الإمارات: عشرات الألوف من العمالة المخالفة يسارعون لتصحيح أوضاعهم غير القانونية

أكثر من 100 ألف عدلوا أوضاعهم من أصل 300 ألف مخالف

TT

بعد سنين من وجود مئات الألوف من العمالة الوافدة غير النظامية، تسعى دولة الإمارات العربية المتحدة بجدية، لإنهاء مشكلة شكلت هاجسا أمنيا كبيرا، وهي مشكلة العمالة المخالفة التي تقيم في البلاد، من دون أية ضوابط قانونية تحكم إقامتها. وبنهاية الشهر المقبل تكون المهلة الأخيرة الممنوحة من الحكومة لهذه العمالة قد انتهت، في حين شددت مصادر أمنية أن هذه الفترة «هي الأخيرة والنهائية ولن يكون لها تمديد بأي حال من الأحوال».

وقالت مصادر إن السلطات الإماراتية جادة هذه المرة للانتهاء من تصحيح أوضاع هذه العمالة المخالفة، ولن تمنح أي مهلة جديدة في السنوات المقبلة، ووفقا للمصادر فإن هناك خشية من تفاقم المشكلة ومن ثم تصعب السيطرة عليها فيما بعد مع زيادة عدد المخالفين.

وتشكل العمالة الوافدة غير النظامية في الإمارات قضية عويصة صعب حلها طوال السنين الماضية، وبالرغم من المحاولات الجادة التي قامت بها السلطات أكثر من مرة، إلا أن هذه المرة يبدو أن المشكلة في طريقها إلى الحل، خاصة أن عدد هذه العمالة المخالفة يبلغ نحو ثلاثمائة ألف مخالف، بحسب الأرقام الرسمية، في الوقت الذي يبلغ عدد العمالة المسجلة رسميا نحو 2.7 مليون عامل.

وتأتي هذه الحملة الحكومية في أعقاب قرار الحكومة الإماراتية بتشديد الإجراءات والتدابير القانونية بحق العمالة المخالفة لقوانين وأنظمة الإمارات ممن يقيمون ويعملون على أراضيها بصورة غير قانونية وذلك بعد منحهم مدة ثلاثة أشهر لتسوية أوضاعهم أو مغادرة أراضي الدولة من دون تغريمهم أو مساءلتهم، وقررت الحكومة فرض عقوبة الغرامة المالية والسجن بحق كل من يؤوي أو يستخدم عاملاً على غير كفالته أو يمنحه المسكن خاصة في المزارع والعزب العائدة للمواطنين بعد انتهاء فترة السماح.

وكان الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رئيس مجلس الوزراء قد طالب خلال عرضه لاستراتيجية بلاده بسن تشريعات مشددة ضد من يقوم بتشغيل العمالة المخالفة وفرض عقوبات تصل إلى السجن، مضيفا «الذي يخالف القانون يعرض أمن الوطن للخطر ويعرض استقرار سوق العمل للاهتزاز ويعرض سمعة الدولة للتشويه ولن نسمح بذلك أبدا»، معتبرا في السياق نفسه أن بعض من يأوون العمالة المخالفة هم أنفسهم من يساهمون في زيادة خلل التركيبة السكانية للامارات.

ووفقا لمصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط» فإن السلطات الإماراتية تسعى بهذا القرار لأن يكون خطوة تصحيحية تؤدي إلى تخليص نظام العمالة والهجرة من الحالات غير القانونية التي تمتلئ بها الامارات السبع، مع الإشارة إلى أن المهلة التي قدمتها وزارة الداخلية ركزت بشكل أساسي على البعد الإنساني الذي سيمكن عشرات الآلاف من العمال المخالفين من الانضمام إلى أسرهم في بلادهم، أو تسوية أوضاعهم القانونية، بدون محاسبتهم على الفترة غير القانونية التي سبقت المهلة الأخيرة.

ويقول العميد محمد غرير الرميثي، القائم بأعمال مديرعام الجنسية في وزارة الداخلية الاماراتية، ان نحو 110 آلاف مخالف استفادوا منذ صدور القرار الوزاري ، بينهم 49 الف مخالف عدلوا من أوضاعهم وسيبقون في الدولة بصورة نظامية، فيما تم إصدار أكثر من 61 الف تصريح مغادرة، ويتم حاليا إنهاء إجراءات المغادرة لعدد منهم، فيما غادرت مجموعة منهم في الأيام الماضية إلى بلادهم.

وتعتبر الامارات من الدول القليلة على مستوى العالم التي يشكل فيها المواطنون أقلية بالنسبة للوافدين من الجنسيات الأخرى. ووفقا للتعداد الأخير للسكان يبلغ عدد المواطنين نحو 825 ألف نسمه بنسبة 20.1 في المائة من إجمالي عدد السكان، بينما يبلغ عدد غير المواطنين 3.27 مليون نسمة وبنسبة تصل إلى 80 في المائة، من إجمالي السكان البالغ عددهم 4.1 مليون نسمة. ويحذر العقيد الرميثي من أولئك الذين لا يلتزمون من هذه المهلة بأنهم سيتحملون نتائج تجاهلهم للقرار الحكومي وستطبق في حقهم العقوبات والغرامات، مشيرا إلى أهمية استفادة كافة المخالفين من قرار مجلس الوزراء «خاصة أن مثل هذه القرارات لا تصدر بشكل سنوي».

وضمن خطط السلطات الاماراتية فإن مهلة السماح للعمالة المخالفة بتعديل أوضاعها ستعقبها حملات تفتيشية مكثفة لن تنحصر على مستوى المواقع أو الشركات فحسب، بل أيضا ستشتمل على مناطق تجمعات ووجود المخالفين الباحثين عن عمل، كما ستتم مساءلة من يقوم باستخدامهم وتشغيلهم.

وتبنت وزارة العمل وسيلة الضغط على المخالفين والشركات التي يعملون فيها، وذلك برفع قيمة الغرامات على المخالفين للحد من هذه الظاهرة، وتتراوح الغرامة من 5 آلاف إلى عشرة آلاف درهم للعامل، و50 ألفا إلى 100 ألف للشركات والمؤسسات المخالفة.