وزير الداخلية الصومالي لـ«الشرق الاوسط» : نبذل قصارى جهودنا لإشراك المعارضين في مؤتمر المصالحة

اتهم المحاكم الإسلامية بالوقوف وراء الهجمات ضد القوات الصومالية والإثيوبية

TT

رفض وزير الداخلية الصومالي محمد محمود جوليد إلقاء تبعية العمليات التي تتعرض لها القوات الصومالية والإثيوبية فى العاصمة الصومالية مقديشو، على أجهزة مخابرات أو جماعات إرهابية خارجية، بما في ذلك تنظيم «القاعدة»، لكنه اتهم في المقابل فلول تنظيم المحاكم الإسلامية بالمسؤولية عن هذه العمليات التي تصاعدت وتيرتها في الآونة الأخيرة.

وقال جوليد في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من مقديشو، إن الوضع الأمني في المدينة آخذ في التحسن، مشيرا إلى أن وتيرة هذه العمليات قد هدأت حدتها وأنها لم تعد تمثل أهمية أو تخيف حكومته.

وشدد جوليد الذي أمضى قرابة الأسبوعين في العاصمة الكينية نيروبي بعد خضوعه لعملية جراحية في عينيه، على أن الشارع الصومالي بدأ يدرك خطورة ما تقوم به هذه العناصر المتطرفة وأنه في المقابل بدأ يتعاون مع الأجهزة الأمنية والعسكرية الموالية للحكومة الصومالية لاعتقال المشتبه في تورطهم في هذه الأحداث.

وأنحى جوليد باللائمة على تعثر جهود الأجهزة الأمنية في وضع حد للهجمات المستمرة التي تستهدف القوات الصومالية والإثيوبية، على النقص في الأجهزة التقنية وافتقاد الكوادر الأمنية للخبرة المطلوبة، لكنه لفت إلى أن حكومته تسعى للتغلب على هذه العقبات عبر التعاون مع دول عربية وأخرى أجنبية شقيقة.

وردا على مطالبة الأمم المتحدة على لسان مبعوثها الخاص إلى الصومال فرانسوا لونسيني فال، للحكومة الانتقالية التي يقودها علي محمد جيدي ببذل مزيد من الجهد في سبيل التواصل مع زعماء قبائل لم يشاركوا في مؤتمر للمصالحة إذا أرادت النجاح في إحلال السلام في البلد الذي تعمه الفوضى، شدد جوليد على أن حكومته تبذل قصارى جهدها فى هذا الإطار.

وقال إن حكومتنا بالأساس هي حكومة مصالحة ووحدة وطنية ولم نتوقف يوما عن مد أيدينا إلى الجميع حتى أولئك الذين رفعوا السلاح في وجوهنا، لكنهم في المقابل تجاهلوا عرضنا السلام والعفو.

واعتبر جوليد انه من الخطأ تحميل الحكومة الصومالية مسؤولية مقاطعة المحاكم الإسلامية وغيرها من فصائل المعارضة لمؤتمر المصالحة، للسلطة الانتقالية التي يقودها الرئيس الصومالي عبد الله يوسف. وقال: «لقد بذلنا ما نستطيع كي نقنعهم ولكننا لا نمتلك الإمكانيات المادية التي تساعدنا على هذا الإقناع ومع ذلك فأبواب المؤتمر مفتوحة أمام الجميع في أي وقت».

وكان مبعوث الأمم المتحدة للصومال قد قال خلال زيارته الأخيرة للعاصمة مقديشو، إنه يتعين على جميع أطراف الصراع في البلاد الجلوس سويا، داعيا إلى حوار شامل للجميع في الصومال.

وأخفق فال مع ذلك في إقناع قيادات وزعماء من قبيلة الهوية في المشاركة في المؤتمر الذي قللوا من شأن فرص نجاحه في حسم الأزمة الصومالية، وقالوا انه لا طائل من ورائه. وفي تحول لافت، أشاد وزير الداخلية الصومالي جوليد بموقف الجامعة العربية الأخير تجاه الصومال، وقال انه موقف ايجابي ويعكس الاهتمام العربي بإيجاد تسوية سياسية للأزمة الصومالية. واعتبر جوليد الشهير بجعمديرى (صاحب اليدين الطويلتين) أن الصوماليين يتطلعون إلى المزيد من الاهتمام العربي، داعيا عمرو موسى، الأمين العام للجامعة العربية، إلى توسيع جهوده وإقناع الدول الأعضاء فى الجامعة العربية بتقديم المزيد من المساعدات العاجلة للحكومة الصومالية.

وقال جوليد: «نحن أشقاء وعلى الشقيق أن يساعد أخاه في محنته، الآن في محنة ونتطلع إلى الدور العربي الايجابي أكثر من أي وقت مضى».

ويأتي هذا التحول في موقف الحكومة الصومالية تجاه الجامعة العربية بعدما رفضت مؤخرا إجراء محادثات مع وفد يمثل تنظيم المحاكم الإسلامية برئاسة الدكتور إبراهيم حسن عدو رئيس مكتب الشؤون الخارجية في المحاكم الذي قام مؤخرا بزيارة غير علنية للقاهرة التقى خلالها مع عدد من المسؤولين المصريين. وقالت مصادر عربية وصومالية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن الجامعة العربية اعتذرت عن لقاء الوفد الصومالي لكنها تسلمت منه رسالة تشرح وجهة نظر المحاكم حيال تطورات الوضع الراهن في الصومال وخاصة ما يتعلق بقرار مقاطعتها مؤتمر المصالحة الوطنية المنعقد حاليا في العاصمة الصومالية.

ورفضت الجامعة العربية الاتهامات التي وجهها لها الشيخ شريف شيخ أحمد رئيس المجلس التنفيذي للمحاكم الإسلامية في الصومال مؤخرا بشأن ما وصفه بتجاهلها لاستمرار الاحتلال الإثيوبي في بلاده وانحيازها للسلطة الانتقالية التي يقودها الرئيس الصومالي عبد الله يوسف.

وقال مصدر مسؤول بالجامعة العربية لـ«الشرق الأوسط» إن الانتقادات التي وجهها شريف غير صحيحة وتتجاهل عن عمد ما وصفه بالمساعي الحميدة والمكثفة التي بذلتها الجامعة العربية لتحقيق المصالحة الوطنية بين مختلف الفرقاء الصوماليين.

واعتبر أن تحميل الجامعة العربية المسؤولية عن بقاء القوات الإثيوبية في الصومال منذ نهاية العام الماضي هو أمر غير مقبول، لافتا إلى أن الجامعة العربية كانت من أوائل المنظمات العربية والدولية التي دعت إلى الانسحاب الفوري لهذه القوات بالتنسيق مع الحكومة الصومالية وقوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي.

وأوضح أن دخول القوات الإثيوبية للصومال تم بناء على طلب رسمي من السلطة الانتقالية ومع ذلك فان مساعي الجامعة العربية وجهودها للتوفيق بين المحاكم الإسلامية والسلطة الصومالية لم تتوقف، مشيرا إلى أن الجامعة العربية رعت ومولت المفاوضات التي عقدت في العاصمة السودانية الخرطوم العام الماضي بين الطرفين، لكنها لم تكلل بالنجاح لأسباب ليس للجامعة العربية أي دخل فيها.

وكان رئيس المجلس التنفيذي للمحاكم الإسلامية قد وجه انتقادات حادة إلى البيان الذي أصدرته اللجنة العربية الخاصة بالصومال التي اجتمعت الأسبوع الماضي في القاهرة على مستوى المندوبين الدائمين وبرئاسة عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية.