الكشف عن دليل إرشادات للبيت الأبيض حول كيفية التعامل مع المظاهرات المناوئة

فرق خاصة مهمتها إبعاد المتظاهرين عن أعين الرئيس.. والإعلام

الرئيس الأميركي جورج بوش بين عدد من قدامى المحاربين بعد مخاطبته مؤتمرهم في مدينة كانساس أمس (إ.ب.ف)
TT

لا يترك البيت الابيض الأميركي أي شيء للصدفة عندما يتعلق الأمر بالاحتجاجات التي تحدث في مرمى بصر الرئيس. فقد تبين أن دليل إرشادات للبيت الابيض تم الكشف عنه مؤخرا يمنح فريق الموظفين الرئاسي المتقدم (الذي يسبق الرئيس عادة) تعليمات مكثفة في فنون «إبعاد المتظاهرين» عن الرئيس جورج بوش عندما يظهر في مناسبات عامة في أنحاء البلاد.

ومن بين الأشياء الأخرى التي يكشف عنها الدليل أن أي مناسبة يجب أن تكون مفتوحة فقط للأشخاص الذين يحملون تذاكر من الهيئة التنظيمية. كما يجري فحص الأشخاص قبل دخولهم خوفا من حملهم للافتات، وأي متظاهر معاد لبوش يتمكن من الدخول يتعرض لهتافات معارضة ممن يطلق عليهم «فرق التجمعات» الذين يتوزعون في أماكن استراتيجية في القاعة. واذا لم ينجح ذلك في إسكات المعارضين يتوجب طردهم.

إلا أن ذلك لا يعني أن البيت الأبيض ضد المعارضين والمنشقين ـ شريطة ألا يراهم الرئيس. وفي الواقع فإن دليل الإرشادات يحدد نظاما معينا لهؤلاء الذين يختلفون مع الرئيس للتعبير عن وجهة نظرهم. فهو يوجه الفريق المتقدم الى طرح أسئلة على الشرطة المحلية «بتحديد منطقة للتظاهر يتجمع فيها المتظاهرون، ويفضل ألا يمكن مشاهدتها من موقع الحدث أو طريق موكب الرئيس».

ويرجع تاريخ «دليل الفريق الرئاسي المتقدم» إلى أكتوبر (تشرين الأول) 2002 ويحمل ختم «حساس ـ لا تنسخه». وتم الافراج عنه ضمن أوراق قضية رفعها اتحاد الحريات المدنية الأميركي، بالنيابة عن شخصين قبض عليهما لرفضهما تغطية قميص تي شيرت عليه عبارات ضد الرئيس بوش خلال خطاب الرئيس بمناسبة ذكرى الاستقلال في ولاية ويست فرجينيا في عام 2004. وقد أصبح الأسلوب المستخدم منذ أكثر من 6 سنوات ونصف السنة من رئاسة بوش معروفا، ولكن الدليل يجعل من الواضح كيف يتم تنظيم سياسة ضبط الاحتجاجات.

وقد رفع القضية كل من جيفري ونيكول رانك، اللذين حضرا المناسبة التي جرت في تشارلستون وهما يرتديان قمصانا عليها عبارات ضد بوش. وكان قميص جيفري عليه عبارة «بوش» مشطوبة وعلى الخلف كتبت عبارة «تغيير النظام يبدأ من الوطن»، بينما كتب على قميص نيكول «أحب اميركا.. أكره بوش». وقد أبلغهما فريق تنظيم الاحتفالات في البيت الابيض بضرورة تغطية القميص أو مغادرة المكان، لكنهما رفضا فقبض عليهما ووثقا وسجنا لفترة قصيرة قبل أن تلغي السلطات المحلية الاتهامات وتعتذر. وقد سوت الحكومة الفيدرالية الأسبوع الماضي القضية التي رفعت استنادا إلى التعديل الأول للدستور الأميركي، مقابل 80 الف دولار دفعت للشاكين، ولكن بدون الاعتراف بالخطأ.

ويوضح الدليل «أن للبيت الابيض سياسة لإبعاد أو محاولة إسكات وجهات النظر المعارضة من المناسبات الرئاسية»، كما ذكر جوناثان ميلر محامي اتحاد الحريات المدنية الذي أضاف: «يجب أن يحظى الفرد بحق التعبير عن رأيه للرئيس، حتى لو كان ذلك غير مفضل». من جانبه قال توني فراتو المتحدث باسم البيت الابيض انه لا يمكنه مناقشة الدليل لأنه مستخدم في قضيتين أخريين.

ويمنح الدليل فرق التنظيم والمتطوعين الذين يشاركون في تنظيم مناسبات يحضرها الرئيس توجيهات تتعلق بتجميع الجماهير. فبالنسبة للحاضرين في المكان المخصص لكبار المدعوين أو بالقرب من المسرح، على سبيل المثال، «يجب أن يكونوا من كبار المؤيدين للإدارة». وتفحص هيئة الخدمة السرية الأشخاص بحثا عن التهديدات المحتملة، كما أوضح الدليل، ويجب أن يجري التدقيق في هوية الأشخاص وخلفياتهم قبل أن يصلوا إلى نقاط التفتيش الأمنية ويبحثون عن أي لافتات. وينصح الدليل بضرورة التأكد من عدم وجود «لافتات مطوية»، أي مخبأة. ولمواجهة أي متظاهرين يدخلون إلى المكان، يطلب من فرق متقدمة تشكيل فرق التجمعات من متطوعين يحملون لافتات باليد وشعارات عليها عبارات و«رسائل مفضلة». ويجب وضع هذه الفرق في مواقع استراتيجية، كما يجب أن يكون هناك فريق واحد على الأقل «متنقل» حول محيط مكان المناسبة بحثا عن أي مشاكل محتملة، حسبما جاء في الدليل الإرشادي. وجاء في الدليل أيضا ان «هذه الفرق يجب أن تتلقى دائما تعليمات بالبحث عن المتظاهرين والمنبر الصحافي الرئيسي». كما ورد في الدليل أيضا أن المتظاهرين إذا بدأوا في الهتاف يجب ان تبدأ فرق التجمعات هتافات مؤيدة بغرض حجب أصوات المتظاهرين. وكحل أخير يجب على أفراد الأمن إخراج المتظاهرين من موقع المناسبة». ويتلقى أفراد الفرق المتقدمة تعليمات تنص على أنهم يجب ألا يشعروا بالقلق في حال عدم وقوف المتظاهرين في موقع مقابل للرئيس أو الكاميرات. وإذا تقرر أن وسائل الإعلام لن تراهم أو تسمعهم وأنهم لن يشكلوا فوضى محتملة في المناسبة فإنه يتم تجاهلهم. من الناحية الاخرى، إذا حمل المتظاهرون لافتات أو حاولوا الصراخ بغرض إسكات الرئيس، أو كان هناك شعور باحتمال تسبيبهم فوضى أكبر في المكان فيجب في هذه الحالة اتخاذ خطوة فورية بغرض تقليل أثرهم. ويقول الدليل إنه يجب تجنب أي احتكاك جسدي مع المتظاهرين، ذلك أن المتظاهرين كثيرا ما يريدون الدخول في مواجهة جسدية. وينص الدليل أيضا على تجنب الوقوع في شراك المتظاهرين، ويشير إلى أن كبار الموظفين «يجب أن يتوصلوا الى قرار حول ما اذا كان الحل سيتسبب في عكس صورة سلبية وأنه من الأجدى ترك المتظاهرين وشأنهم».

*خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الاوسط»