عائلة المهندس الهندي في هجوم غلاسكو: اتصل بوالدته لتصلي من أجل نجاح مغامرته بدون أن تعرف تفاصيلها

التحول في شخصيته بدأ في 2005 والوسط الراديكالي في كامبريدج لعب دورا

TT

كان كفيل احمد، المهندس الهندي، الذي وصفته الشرطة البريطانية باعتباره سائق سيارة الجيب المحملة بالبنزين التي اقحمت مطار غلاسكو الدولي يوم الثلاثين من يونيو(حزيران) الماضي، قد اتصل بوالدته قبل وقت قصير لتصلي من أجل نجاحه في مغامرته، وفقا لما ذكره محققون هنود اول من امس، وقالوا انه عندما فشلت الخطة حاول بعدئذ ان يقتل نفسه حرقا.

وروت زكية احمد، والدة احمد، ان ابنها، الذي قضى الفترة من نوفمبر(تشرين الثاني) حتى مايو( ايار) الماضيين مع عائلته في بانغالور، كان قد ذكر أن «العرض» قد أخفق، وفقا لما قاله غوبال هوسور، مساعد رئيس الشرطة في بانغالور.

ومن الواضح أن ذلك كان اشارة الى الجهد الفاشل لتفجير سيارتي مرسيدس متوقفتين وسط لندن في الليلة السابقة، وفق ما قاله هوسور الذي اجرى ضباطه مقابلة مع عائلة احمد وأقربائه. واشار الى ان احمد ذكر انه كان على وشك محاولة القيام بـ«عرض» آخر في اشارة واضحة الى هجوم غلاسكو.

وأضاف مساعد رئيس الشرطة ان والدة احمد، وهي طبيبة، لم تكن لديها فكرة عما يعتزم ابنها البالغ 28 عاما القيام به. وأحمد هو احد رجلين اعتبرتهما الشرطة المتهمين الرئيسيين في الهجمات الفاشلة، وهو الآن يرقد في مستشفى بغلاسكو مع حروق بنسبة 90 في المائة من جسمه، وقال مسؤولو المستشفى يوم الأحد الماضي ان حالته ما تزال حرجة.

أما الرجل الآخر، الدكتور بلال عبد الله، وهو طبيب عراقي بريطاني المولد، فقد اتهم السبت الماضي بالتخطيط لتنفيذ تفجيرات كان لها ان تقتل عددا كبيرا من الناس.

وكان أحمد، كما وصفه هوسور، شابا لامعا وطموحا قضى معظم وقته في بريطانيا واصبح متطرفا خلال الفترة بين 2003 و2005. وعندما عاد احمد الى وطنه عام 2003 ـ وفق بعض التقارير كان يكمل درجة الماجستير في قسم هندسة الطيران في جامعة كوينز في بلفاست ـ كان يبدو أكثر تمسكا بالقيم الغربية مما كان عليه الحال عندما غادر عام 2001 وفقا لما قاله اصدقاء أحمد للشرطة.

واضاف هوسور ان احمد لم يكن يظهر أية علامة على التطرف خلال ايام دراسته الجامعية في كلية الهندسة في دافاناغيري بالهند. وهناك كان يجري تذكره باعتباره طالبا متقدما، بترتيب الخامس في صف يضم 80 طالبا عندما اكمل درجته عام 2000، وفقا لما قاله رئيس القسم عبد البودان.

وقال هوسور انه كمراهق عاش في حي باناشانكاري، حيث يعيش والداه، كان صبيا طيبا يحب تشجيع الآخرين في اعمال الخير التي يحث عليها الدين.

ولكن في عام 2005 عندما جاء الى الوطن في زيارة كان رجلا مختلفا، وفقا لما قاله اصدقاؤه، وبدلا من لحيته القصيرة المشذبة كان هذه المرة بلحية اسلامية تقليدية وغالبا ما كان يتحدث عن «القتال من اجل الاسلام».

وقال شيراز ماهر، الكاتب الذي يشير الى أنه عضو سابق في جماعة حزب التحرير المتطرفة ان أحمد كان يعيش في مدينة كامبريدج الجامعية بانجلترا، مستأجرا غرفة في الأكاديمية الاسلامية، وهي مؤسسة خيرية.

وحسب تقارير الصحف البريطانية يعمل أحمد مع فريق بحوث في جامعة انغليا رسكين بكامبريدج على مشروع يهدف إلى تصميم خرائط ورسوم بيانية تعمل باللمس خاصة بفاقدي البصر، ووصفه زملاؤه بأنه يعيش بشكل انعزالي ويتجنب الحياة الجامعية.

ولعل أخاه سبيل أحمد، 26 سنة، الطبيب العامل ضمن خدمة الصحة الوطنية البريطانية والذي جرى اعتقاله في الاسبوع الماضي بمدينة ليفربول لعلاقته مع القضية، قام بزيارته في كامبريدج.

ويختلط أحمد في كامبريدج بالدكتور عبد الله ويناقش معه السياسة والإسلام في الإقامة الأكاديمية حسبما قال ماهر.

كذلك اعتقل الدكتور محمد حنيف في أستراليا بعد محاولته مغادرة البلد، حيث اشترى تذكرة ذهاب إلى الهند وهو ابن عم الأخوين أحمد.

وعلى عكس وسطه الراديكالي في كامبريدج كان أحمد في بلفاست يعتبر شخصا معتدلا، وحسب رئيس المركز الإسلامي في بلفاست، جمال عويدة الذي يعرف أحمد حينما كان طالبا في جامعة كوين فإن الأخير كان نشطا في حوار الديانات.

كذلك كان والدا أحمد طبيبين وعملا لفترة في جدة حيث أخذا معهما ولديهما. وقال هوسور المسؤول في الشرطة إن الأب مقبول اعتقل خلال السبعينات من القرن الماضي بسبب نشاطات إسلامية، حينما تم تجميد الدستور في الهند وهي فترة تعرض الكثير من الناس فيها إلى الاعتقال حسب قول هوسور.

وقال مسؤول أميركي في العراق الأحد الماضي إنه على الرغم من كون عبد الله عراقيا لكن الخطط التي تم إفشالها وضعت في بريطانيا، ففي أبريل الماضي أخذ الدكتور عبد الله سكنا لمدة ستة أشهر بالقرب من مطار غلاسكو، ويبدو أنه مع أحمد عاشا هناك بشكل متواصل. وتذكر مدير شركة خدمات التاكسي المحلية أن سائقيه أخذوا أحمد والدكتور عبد الله مرتين في أواخر مايو الماضي حينما عاد أحمد إلى بريطانيا حسبما قال رجال شرطة هنود، في أواخر يونيو.

وخلال وقته في بلفاست كان أحمد يتردد على مركز اسلامي جذب أيضا شخصا جزائريا اسمه عباس بوتراب وصدر حكم ضد الأخير في عام 2005 بسبب ارشادات عن كيفية تفجير طائرة، حسبما قال عويدة، وقال إنه يشك من احتمال أن التقى الشخصان معا.

وعلى الرغم من احتمال التقائهما فإنه «من الخطأ إعطاء الأمر أهمية كبيرة في هذه المرحلة» حسبما قال مسؤول أمني بريطاني.

وفي أستراليا قال وزير العدل فيليب رودوك إن خمسة أطباء أجانب يجري التحقيق معهم من قبل الشرطة حول هجمات لندن وغلاسكو الفاشلة، وتم إطلاق سراحهم لكن طلب منهم أن يكونوا متوفرين لتحقيقات لاحقة. وما زال حنيف، 27 سنة، ابن عم أحمد، قيد الاعتقال.

* خدمة «نيويورك تايمز»