تعاون بين «الأمن» والمدنيين لمواجهة المسلحين يعيد بعض الهدوء إلى البياع

بعد تهجير أكثر من 500 عائلة سنية وشيعية من الحي البغدادي

TT

بعد اسابيع من مواجهات مسلحة بين قوات الامن ومسلحين في احد اكثر المناطق الساخنة في العراق، يبدو ان الاستقرار بدأ يعود الى منطقة البياع. وكشف مصدر امني رفيع المستوى في قاطع عمليات الكرخ، عن جهود امنية جديدة لمواجهة المسلحين في حي البياع، من خلال التعاون مع سكان المنطقة ووجهائها.

وتحدث المصدر لـ«الشرق الأوسط» عن شن المسلحين عمليات تخويف جماعية لسكان منطقة البياع وتحويلها إلى معقل محصن صعب الاختراق من قبل الأجهزة الأمنية. وشرح اساليب المسلحين في البياع، بما في ذلك تهجير العائلات والاستيلاء على منازلها، قائلاً: «ما حدث في منطقة البياع، وقبل ثلاثة أسابيع من الآن، أثار قلق الأجهزة الأمنية وحتى الحكومة، فقد تم تهجير أكثر من 150 عائلة سنية وشيعية من شوارع 10 و4 و15، التي تتمتع بموقع إستراتيجي يشرف على البياع». وتابع انه تم «استغلال منازل المهجرين قواعد للقناصة وإطلاق قذائف الهاون على مختلف المناطق المحيطة». وأكد ان «جماعات مسلحة مختلفة شنت هجمات منظمة ضد المدنيين في مناطق البياع ووصل عدد العائلات التي تعرضت للإبادة والترهيب أكثر من 500 عائلة من السنة والشيعة، كما تم إحصاء أكثر من 2000 متضرر، من حيث نسف وحرق دورهم أو الاستيلاء عليها أو تعرض ذويهم للقتل أو الاختطاف».

وعن أسباب تردي الوضع الأمني في تلك المنطقة أوضح المصدر، طالباً عدم الكشف عن هويته: «أن هناك جملة أسباب ساعدت في تمركز الجماعات المسلحة، منها تهاون قوات البيشمركة الكردية (التابعة للجيش العراقي) مع تلك الجماعات، وهذا ما فسح المجال أمامهم للقيام بأعمالهم الإرهابية، بالاضافة الى انتقال أناس أغراب من مناطق أخرى لم يتم الإبلاغ عنهم». واضاف: «أكثر من 90 في المائة من العمليات التي تمت هناك قام بها هؤلاء الأغراب». واعتبر المصدر ان «عدم وجود تنسيق بين سكان المنطقة والأجهزة الأمنية ولا حتى بين اطراف الأجهزة الأمنية نفسها، ادى الى تردي الوضع الامني»، مضيفاً ان ذلك «تم تداركه، فهناك الآن تحركات يقوم بها المجلس البلدي في منطقة البياع، على وجهاء وشيوخ العشائر السنية والشيعية بهدف التعاون معهم وإعادة المهجرين، والإبلاغ عن الدور غير المسكونة، التي تستخدم أوكارا للجماعات المسلحة». وتابع: «الأجهزة الأمنية العاملة هناك تسعى لعقد اتفاق يلزم هذه العشائر بتسليم الخارجين عن القانون من كلا الطرفين، حيث يلتزم كل شيخ عشيرة بالإبلاغ عنهم، فضلاً عن إلزامهم بالإبلاغ عن الغرباء القادمين إلى المنطقة». واشار المصدر الى تغيرات أمنية أخرى، من بينها «تغيير القوات المشرفة على حفظ الأمن في البياع، واستبدالها بقوات تابعة لمغاوير الداخلية التي تمكنت وخلال أيام من بسط سيطرتها بشكل تام على المواقع الحساسة بالمنطقة وتأمين مداخل المدينة ومخارجها». وأضاف: «نصبت نقاط تفتيش ثابتة في أكثر من 7 شوارع رئيسية، وحالياً يمكن القول إن الوضع الأمني في البياع استقر بشكل ملموس، وعادت مظاهر الحياة لأغلب مناطقها التي كانت شبه مهجورة جراء انتشار المسلحين».

وعن العملية العسكرية التي دارت في البياع بين قوات الأمن والجماعات المسلحة أوضح المصدر، «نقطة ارتكاز عمليات المسلحين كانت تعتمد على انتشار القناصة على سطوح البنايات العالية، وكانوا يقنصون كل جسم متحرك يشاهدونه بغض النظر عن كونه لامرأة أو طفل، ولهذا فقد تركزت العملية بالقضاء عليهم والسيطرة على أوكارهم، وتمكنا من إلقاء القبض على 43إرهابيا، بينهم أفغاني يعمل لصالح تنظيم القاعدة».

وعن أعداد الجثث التي تم العثور عليها داخل بيوت سيطر عليها المسلحون، أوضح المصدر الأمني، «أن الأجهزة الأمنية عثرت على 15 جثة متفسخة داخل عدد من المنازل، وليس كما روج في بعض الوسائل الإعلامية التي حددتها بأكثر من 54 جثة». واضاف: «لم يتعرف عليها احد من سكان المنطقة، وكانت على ما يبدو لأناس اختطفوا من مناطق أخرى وقتلوا في هذه المنازل».