البيت الابيض ينفي تقارير بانسحاب تدريجي من العراق

4 من كبار أعضاء مجلس الشيوخ أعلنوا عجزهم عن مساندة استراتيجية الحرب وطالبوا بتغييرها

محتجون يرفعون علم العراق خلال تظاهرة قام بها أنصار التيار الصدري احتجاجا على اعتقال القوات الأميركية أحد قياداته يوم الجمعة الماضي(أ.ب)
TT

نفت ادارة الرئيس الأميركي جورج بوش اية خطط لسحب قواتها من العراق في الوقت الحالي رغم الضغوط المتزايدة من قبل اعضاء الحزب الجمهوري لإجراء تغيير جوهري في استراتيجية الحرب في العراق. وقال المتحدث باسم البيت الابيض توني سنو «لا يوجد اي نقاش بشأن سحب القوات الأميركية من العراق الآن». ويخشى مسؤولون في البيت الأبيض أن أعمدة الدعم السياسي الأخيرة بين الجمهوريين في مجلس الشيوخ لاستراتيجية الرئيس جورج بوش بشأن العراق تواجه الانهيار من حوله وفقا لما قاله عدد من مسؤولي الادارة والمستشارين الأجانب، وهم يقولون انه داخل الادارة يتصاعد الجدل حول ما اذا كان يتعين على بوش ان يحاول منع مزيد من التخلي عن الولاء عبر اعلان نيته البدء بانسحاب تدريجي للقوات الأميركية من الحياة التي يتفاقم فيها العنف في بغداد ومدن اخرى. وكان بوش ومساعدوه يعتقدون سابقا ان بوسعهم انتظار البدء بتلك المناقشات حتى ما بعد الخامس عشر من سبتمبر (ايلول) المقبل، حيث من المقرر أن يقدم القائد الميداني الأعلى والسفير الأميركي ببغداد تقريرهما حول فاعلية زيادة القوات التي اعلنها الرئيس في يناير (كانون الثاني) الماضي. ولكن يبدو فجأة، حسب اعتراف بعض مساعدي بوش، ان القوى تتجمع ضده اذ يستعد مجلس الشيوخ الأسبوع الحالي للشروع بما يعد ان يكون مناقشة حامية حول مستقبل وتمويل الحرب.

وأعلن اربعة أعضاء جمهوريين آخرين في مجلس الشيوخ انه لم يعد بوسعهم دعم استراتيجية بوش، وبينهم مشرعون كبار كانوا حتى الآن يعبرون عن شكوكهم سرا فقط. ونتيجة لذلك فان بعض المساعدين يبلغون بوش في الوقت الحالي بأنه اذا اراد ايقاف مزيد من الارتداد فانه سيكون من الحكمة اعلان خطط لمهمة محددة للقوات الأميركية تسمح بانسحاب على مراحل، وهي استراتيجية رفضها في ديسمبر (كانون الاول) الماضي باعتبارها وصفة للهزيمة عندما اقترحتها مجموعة دراسة العراق التي تشكلت من الحزبين.

وقال احد كبار المسؤولين مشترطا، شأن آخرين معنيين، عدم الاشارة الى اسمه، انه «عندما تحسب الأصوات التي خسرناها والأصوات التي يحتمل ان نخسرها خلال الأسابيع القليلة المقبلة، فان الوضع يبدو متجهما الى حد ما». وترددت اصداء ذلك الاستنتاج في مقابلات أجريت خلال الأيام القليلة الماضية مع مسؤولين في وزارة الدفاع ووزارة الخارجية والبيت الأبيض، وكذلك مع مستشارين أجانب. وقال المسؤول ان «الخامس عشر من سبتمبر يبدو مثل نقطة نهاية للمناقشة وليس نقطة بداية، فالكثير من الناس يقدرون انه يتعين على الرئيس ان يخرج من هذا القطار». وفي دلالة على القلق ألغى وزير الدفاع روبرت غيتس خططا لجولة في اربعة من بلدان اميركا اللاتينية الأسبوع الحالي وسيبقى في البلاد لحضور اجتماعات حول العراق، وفقا لما اعلنه البنتاغون أول من أمس. وفي الأسبوع الماضي استدعي مستشار الأمن القومي ستيفن هادلي من اجازة قصيرة للمشاركة في المناقشات المكثفة في جلسات ضمت كارل روف، استراتيجي بوش منذ فترة طويلة وجوشوا بولتن رئيس مكتب موظفي البيت الأبيض.

وكانت آراء الكثير من المشاركين في تلك المناقشات غير واضحة، ولم يستطع المسؤولون الذين اجريت مقابلات معهم ان يقدموا اية معلومات عما كان نائب الرئيس ديك تشيني قد أبلغ به الرئيس بوش، ووصفوا هادلي باعتباره شديد القلق من أن خسارة الجمهوريين يمكن أن تتسارع في الأسبوع الحالي وهي خشية يشاركه فيها روف، ولكنهم قالوا ايضا ان روف كان قد حذر من أنه اذا ما مضى بوش بعيدا في اعلان اعادة الانتشار فان النتيجة يمكن أن تشمل مزيدا من مواقف الارتداد، والتوجه الى تشريع يمكن أن يفرض انسحابا في موعد محدد، وهي خطوة ظل بوش يعارضها على الدوام.

وقال المسؤولون إن غيتس يضغط باتجاه سحب ما يقرب من نصف الوحدات القتالية التي تقوم حاليا بدوريات في أخطر مناطق بغداد مع بدء العام المقبل. أما بقية القوات القتالية فستقوم بمهام التدريب وحماية حدود العراق ومنع استخدام العراق كملاذ لقاعدة وادي الرافدين، التي تزعم أن لها أواصر مع شبكة اسامة بن لادن على الرغم من أن طبيعة هذه العلاقة غير معروفة حتى الآن.

وظل الرئيس بوش يكرر أنه يريد إبقاء الوحدات الإضافية، التي ارسلت إلى العراق في الفترة الأخيرة والبالغ عددها 30 ألفا، فترة أطول كي تعطي نتائج محسوسة. وعلنا ظل مسؤولو البيت الأبيض يؤكدون أن الرئيس لا ينوي القيام بسحب ضخم للقوات الأميركية من العراق.

وفي اجتماع جرى الأسبوع الماضي قال مسؤولون إن تصريحات بوش غطى عليها ضجيج الحملات الرئاسية التي اصبحت لبعض المرشحين منصة توجه عبرها الانتقادات لسياساته السابقة والحالية.

إضافة إلى ذلك فإن تغييرا وقع للقوى المحركة للإدارة الأميركية، فالصقور الذين كانوا يحيطون ببوش قد تم تبديلهم ببراغماتيين مثل غيتس الذي كان واضحا في رغبته بتخفيض درجة الحرارة السياسية المتعلقة بالحوار الدائر حول العراق داخل الولايات المتحدة، وتشاركه في هذا المسعى وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، حيث بدأ كلاهما بإجراء تحويل تدريجي لاستراتيجية البيت الأبيض.

وحينما يحين الوقت لاختيار «قيصر العراق» سيقع الاختيار على جنرال كان متشككا دائما في استراتيجية زيادة عدد القوات الأميركية. وستتوفر للرئيس بوش فرصة طرح الموضوع في أواخر هذا الأسبوع حينما يقدم تقريرا مؤقتا حسب متطلبات القانون قبل انتهاء يوم الأحد المقبل، حول المعايير الثمانية عشر التي وضعت لقياس تحقيق تقدم في العراق.

ولعل التوقيت سيكون لصالح بوش إذا هو تمكن من تجاوز الأسابيع الثلاثة القادمة من دون وقوع تراجعات أخرى داخل الحزب الجمهوري خصوصا أن الكونغرس سيعطل عمله حتى قدوم سبتمبر المقبل، وآنذاك سيأتي تقرير الجنرال ديفيد بيترايوس والسفير رايان كروكر من العراق إلى واشنطن.

وقال مسؤولون كبار مشاركون في إعداد التقرير الذي على الرئيس بوش أن يقدمه إلى الكونغرس هذا الأسبوع إنه سيكون قادرا على إطراء الحكومة العراقية لنجاحها في تقديم الوحدات الضرورية حتى لو كان متأخرا ولإزالة الحواجز أمام اعتقال أو قتل الأعضاء العنيفين في الميليشيات الشيعية، لكن في ما يخص تحقق المصالحة الوطنية في العراق لن تكون بإمكان الرئيس بوش الإشارة إلى تحقق تقدم حقيقي.

* خدمة «نيويورك تايمز»