سيف الإسلام القذافي يقدم رؤيته لدستور لبلاده ويعتبر والده والإسلام من «الخطوط الحمراء»

دعا إلى توسيع الحوار السياسي خارج «المؤتمرات الشعبية»

TT

رسم نجل الزعيم الليبي سيف الاسلام القذافي، الذي يقود عملية الاصلاح في البلاد، معالم نظام سياسي مستقبلي لبلاده يرتكز على دستور ويقوم على تعزيز الديمقراطية الشعبية المباشرة من دون ان يتحدى سلطة والده، إذ أكد امام حشد من آلاف من انصاره ان زعامة والده وقوانين الشريعة الاسلامية من «الخطوط الحمر» التي تعتبر غير قابلة للنقاش.

وحدد سيف الاسلام في خطاب القاه ليل الاثنين ـ الثلاثاء في مدينة بنغازي شرق طرابلس الخطوط العريضة لمشروع دستور في ليبيا قائلا أمام حشد تجاوز الاربعين الف شاب قدموا من كل انحاء ليبيا «حدث خلل في تطبيق سلطة الشعب، الامر الذي ترتبت عليه هيمنة القبائل الكبيرة على المناصب الحكومية على حساب القبائل والتجمعات الصغيرة، وبالتالي اصبح من الضروري ان نتوصل الى حل بدستور او صيغة نتفق عليها» حسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال إن النظام السياسي الحالي للجماهيرية الذي يقوم على الكتاب الاخضر للقذافي جيد على الورق، ولكن له بعض العيوب في التطبيق العملي. ويحرم ذلك النظام المعارضة السياسية ويحظر انشاء احزاب سياسية وبرلمان منتخب انتخابا حرا.

وقال سيف الاسلام ان رخاء ليبيا واستقرارها يتطلبان انشاء جهاز اعلامي مستقل وبنك مركزي مستقل ومحكمة عليا مستقلة. وقال ان المجتمع يحتاج الى جهاز اعلامي مستقل ليلقي الضوء على الفساد والغش والتزوير. ويجب ان يكون لليبيا مجتمع مدني مستقل وهيئات مستقلة، بحسب وكالة رويترز.

الا ان سيف الاسلام عدد اربع قضايا قال انه يجب استثناؤها من اي مناقشة سياسية واصلاحات مستقبلية، وهي الشريعة الاسلامية والامن والاستقرار وسلامة اراضي ليبيا وزعامة القذافي.

وقال ان ليبيا لن تتحول الى اسرة حاكمة او عائلة مالكة وانه يريد تقوية النظام الحالي للبلاد لجعله اكثر كفاءة. واضاف «ان التحدي القادم هو ان نضع حزمة من القوانين التي يمكن ان نسميها دستورا او عقدا اجتماعيا او غيرها (...) المهم هو عقد ينظم حياة الليبيين».

واعلن سيف الاسلام القذافي على مسرح ضخم جلب من بريطانيا تجاوز عرضه مائة متر نصب في ساحة مكشوفة في قلب بنغازي، المدينة الثانية في البلاد، عن انشاء «مراكز للديمقراطية المباشرة» تناقش شؤون الدستور وتساعد على الوصول الى صيغة نهائية لهذا الدستور.كما دعا الى «حوار كبير يشمل الشعب الليبي الكامل لنصل في اقرب وقت الى الصيغة المثالية لهذه القوانين»، مشددا على تمسكه بـ«الديمقراطية المباشرة» التي يدعو اليها والده.

وتحتفل ليبيا في الاول من سبتمبر بالذكرى السابعة والثلاثين للاطاحة عام 1969 بالملكية السنوسية على ايدي مجموعة من «الضباط الاحرار» بقيادة العقيد القذافي. والغى هذا الاخير الدستور الذي كان وضع في 1951 والذي كان ينص على ان ليبيا مملكة دستورية.

وفي مارس 1977 اعلنت ولادة «الجماهيرية العربية الشعبية الاشتراكية العظمى» التي يتولى فيها الشعب «السلطة مباشرة» واقيم «مؤتمر الشعب العام» وهو بمثابة برلمان و«اللجنة الشعبية العامة» المكلفة تنفيذ تعليمات المؤتمر العام والتي تعتبر بمثابة حكومة.

وصدر في 1977 دستور موقت بعنوان «وثيقة قيام سلطة الشعب» يجسد تحول ليبيا الى النظام الجماهيري. وتتألف الوثيقة من اربعة بنود، وتنص على «ديمقراطية مباشرة» تتولى السلطة فيها «المؤتمرات الشعبية».

وشدد سيف الاسلام القذافي، وهو احد ابرز الداعين الى الاصلاح الاقتصادي والسياسي، على ضرورة توسيع الحوار السياسي بخلق «منابر سياسية وندوات تناقش وتنتقد الشأن العام خارج المؤتمرات الشعبية»، علما بان اي نقاش سياسي يعتبر غير مقبول خارج هذا الاطار في ليبيا.

كما دعا رئيس «مؤسسة القذافي للتنمية» الى تعزيز صلاحيات رئيس الوزراء ليتمكن من اختيار وزرائه الذين تعينهم حاليا المؤتمرات الشعبية. الا ان هذا الامر كان دائما يصطدم برفض من الحرس القديم الذي يعتبر ان هذا المطلب مس بسلطة الشعب.

وبدا سيف الاسلام اكثر مرونة واقل حدة مما كان عليه خلال القائه خطابا في 20 اغسطس 2006 عندما نفى وجود «سلطة الشعب» في ليبيا كما ينص عليه «الكتاب الاخضر» الذي يختزل الفكر السياسي للزعيم الليبي معمر القذافي، كما انتقد حينها «مافيا» المسؤولين التي تعارض الاصلاحات السياسية والاقتصادية.

الا ان من الواضح انه بدا مصرا على تنفيد برنامجه الاصلاحي دون الدخول في صراعات قد تعرقل هذا البرنامج الذي يطمح الى اخراج ليبيا من حلتها القديمة التي يعتبرها وراء عزلتها الدولية وتخلفها الاقتصادي رغم مواردها الضخمة. ولم يفوت سيف الاسلام خطابه بدون ان يوجة كلمة للطوارق والبربر بدعوتهم الى التضامن الوطني وقال «نحن الليبيون اقرب الى البربر من بربر المغرب العربي والامر كذلك للطوارق».

ورفض اي «اتفاقات او عقود تمس بوحدة الوطن من خارج الحدود او من وراء البحر» وقال «الذي يرفض ذلك فليخرج من ليبيا».

على الصعيد الاقتصادي، اشاد سيف الاسلام القذافي بنتائج تطبيق خطته الاصلاحية التي اطلقها السنة الماضية، موضحا ان مشاريع تطوير عدة اطلقت في ليبيا تبلغ كلفتها ستين مليار يورو.

كما شدد على ضرورة مكافحة الهجرة غير الشرعية التي وصفها بأنها «مشكلة على ليبيا التي ستصبح وطنا للاخرين من جيراننا» وقال «اذا الوضع بقي على هذا الحال ونحن خمسة ملايين فقط ستصبح ليبيا لغير الليبيين وإلا ما كان جدوى جهادنا ضد الطليان والاتراك».

وعن الاصلاحات الاقتصادية شرح سيف الاسلام تفاصيل خطة تتكلف 104 مليارات دينار لتطوير شبكة المياه والصرف الصحي للبلاد والطرق والمطارات وبناء مساكن جديدة وتقديم منح وقروض الى الليبيين لبدء مشروعات خاصة. وقال ان الخطة بدأت العام الماضي ولكن لم يذكر متى ستنتهي.

وأحد الاجراءات التي استشهد بها مشروع اعطاء كل طفل ليبي يولد مبلغا من المال يودع في بنك من اجل دفع نفقات تعليمه ورعايته الصحية.

وقال سيف الاسلام ان ذلك المبلغ سيمكن الاطفال من العيش دون مساعدة من ابائهم.

واضاف ايضا ان مطارا سيبنى في كل مدينة ليبية وان البلاد سوف تشتري 47 طائرة جديدة.