مساجد بريطانيا تعلم المواطنة والاندماج في المجتمع

ضمن خطة حكومة العمال لـ «إسلام مستنير» لتغيير وجه «لندنستان»

ساجد حسين المتخرج من أكسفورد خلال احدى حصصه الدراسية في برادفورد «نيويورك تايمز»
TT

في مسجد الجامعة الواقع على شارع فكتور ستريت في هذه المدينة التي تشهد توترا عرقيا ودينيا، راح إدريس واتس المدرس والمعتنق للإسلام بمناقشة موضوع يبدو أوليا تماما مع ما يقرب من عشرة مراهقين: لماذا أفضل العمل على البطالة. أخبر واتس تلامذته الجالسين في نصف دائرة أمامه: «قال النبي عليكم تعلم حرفة. ماذا تظنون أنه كان يعني بذلك؟» قال سفران محمود، 54 سنة: «إذا كسبت حرفة فذلك حسن لأنك تتمكن من بعد تعليمها لغيرك». أما أسامة حسين، 14 سنة، فقال: «أنت تشعر بشكل أحسن حينما تتمكن من الوقوف على قدميك».

هذه المقاربة تمثل اتجاها جديدا في المساجد البريطانية. وهي تدخل ضمن تمويل حكومي لتعليم القضايا الأولية المتعلقة بالمواطنة ضمن منهاج خاص يهدف إلى الوصول إلى الطلبة الذين قد يكونون عرضة لتأثير التطرف الإسلامي. وتأمل الحكومة البريطانية أن تحل هذه الصفوف، التي تستخدم القرآن للإجابة عن الأسئلة المتعلقة بالحياة اليومية، تلك الدروس الدينية التي تكون غالبا مملة وأحيانا متشددة والتي تدرّس في الكثير من المساجد على يد أئمتها الذين ولدوا في باكستان ويتكلمون القليل من الإنجليزية ولديهم اتصال ضئيل جدا بالمجتمع البريطاني. وكتب المنهج الجديد ساجد حسين، 34 سنة، والمتخرج من أكسفورد ويعمل مدرسا في برادفورد، وأصبح متبعا في بعض الصفوف الدينية في مدينة راح الفصل ما بين الآسيويين والبيض يزيد فيها يوما بعد يوم. ويهدف هذا المشروع الريادي الذي يتم تمويله من قبل حكومة حزب العمال البريطانية كجزء من حملة تهدف إلى كسب قلوب وعقول الشبان المسلمين وتأمل في الأخير أن تنتشر إلى مدن أخرى وتساعد على تحقيق دمج أفضل لأغلبية المسلمين في الثقافة البريطانية. فهناك ما يقرب من مليوني مسلم أغلبهم من باكستان وبنغلادش يعيشون في بريطانيا. فمنذ مهاجمة الانتحاريين المسلمين البريطانيين لشبكة قطارات الأنفاق في يوليو 2005 واكتشاف محاولتين إرهابيتين جرى الكشف عنهما في السنة الماضية وكان رجال مسلمون بريطانيون موضع شبهة وراءهما، بدأ المسؤولون البريطانيون يجاهدون من أجل عزل الأقلية المتطرفة المسلمة عن الأغلبية المعتدلة من الجالية المسلمة. وقال غوردون براون رئيس الوزراء البريطاني الجديد في أول مؤتمر صحافي له في الشهر الماضي إنه يريد إظهار «الأهمية التي نعلق عليها لعدم العنف والأهمية التي نعلق عليها لكرامة كل فرد» وضمن العملية نجعل «الرسالة المتطرفة الصادرة عن أولئك الذين يمارسون العنف وينوون تشويه وقتل المواطنين فوق الأرض البريطانية غير محببة» من المسلمين. وأضاف براون: «السؤال المطروح علينا هو كيف يمكننا فصل أولئك المتطرفين عن الأغلبية المعتدلة» من المسلمين البريطانيين؟

والخاصية المتميزة في منهج برادفورد تتبنى رؤية براون حسبما ذكر بعض مساعديه، وهذه تتمثل في أن من يدرّس المنهج هم أئمة تقدميون وهو يستند إلى نصوص القرآن بما يتعلق بتنظيم الحياة اليومية في بريطانيا. وكانت حكومة حزب العمال قلقة بشكل خاص لأن هناك ما يقرب من 100 ألف تلميذ مسلم في بريطانيا يحضرون دروسا في المساجد البريطانية كل يوم بعد انتهاء الدروس في مدارسهم حسبما قالت جين هيوتون المتحدثة باسم وزارة الجاليات والحكم المحلي. وأضافت: «يمكن لتأثير هذا التدريس أن يكون كبيرا». مع ذلك فإن هناك معارضة تواجهها الحكومة في مساعيها هذه من بعض المسلمين. وتسأل نزهت علي المنسقة في الجمعية الإسلامية لبريطانيا في برادفور عن السبب الذي يصبح الأطفال المسلمون موضع اختيار كي يعطوا دروسا في المواطنة.

*خدمة «نيويورك تايمز»