منطقة خضراء في بغداد للقضاء لحماية رجال العدالة من العنف

تشتمل على 2500 معتقل.. ويؤمل أن تتسع التجربة لتشمل محافظات أخرى مثل الأنبار

حراس عراقيون ينفذون دورية راجلة بالقرب من مجمع جديد للقضاء في بغداد («نيويورك تايمز»)
TT

في مدينة مجذومة بمهاجمين انتحاريين وميليشيات مارقة، تبنى الأميركيون والحكومة العراقية إجراءات أخرى لفرض سلطة القانون؛ فهم أقاموا منطقة خضراء للقضاء ضمن مجمع محصن بقوة يؤوي القضاة وعائلاتهم ولضمان إجراء محاكمات مأمونة لأكثر المشتبه بهم خطورة.

وقال قاض يعيش في هذا المجمع مع زوجته وأطفاله: «عملنا هو تحد حقيقي. أنا لم أشاهد بغداد منذ ثلاثة أشهر». ويعتمد هذا المجمع المحصن على أكثر من طرف لتوفير الحماية له، لكنه في الأخير سيعتمد على مدى قدرة العراقيين في توسيع سلطاتهم كي يتمكنوا من إجراء المحاكمات في المجمع إضافة إلى مدى قدرتهم على تطبيق العدالة بشكل متساو على السنة والشيعة على حد سواء. وجاء تصور مساعدة العراقيين كي ينشئوا منطقة خاصة للعدالة ضمن الخطة الأميركية التي أعدها الجنرال ديفيد بترايوس والسفير الأميركي في العراق رايان كروكر. ويؤمل أن تتسع هذه التجربة كي تشمل محافظات أخرى مثل الأنبار. وتوفر الولايات المتحدة لهذا المجمع الذي ما زال في بدايات عمله المحققين الجنائيين والمحامين والكادر القضائي لتدريب العراقيين كي يديروا هذا المجمع، وهذا يشمل إسكان الشهود والمحققين وتوفير مكان آمن لكلية شرطة بغداد وللمعتقلين الذين يتزايد عددهم يوما بعد يوم. ويضم هذا الفريق الأميركي 55 شخصا جاء بعضهم من وزارة العدل الأميركية ومن الجيش الأميركي، إضافة إلى المتعاقدين الخاصين، وهناك أيضا 4 محققين عراقيين.

لكن هناك 26 محققا عراقيا يجرون حاليا تدريباتهم على يد مكتب التحقيقات الفيدرالي، حسبما قال مايكل والثر المسؤول الرفيع من وزارة العدل الأميركية. وقبل انتهاء شهر مارس(آذار) المقبل، ستحل محل قاعة المحكمة الصغيرة التي جرت فيها محاكمة أبو قتادة قاعة أكبر تبلغ تكاليف بنائها 11 مليون دولار، وسيتم الإنفاق عليها من الأموال الأميركية المكرسة لإعادة إعمار العراق.

ومن المتوقع للمحكمة الجنائية المركزية أن تجري 5 آلاف محاكمة في السنة، حسبما قال الكولونيل مارك مارتينز القاضي المشارك في التدريب. وستتحمل الحكومة العراقية تكاليف حماية وإدارة المجمع القضائي الشهر المقبل، ووافقت على تخصيص 49 مليون دولار لهذا المجهود.

وعلى الرغم من أن مجمع فرض القانون غير محصن من المشاكل العالقة بالنظام القضائي العراقي مثل الازدحام الشديد للمحتجزين داخل السجون مع تصاعد العمليات العسكرية، وسعيا لتقليص عدد المحتجزين في سجون الكاظمية والمناطق الأخرى، تم نقل عدد منهم إلى مجمع الرصافة، حيث تم أخذ بصمات أصابعهم وأخذ صور لشبكيات أعينهم.

وتبلغ سعة المركب القضائي الجديد 2500 معتقل وستتسع كي تصل إلى 5000 شخص في نهاية هذا الصيف. ويتميز المبنى الخاص بالسجون في كونه أنظف من غيره، لكن مع وجود 15 محتجزا في كل زنزانة يكون المبنى قد وصل لأقصى طاقته. إضافة إلى هذه المشكلة هناك تخوف آخر أثاره أحد المحققين العراقيين العاملين في هذا المجمع؛ وهو الاجندات الطائفية لوزارة الداخلية. وقال هذا المحقق، الذي لا يمكن كشف هويته، إن مسؤولين من الوزارة جعلوه موضوعا لتحقيق حينما عبر عن عزمه الزواج من امرأة سنية. وقال معبرا عن اشمئزازه: «أي نوع من التحقيق هذا؟».

وحسب القانون العراقي، فإن الدلائل المسجلة ضد المتهم يتم جمعها حينما يقوم قاضي التحقيق بطرح اسئلة على الشهود ويبدأ بتحضير لجنة من القضاة لمراجعة ملف تحقيقه. والمحاكمات نفسها قصيرة قياسا بالمحاكمات الأميركية. ومع وجود حماية امنية مكثفة في مجمع الرصافة يصبح صعبا على العراقيين حضور المحاكمات، لذلك تم عمل تسجيلات فيديو للمحاكمات.

وفي نظام قضائي يعتمد كثيرا على الاعترافات وقليلا على تحقيقات الطب العدلي في موقع الجريمة، هناك مزاعم كثيرة على وقوع عمليات تعذيب. وفي محاكمة جرت يوم 3 يوليو(تموز) تم إطلاق سراح 4 متهمين بارتكابهم جريمة قتل واغتصاب على أساس أن الاعترافات تبدو وكأنها انتزعت بالقوة. وشعر المتهمون وهم يسمعون الحكم غير مصدقين بفرح كبير حسب فيلم الفيديو المسجل للمحاكمة. وقال الأميركيون إنهم متفائلون لما شاهدوه من مرونة وصلابة المحققين العراقيين الذين كانوا مسؤولين عن قضية أبو قتادة بالذات. وقال القاضي الأميركي المشارك في التحقيقات: «نحن كنا نسميه بالذئب. ولم يكن سهلا جعله يتكلم».

*خدمة «نيويورك تايمز»