الجيش اللبناني يسرِّع عملياته الميدانية ضد «فتح الإسلام» ويحمّل المسلحين مسؤولية ما قد يصيب المدنيين في المخيم

جندي لبناني يرفع اصبعيه بعلامة النصر امس وهو متوجه على متن حاملة جند نحو المخيم القديم لنهر البارد (أ ب)
TT

سرّع الجيش اللبناني امس، في اليوم الـ67 للمعارك التي افتعلها تنظيم «فتح الاسلامي» الاصولي في مخيم نهر البارد الفلسطيني في شمال لبنان، اجراءاته لإحكام الخناق على المسلحين الاصوليين وحملهم على الاستسلام وحسم المعركة في غضون الايام المتبقية من الشهر الحالي، وفق ما اشارت اليه تقارير ميدانية. وفي ما يشبه «انتفاضة الرمق الاخير» عمد المسلحون الى اطلاق عدد من صواريخ الكاتيوشا صباح امس على القرى اللبنانية الآهلة في محيط المخيم.

وأفادت المعلومات الميدانية ان الاشتباكات التي اندلعت عنيفة فجر امس، تواصلت خلال النهار. وقصف الجيش بعنف وتركيز مخابئ المسلحين داخل الملاجئ واقنية البنية التحتية. وذكرت «الوكالة الوطنية للاعلام» ان الجيش يحافظ على كل محاور ومداخل المواقع التي سيطر عليها وأرغم المسلحين على مغادرتها، محرزاً تقدماً تلو الآخر على طريق حسم هذه المسألة في وقت قريب. وأفادت ان مدفعية الجيش قصفت المواقع والملاجئ التي لجأ اليها المسلحون في اطراف حي سعسع التحتاني والبروة والجاحولي والمحيط الجنوبي لمبنى التعاونية وحيي الدامون والسوق القديم حيث لا يزال المسلحون يحكمون سيطرتهم ويتخذون من بعض الملاجئ نقاط تمركز لإدارة المعركة في مواجهة الجيش الذي كرر خلال ليل الثلاثاء – الاربعاء نداءاته للمسلحين عبر مكبرات الصوت بضرورة تسليم انفسهم للعدالة اللبنانية وترك عائلاتهم تغادر المخيم. ورأت الوكالة الوطنية «ان هذه التطورات تعزز الاعتقاد بان الحسم العسكري يبدو الاكثر ترجيحاً».

وكانت وحدات الجيش دهمت ليلاً عدداً من المخابئ والملاجئ التي كان المسلحون يسيطرون عليها، في اطار عملية تمشيط شاملة ومستمرة لكل انحاء المخيم لتنظيفه من السلاح والمتفجرات، في الوقت الذي واصلت فيه فرق فوج الهندسة عمليات تفجير وتفكيك التفخيخات والالغام التي نصبها المسلحون قبيل انسحابهم من المواقع التي كانوا يسيطرون عليها، وكذلك المباني ومداخل الطرق والأزقة.

وقال مصدر معني بالتطورات الميدانية في نهر البارد لـ«الشرق الاوسط» ان الجيش اللبناني وجه انذارات عدة الى العائلات الموجودة داخل المخيم القديم طالباً منها المغادرة «الا ان هذه العائلات المتبقية والمؤلفة في معظمها من نساء وأولاد مسلحي عناصر فتح الاسلام لم تستجب لهذه النداءات». وأضاف: «في ضوء رفض الاستجابة لنداءات الجيش بخروج من تبقى من المدنيين فان مسلحي فتح الاسلام يتحملون كامل المسؤولية عما يصيب هؤلاء المدنيين. وهم المتهمون بكل ما يتعرضون له من أذى جراء المواجهات الدائرة والتي يستخدم فيها سلاح المدفعية بكثافة».

وأشار المصدر الى ان الجيش اللبناني «سرّع منذ فجر اليوم (امس) وتيرة العمليات العسكرية. واستهدف بشكل مركز المساحة المتبقية من المخيم والتي يتمركز فيها المسلحون والتي تقدر مساحتها بـ350 متراً طولاً و250 متراً عرضاً. والجيش يتعامل مع الموضوع وفق الخطة التي وضعها». ورفض المصدر الحديث «عن موعد او توقيت لحسم المعركة الدائرة لأن الحسم تفرضه تطورات العملية العسكرية ولا يخضع للمهل».

وكتب مراسل «الشرق الاوسط» في شمال لبنان ان ساعة الحسم في مخيم نهر البارد باتت في متناول اليد. ففي اليوم الخامس من الشهر الثالث على بداية المواجهات بدا منذ الرابعة فجراً (امس) وكأن ابواب جهنم قد فتحت على ما تبقى من مساحة في المخيم تحت سيطرة المسلحين. فقد استفاقت اقضية عدة في محافظة الشمال على قصف عنيف لا سابق له منذ بداية المعركة استخدمت فيه مختلف انواع المدافع من الاعيرة الثقيلة لتتردد اصداؤها في الأقضية المشار اليها. واستمر القصف ساعات عدة حين بدأ الجيش هجوماً برياً على محاور عدة ما جعل المراقبين يرجحون بقوة ان معركة القضاء على ظاهرة «فتح الإسلام» ومن يساندها من مسلحين من التنظيمات الاخرى قد بدأت ولن تستغرق اكثر من بضعة ايام وفق معظم التقديرات، مع الاشارة الى ان المعركة لن تكون سهلة بل معقدة على اعتبار ان المساحة المتبقية تحت سيطرة المسلحين هي عبارة عن ابنية متلاصقة قائمة على مجموعة من المخابئ والملاجئ المتصلة بواسطة الانفاق والسراديب واقنية الصرف الصحي، اضافة الى ما ظهر لدى المسلحين من اصرار على القتال حتى الرمق الاخير، رافضين اي دعوات للاستسلام. لا بل اظهروا تصميماً وشراسة في القتال بحيث أطلقوا تسعة صواريخ باتجاه قرى قضاء عكار.

وأفيد عن سقوط عدد من القتلى في صفوف المسلحين وقتيلين من الجيش الذي واجه المسلحين في الكثير من الاحيان من شقة الى شقة ومن غرفة الى غرفة. وقد نعى الجيش العريفين محمد احمد ايوب (من بلدة جنتا ـ بعلبك) ومحمد احمد جديد (من بلدة عكار العتيقة ـ عكار).

على صعيد التحقيقات مع المسلحين الاصوليين، تسلم امس قاضي التحقيق العسكري الاول رشيد مزهر خمسة موقوفين من «فتح الاسلام» (فلسطينيون) استمهلوا لتوكيل محامين للدفاع عنهم. وأصدر مذكرات وجاهية بحقهم سندا الى مواد الادعاء، اي تأليف عصابة مسلحة والقيام بأعمال ارهابية وحيازة ونقل اسلحة ومواد متفجرة واستعمالها.

على صعيد عمليات اغاثة الفلسطينيين النازحين من نهر البارد، اعلنت دولة الامارات العربية المتحدة عن منحة مالية جديدة للبنان هي عبارة عن خمسة ملايين دولار قدمها رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان للاسر الفلسطينية النازحة. وجاء الاعلان عن المنحة الاماراتية في ختام اجتماع عقده رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة مع مدير المشروع الاماراتي لدعم اعادة اعمار لبنان عبد الله الغفلة.