الوفد المغربي في مؤتمر صحافي بمقر البعثة المغربية في نيويورك «إن خطة المغرب للحكم الذاتي تقدم عنصرا جديدا للمفاوضات وهي الحل الواقعي الوحيد». وأوضح أن «الخطة قابلة لإجراء تحسينات أو تعديلات وأنها ستسمح بإجراء انتخابات وإنشاء حكومة إقليمية لتسيير الحياة اليومية لسكان الصحراء الغربية ولكن السيادة على الأراضي تبقى تابعة للمغرب». وانتقد بنموسى جبهة البوليساريو قائلاً: «بالرغم من الروح الإيجابية التي عبر عنها المغرب خلال المفاوضات فان الطرف الآخر ظل متمسكاً بمواقفه السابقة ولم يقدم لنا أي اقتراح بناء من شأنه أن يساعدنا على تجاوز الجمود».

وإلى جانب بنموسى شارك في المؤتمر الصحافي أيضاً الطيب الفاسي الفهري الوزير المنتدب في الخارجية والتعاون، وفؤاد عالي الهمة، الوزير المنتدب في الداخلية، وخليهن ولد الرشيد، رئيس المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، ومحمد ياسين المنصوري، المدير العام للدراسات والمستندات (مخابرات عسكرية خارجية)، والمصطفى ساهل، الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، مرفوقين بالمستشارين التقنيين، ماء العينين ماء العينين بن خليهنا، الأمين العام للمجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، ومحمد صالح التامك، والي جهة وادي الذهب الكويرة.

وأبرز بن موسى أن المغرب قدم في مانهانست مضمون مبادرته «التي تنبني على مقاربة توافقية تضمن تقرير المصير، وتضمن أيضا التدبير المحلي على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية من قبل سكان الجهة»، معربا عن أسفه لكون موقف البوليساريو «لم يشهد تقدما يذكر». وأوضح «أننا نعتبر هذه المفاوضات تاريخية. ونأمل من خلال الحوار والمفاوضات أن يستوعب إخواننا في تندوف كامل الدلالة التي تنطوي عليها هذه المبادرة المغربية الجريئة».

ومن جهته، أكد الفاسي الفهري أنه بفضل الدينامية التي أطلقها المغرب من خلال مبادرته منح حكم ذاتي موسع لجهة الصحراء رأت مفاوضات مانهاسات النور. وأضاف أن «المملكة عملت دون كلل وبإشراك كافة الأحزاب السياسية وغالبية الصحراويين الذين يعيشون جنوب المغرب على بلورة تسوية لا غالب فيها ولا مغلوب من أجل خلق هذه الدينامية الجديدة».

وأضاف أن مجلس الأمن وصف بشكل واضح الجهود التي بذلها المغرب بالجدية وذات مصداقية، وأن المفاوضات ينبغي أن تأخذ بعين الاعتبار التطورات الحاصلة خلال الأشهر الأخيرة، أي المبادرة المغربية. وقال الفاسي الفهري «إننا لا نعتقد، إلى غاية الوقت الراهن، أن الطرف الآخر على استعداد للتقدم ومحاولة التوصل معا إلى حل سياسي»، مضيفا أن «ما تقدمت به المملكة غير مسبوق بالمغرب والمنطقة». وأضاف «لقد بذلنا هذه الجهود من أجل التوصل إلى حل متوافق بشأنه، ونأمل خلال المفاوضات المقبلة أن نتمكن بشكل ملموس من التقدم إلى الأمام ومناقشة هذا الاقتراح الشامل والمنسجم الذي تقدم به المغرب».

وفي المقابل شددت جبهة البوليساريو على موقفها، اذ أبرز رئيس وفد الجبهة للمفاوضات محفوظ علي بيبا أهمية اقتراح الجبهة الذي قدمته في ابريل (نيسان) الماضي حول الاستفتاء واعتبره «ضروريا لتحقيق حق تقرير المصير للشعب الصحراوي». وذكر بيبا، عضو القيادة السياسية للجبهة في بيان أن البوليساريو قد اقترحت على المغرب المشاركة في إدارة الموارد بينها الصيد والنفط. ورفضت الجبهة خطة المغرب للحكم الذاتي واعتبرتها تنازلا عن حق تقرير المصير. وقال محفوظ بيبا «إن المحادثات قد أثبتت أن التوصل الى اتفاق يحظى باحترام وقبول الطرفين ويحقق حق تقرير المصير يتطلب المثابرة والصبر والإبداع».

ومن جهته، ناشد خليهن ولد الرشيد عضو الوفد المغربي ومستشار المجلس الملكي للشؤون الصحراوية، جبهة البوليساريو بالتخلي عن مواقفها، وقال في المؤتمر الصحافي للوفد المغربي: «كلنا قد أدركنا الحاجة إلى التسوية وإلى التخلي عن المواقف والمطالب المتشددة». وحث على الصبر وعلى الحوار في المفاوضات. وتابع قائلاً: «إن المغرب قد تخلى عن الانضمام الكامل ونأمل أن يتخلى الطرف الآخر عن (المطالبة) بالاستقلال التام». وأضاف أن «الأطراف لا يزال عليها أن تتعلم شيئا عن ثقافة المفاوضات وبناء الإجماع والوصول إلى الحلول الوسطية وبهذه الطريقة سنتوصل إلى نتائج». وأشار الى أن مجلس الأمن الدولي كان طلب في قراره الأخير، من الطرفين تقديم تنازلات «لتخطي الجمود منذ فشل محاولات الأمم السابقة لتنظيم الاستفتاء حول مصير أراضي الصحراء الغربية». ومن ناحيتها قالت المتحدثة باسم الأمين العام للأمم المتحدة ميشال مونتا للصحافيين «اننا نتحدث عن مفاوضات صعبة جدا وهذه بداية لعملية طويلة». وفي افتتاح المحادثات الاثنين الماضي، عبر الأمين العام المساعد للأمم المتحدة للشؤون السياسية لين باسكو عن اسفه «للمأزق» الذي وصلت اليه هذه القضية وعبر عن امله في التوصل الى اتفاق «يؤمن حق تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية». الى ذلك، صرح الناطق باسم وزارة الشؤون الخارجية الفرنسية، جان بابتيست ماتي أن «فرنسا تشيد بعقد الجولة الأولى للمفاوضات بين الحكومة المغربية وجبهة البوليساريو، تحت رعاية الأمم المتحدة»، مبرزا أن «فرنسا تأمل أن يفضي هذا المسلسل الذي انطلق، عن حل سياسي مقبول من مجموع الأطراف في إطار الأمم المتحدة».

وقد جرت المفاوضات المباشرة في نيويورك بين وفدي المغرب وجبهة البوليساريو بناء على قرار مجلس الأمن الذي صدر في 30 ابريل (نيسان) الماضي والذي طلب من الطرفين الدخول في مفاوضات مباشرة دون شروط. وقد شارك في هذه الجولة من المحادثات وفدان من الجزائر وموريتانيا. ومن المقرر أن تشارك الدولتان في المحادثات القادمة كما أفاد مبعوث الأمين العام الخاص بيتر فان ولسوم. وذكر أن الوفدين شاركا في الاجتماعات العلنية والمغلقة وجرى التشاور على انفراد معهما. ومن المقرر أن يقدم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تقريراً عن نتائج هذه الجولة من المحادثات إلى مجلس الأمن يوم 30 من يونيو (حزيران) الجاري.