تقلبات مناخية قاسية تهدد العالم

الأمطار الغزيرة والجفاف.. سببها الاحتباس الحراري

TT

خلال يوم واحد هذا الشهر، هبطت في مناطق كثيرة من جنوب آسيا أمطار موسمية بمستويات وصلت الى نحو 35 سنتيمترا. واعتبر شهر مايو (زيار) في ألمانيا أكثر الأشهر المطيرة، بينما كان ابريل (نيسان) أكثرها جفافا خلال قرن. ووصلت درجات الحرارة الى ارقام قياسية في بلغاريا حيث سجلت 45 درجة مئوية الشهر الماضي، وفي موسكو أكثر من 32 درجة.

ورغم أن خمسة أشهر لا تزال متبقية من العام، إلا ان العالم يتعرض الى تقلبات مناخية استثنائية، حدت بمنظمة الأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة الى اعتبارها خارج المستويات التاريخية، ومقدمة لتغيرات كبرى في الطقس، بسبب التغيرات الناجمة عن الاحتباس الحراري. وقالت المنظمة في تقريرها، إن شهري يناير (كانون الثاني) وأبريل هذا العام كانا من أكثر الشهور دفئا. وأضافت ان متوسط درجات الحرارة سجل ارتفاعا بـ 1.89 درجة مئوية في يناير و1.37 درجة في ابريل. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن عمر بدور، الخبير في المنظمة، ان درجات الحرارة في القارة الاوروبية وحدها كانت في ابريل أعلى بأربع درجات من متوسط درجات الحرارة.

وأشار تقرير المنظمة الدولية الى سلسلة من التقلبات المناخية العنيفة، مثل ضرب موجات بحرية تراوح ارتفاعها بين 3 و3.6 متر، لـ 70 جزيرة في 16 أرخبيلا جنوب الهند في مايو الماضي، محدثة الفيضانات والخراب، والفيضانات في جزر مالديف، وحدوث أسوأ فيضانات منذ عام 1959 في الأوروغواي أثرت على 110 آلاف شخص. وبعد شهرين من ذلك شهدت اجزاء من اميركا الجنوبية شتاء قارسا ورياحا شديدة وعواصف ثلجية نادرة. وأخيرا شهد جنوب شرق اوروبا موجة حر قياسية في يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) الماضيين.

وقد تأثر 30 مليون شخص بالأمطار الموسمية في جنوب آسيا، والملايين بسبب الأمطار الغزيرة في الصين. وأشار التقرير الى إعصار «غونو» في سلطنة عمان وايران، وهو اعنف إعصار منذ ثلاثة عقود، والى ارتفاع منسوب نهر النيل في يونيو في السودان وتساقط الثلوج على جنوب افريقيا.

وكانت اللجنة الدولية للتغيرات المناخية قد أكدت في فبراير (شباط)الماضي وجود ظاهرة التسخين، اذ اعلنت ان متوسط درجات حرارة سطح الأرض المسجلة في 11 من 12 سنة الماضية كانت الأعلى من كل السنوات التي سبقتها منذ بداية التسجيل الرسمي لها. وأضاف تقرير المنظمة ان «التوقعات الخاصة بالتغيرات المناخية تشير الى غلبة حدوث تقلبات حرارية قوية، وموجات حرارة، وهطول امطار غزيرة، وانها ستكون متواصلة ومتكررة». وتتأهب المنظمة لوضع نظام إنذار مبكر من التقلبات المناخية السريعة، وتأسيس نظام للمراقبة البعيدة المدى، كما تخطط لمساعدة الدول المهددة بأخطار التغيرات المناخية.

وقالت المنظمة في تقريرها ان «متوسط درجات الحرارة في النصف الشمالي من الكرة الأرضية خلال النصف الثاني من القرن العشرين، كان على ما يبدو الأعلى خلال الـ50 عاما الماضية من ضمن 500 عام الأخيرة، والأعلى كما يبدو خلال الـ1300 عام الماضية».

ويتوقع ان يقود تسخين الأرض الى حدوث تقلبات قوية في المناخ، كما يقول مارتن ماننغ، رئيس اللجنة الدولية للتغيرات المناخية. ويضيف أن سنة واحدة من الأمطار الشديدة غير الطبيعية وموجة حر شديد لم يسبق لها مثيل، قد لا تقدم شيئا محددا ونهائيا حول التغيرات المناخية، الا انها تتطابق مع توقعات اللجنة. وأضاف ان «ما توقعناه هو زيادة الحوادث الاستثنائية نتيجة زيادة درجات الحرارة. والفيضانات والجفاف وموجات الحر تتطابق مع تلك التوقعات».

* خدمة «واشنطن بوست»: خاص بـ«الشرق الأوسط»