نيويورك على خطى لندن في تطبيق «حلقة الفولاذ»

100 كاميرا تبدأ بمراقبة السيارات في مانهاتن الجنوبية

استعدادات متواصلة لتطبيق نموذج المراقبة البريطاني «حلقة الفولاذ» في عاصمة المال الأميركي (أ.ب)
TT

يقول مسؤولو الشرطة انه بحلول نهاية العام الحالي فان ما يزيد على 100 كاميرا ستبدأ مراقبة السيارات التي تسير في مانهاتن الجنوبية، وهي المرحلة الأولية من نظام مراقبة من النمط اللندني يمكن أن يكون الأول في نوعه بالولايات المتحدة. وستشبه هذه الخطة التي تحمل اسم مبادرة أمن مانهاتن الجنوبية، خطة لندن التي تحمل اسم «حلقة الفولاذ»، وهي شبكة واسعة من الكاميرات وحواجز الطرق مصممة لمراقبة وملاحقة وردع الارهابيين. وقال مسؤولون بريطانيون ان الصور التي تلتقطها الكاميرات ساعدت على متابعة المتهمين بعد تفجيرات أنفاق لندن عام 2005 وخطط تفجير السيارة الشهر الماضي.

واذا ما جرى تمويل البرنامج بصورة كاملة، فانه سيتضمن ليس قراءة لوحة الاجازة حسب، وانما ايضا ثلاثة آلاف كاميرا علنية وسرية تحت كانال ستريت، وكذلك مركز فيه عدد من ضباط الشرطة وضباط الأمن الخاصين، وحواجز طرق متحركة. وقال رايموند كيلي مفوض شرطة نيويورك سيتي في مقابلة معه، الأسبوع الماضي، ان «هذه المنطقة حاسمة جدا بالنسبة للنسق الاقتصادي لهذا البلد. نريد ان نجعلها اقل تعرضا للخطر».

ولكن النقاد يشككون بفاعلية وكلفة الخطة وكذلك بدلالات تنفيذ مثل هذه الخطة في هذا الجزء الواسع من المدينة.

ولوهلة بدا أن نيويورك لا يمكن أن توفر امكانية اقامة مثل هذا النظام. ففي الصيف الماضي، قال كيلي ان البرنامج واجه خطرا بعد أن تقلصت حصة المدينة من أموال منحة وزارة الأمن الداخلي بما يقرب من 40 في المائة. ولكن كيلي قال الأسبوع الماضي ان القسم حصل منذئذ على 25 مليون دولار من مبلغ 90 مليون دولار هي كلفة الخطة. وقال ان 15 مليون دولار جاءت من وزارة الأمن الداخلي، بينما جاءت 10 ملايين من البلدية، وهو اكثر من كاف لنصب 116 جهازا لقراءة لوحات الاجازة في مواقع ثابتة ومتحركة بما في ذلك سيارات وهليكوبترات في الأشهر المقبلة. وجرى طلب اجهزة القراءة، وقال كيلي انه يأمل ان تأتي بقية الأموال من منح فيدرالية اضافية. ويمكن لأجهزة قراءة لوحة الاجازة أن تدقق ارقام اللوحات وترسل انذارات اذا ما جرى تشخيص سيارات مشتبه فيها. وتسعى البلدية في الوقت الحالي الى مصادقة الولاية على اخذ رسوم من السائق لدخول مانهاتن عند الشارع 86، الأمر الذي يمكن أن يتطلب استخدام اجهزة قراءة لوحات الاجازة. واذا ما أقرت الخطة فان الشرطة ستجمع، في الغالب، معلومات من تلك الأجهزة أيضا.

ولكن خطة أمن الوسط التجاري تتضمن ما هو أكبر بكثير من مراقبة لوحات الاجازة. فسيجري نصب ثلاثة آلاف كاميرا في كانال ستريت بحلول نهاية عام 2008، تملك ثلثيها شركات في الوسط التجاري. وبعض هذه الكاميرات تعمل حاليا. كما ستنصب بوابات محورية في التقاطعات المهمة. ويمكن أن تعوق المرور او حركة سيارة مشتبه فيها بمجرد الضغط على زر.

وعلى خلاف الـ250 كاميرا التي وضعتها الشرطة أخيرا في المناطق التي تكثر فيها الجرائم عبر المدينة، والتي تلتقط الصور المتحركة التي يتعين تنزيلها، فان كاميرات المبادرة الأمنية يمكن أن تحول المعلومات الحية في الحال. وستكلف العملية ما يقدر 8 ملايين دولار للعمل خلال السنة الأولى وفقا لما قاله كيلي. وأوضح ان المكاتب ستكون في مانهاتن الجنوبية على الرغم من ان الشرطة ما تزال تتفاوض بشأن المكان الذي ستكون فيه. وقال بول براون، المتحدث الرئيسي باسم الشرطة، ان الشرطة ووكلاء أمن الشركات سيعملون معا في المركز، مفيدا ان الخطة لا تحتاج الى مصادقة مجلس بلدية المدينة.

وما زالت دائرة الشرطة تتدارس احتمال استخدام تكنولوجيا التعرف على الوجه أو استخدام أجهزة الكشف البيولوجية في شبكة مانهاتن الجنوبية، حسبما قال براون.

ومن المتوقع أن تنصب الأجهزة بالكامل ويتم تشغيلها قبل انتهاء عام 2010 في وقت تكون فيه المباني الجديدة الخاصة بالمنطقة المالية قد اكتملت بما فيها مقر غولدمان ساكس الدولي.

وعبر المدافعون عن الحريات المدنية عن قلقهم من سوء استخدام التكنولوجيا التي تتعقب حركة الآلاف من السيارات والأفراد.

وضمن هذا السياق، قال كريستوفر دان المحامي في اتحاد الحريات المدنية بنيويورك: «هذا البرنامج مؤشر لمستوى جديد من المراقبة البوليسية لأهالي نيويورك وتم وضعه من دون مشاركة الجمهور فيه، حيث يتم وفقه مراقبة مئات الآلاف من الأفراد والذي سيصبح جزءا من نظام كومبيوترات N.Y.P.D.».

وقال إنه قلق مما سيحدث للصور حالما يتم إنجازها وكيف سيتم استخدامها من الشرطة ومن سيتمكن من الوصول إليها.

أما براون فقال إن دائرة الشرطة ستتحكم بالكيفية التي تستخدم وفقها المواد. وقال إن الكاميرات ستصور في «مناطق لا يتوقع أن يكون هناك مكان للخصوصية»، وإن المواطنين المطيعين للقانون لا يمتلكون شيئا يخافون منه». وأضاف «ستستعمل لقطع الطريق على الإرهاب حينما يكون في طريقنا لا لجمع المعلومات من دون تمييز الخاصة بالأفراد». مع ذلك، فما زالت هناك أسئلة مطروحة حول الكيفية التي ستخدم فيها أجهزة المراقبة أهدافهم.

فليس هناك أدلة كافية تؤكد على أن الكاميرات الأمنية تردع المجرمين أو الإرهابيين حسبما قال جيمس كارافانو، استاذ الأمن الداخلي في وقفية هريتج، وهي منظمة بحوث محافظة مقرها في واشنطن.

ومع كل شموليتها، فإن «الحلقة الفولاذية» التي نصبت في لندن خلال أوائل التسعينات من القرن الماضي لردع الجيش الجمهوري الآيرلندي فإنها لم تمنع وقوع تفجيرات 7 يوليو (تموز) 2005 في لندن أو محاولات تفجير السيارات في لندن، الشهر الماضي، لكن السلطات البريطانية قالت إن الكاميرات مفيدة في إعادة تعقب الطرق التي سلكتها سيارات المشتبه بهم في الشهر الماضي والتي آلت إلى تنفيذ عدة اعتقالات.

وبينما يعني عمل 3000 كاميرا في وقت واحد الحصول على كميات هائلة من المعلومات فإنه يعني أيضا أن هناك الكثير من المعلومات غير المفيدة التي يجب دراستها كل يوم. وقال كارافانو: «كلما زادت كمية التبن أصبح العثور على الإبرة أصعب».

*خدمة «نيويورك تايمز»