«سبايدر مان» العربي أسوأ عدو للمشبوهين في الإرهاب

طلب متزايد من الشرطة الأوروبية على الجيل الثاني من أبناء الجاليات العربية

TT

مثل بقية مجموعة المخبرين في وحدة مكافحة الارهاب، التي يعمل بها، يضع مصطفى قناعا على وجهه خلال الغارات.

ويطلق عليه «سبايدر مان»، ويحول القناع دون الكشف عن هويته، كما يعزز احساس التخويف، وهو يندفع عبر الباب وراء فريق الشرطة، الذي يوجه اسلحة تعمل بالليزر الى المشتبه فيهم. وخلال التحقيق يخلع الاشخاص الاقنعة. وينظر المشتبه فيهم الى شاب صغير مثلهم: ابن مهاجر من شمال افريقيا، يتحدث العربية ومسلم ممارس. ورد فعلهم يكون عادة دهشة او كراهية.

ويقول مصطفى «انا أسوأ عدو لهم. فأنا اتحدث اللغة. واعرف كيف يفكرون. وقد تلقيت العديد من التهديدات. وقال لي احدهم: انت اسوأ من الاميركيين. الاميركيون مسيحيون. ويقاتلون في حملتهم الصليبية. ولكنك مسلم خائن. اذا ما تمكنت من الامساك بسلاح من اسلحتك وبه رصاصة واحدة فستكون لك».

غير ان بعض المواجهات مع ضباط اخرين تجعل مصطفى يشعر بأنه في مأزق. واوضح مصطفى عندما اكون في مهمة سرية في الشوارع يوقفني رجال الشرطة. واعرض عليهم البادج. واقول لهم اني في وحدة مكافحة الارهاب. ولكنهم يغلقون باب سياراتهم ويتصلون بمقر الشرطة للتأكد. فليست لديهم صورة لشخص مثلي كشرطي.

ومصطفى، ليس اسمه الحقيقي، هو نوعية نادرة من رجال الشرطة، الذين يمثلون مستقبل هيئات تطبيق القانون في اوروبا. ويقول ضابط الشرطة الفرنسي محمد دوحاني، البالغ من العمر 42 سنة، المسؤول في اتحاد ضباط الشرطة «التنوع في الشرطة هو عنصر من عناصر العدالة الاجتماعية. وهو يمنح تلك المؤسسات مصداقية كبيرة. ويخفض التوتر».

وتجدر الاشارة الى ان وكالات مكافحة الارهاب تسعى لتوظيف محققين من خلفيات مسلمة، يسعون لاستخدام مواهبهم ضد أي شبكات متطرفة. ولكن عدد الاقليات في هيئات تطبيق القانون يبقى صغيرا، لاسيما اذا ما قورن بالضباط السود واللاتينيين في الولايات المتحدة. ويتجنب بعض المحققين المسلمين عالم مكافحة الارهاب السري للغاية، خوفا من المخاطر والضغوط التي يمكن ان تحولها الى عالم سري.

ويوضح كبير مفتشي الشرطة في بلجيكا الين غرينغارد خبير مكافحة الارهاب، الذي يتحدث العربية «لقد اختاروا الابتعاد عن مجتمعاتهم، حيث يوجد البعض الذي يحتقرهم، فهذا يضاعف الضغوط عليهم. اعرف ضباطا تعرضوا لمشاكل نفسية بسبب هذا النزاع».

وقد وافق مصطفى على تقديم وجهة النظر الداخلية لعالمه الغريب بشرط اخفاء هويته وبلده.

نشأ مصطفى في اسرة عمالية ملتزمة دينيا. يشرب البيرة بين الحين والاخر، ولكنه يذهب للمسجد ويصوم رمضان. واوضح «لقد تعلمت انه لكي تكون مسلما يجب ان تكون لطيفا وامينا وطيبا ـ من غير قتل او كراهية. «البعض يستخدم الاسلام لعداء ثقافات اخرى. ولذا احارب ذلك. هذا هو جهادي».

وفي طفولته كان مصطفى مبهورا بمسلسلات الشرطة الاميركية. وبالرغم من ان والده كان يتمنى منه ان يتعلم حرفة، الا انه تقدم بطلب لأكاديمية الشرطة واصبح واحدا من مجموعة محدودة من الطلاب المسلمين. وقد تخرج مصطفى ضمن اوائل دفعته. وساعده التزامه الديني.

وبدأ حياته في الشرطة ضابط دورية، ولكن الامور سارت بسرعة بعدما قتل ضابط شرطة على يد عصابة مغربية. وقد استعان به الضباط لتحليل شريط بالعربية وجمع معلومات استخبارية.

وبعد هجمات 11 سبتمبر (ايلول) في الولايات المتحدة سعت قوات مكافحة الارهاب عبر اوروبا لحملة للتوظيف. وقد ادت مواهبه الى انضمامه الى الوحدة التي يعمل بها اليوم.

وتتكرر القصة في بريطانيا وفرنسا وبلجيكا وهولندا، حيث زادت عمليات توظيف الجيل الثاني والثالث من المستعمرات السابقة في افريقيا جنوب اسيا. الا ان اسبانيا وايطاليا وجدتا العملية اكثر صعوبة لان مجتمعاتهم المهاجرة جديدة نسبيا.

وقد انضم الى وكالة مكافحة الارهاب الرئيسية في فرنسا «دي اس تي» الكثير من النساء، اصولهن من شمال افريقيا. ويريد العديد «الهرب من ضغوط ثقافة الاسرة»، كما ذكر ضابط استخبارات كبير.

الا ان مكافحة الارهاب ليست للجميع. فالموظف الجديد يقضي وقتا طويلا يستمع ويترجم الاشرطة. ويوجد في فرنسا اكبر جالية اسلامية في اوروبا. ويفضل بعض الضباط مهام لا تحدد هويتهم طبقا لانتمائهم العرقي او الديني.

ودوحاني هو واحد منهم. فقد نشأ في اسرة مسلمة ملتزمة، ولكنه غير متدين. وكان في الرابعة والعشرين من عمره عندما دعا والده وهو سائق حافلة ضابط شرطة كبير يستخدم حافلته منذ زمن بعيد الغداء.

وقص عليه الضابط روايات عن الحرب واصبح مرشده. وبدون ابلاغ أي شخص في اسرته اصبح دوحاني واحدا من بين اثنين من طلاب الشرطة من الاقليات في فصل دراسي من 550 طالبا. ويتذكر «عدم وجود عنصرية، بل حب استطلاع».

وعقب تخرجه عام 1992 دعته هيئة مكافحة الارهاب.

وتجدر الاشارة الى ان العديد من المتطرفين الذين يقبض عليهم مصطفى يقتنعون بانه ضابط شرطة فرنسي. فالبعض يعتقد انه جاسوس من شمال افريقيا يعمل مع الشرطة الاوروبية، ويتعاونون معه لخوفهم من تسليمهم لهيئة شرطة متشددة في المنطقة.

* «لوس انجليس تايمز»