تقرير يتهم مدير «سي آي إيه» السابق بالتقصير في منع هجمات سبتمبر

60 ضابطا فشلوا في وضع الانتحاريين الحازمي والمحضار تحت المراقبة

TT

لم تضع وكالة المخابرات المركزية أبدا استراتيجية شاملة لمجابه «القاعدة»، وتركت مصادر وامكانيات ثمينة من دون استخدام، خلال السنوات التي أدت الى هجمات الحادي عشر من سبتمبر (ايلول)، وفقا لتحقيق داخلي صارعت الوكالة من اجل ابقائه سرا خلال العامين الماضيين.

ويضيف تقرير المفتش العام للوكالة، الذي كشف عنه يوم أول من امس تفاصيل جديدة مقلقة الى سجل واسع من الاخفاقات المرتبطة بالحادي عشر من سبتمبر. وكان بينها الكشف عن ان ما يصل الى 60 من الضباط في الوكالة، كانوا قد رأوا، قبل فترة طويلة من الهجمات، برقيات تشير الى أن اثنين من عناصر «القاعدة» ممن توجهوا الى الاقامة في سان دييغو دخلا الولايات المتحدة أو امتلكا وثائق سفر تسمح لهما بالدخول.

كما طرح التقرير، الذي اكمل في عام 2005 قضية أن جورج تينيت المدير السابق للوكالة ومسؤولين كبار آخرين يجب ان يواجهوا مزيدا من التدقيق داخل الوكالة، لتقرير ما اذا كان ينبغي توجيه اللوم اليهم على ادوار لعبوها في عمليات الاخفاق.

وفند تينيت الذي استقال من منصبه مديرا للوكالة عام 2004، تقرير المفتش العام. وقال تينيت في تصريح قدمه الى الصحافيين يوم أول من أمس، ان «المفتش العام على خطأ كامل».

وعلى العموم يستنتج التقرير انه لم تكن هناك نقطة اخفاق واحدة، ولا وسائل كافية، لمنع هجمات الحادي عشر من سبتمبر.

ويقول التقرير انه مع ذلك فان «سي آي إيه وضباطها الكبار لم يقوموا بمهماتهم بطريقة مقنعة».

ويحتوي التقرير على معلومات جديدة تشير الى ان الوكالة حولت اموالا من نشاطات مكافحة الارهاب، وأخفقت في انفاق جميع الأموال التي تركت، حتى عندما كان تينيت ومسؤولون آخرون في الوكالة يلتمسون الحصول على موارد ويعبرون عن تحذير متزايد من الخطر الارهابي.

وتوصل التقرير الى ان الوكالة لم تضع ابدا تقييما استراتيجيا شاملا للقاعدة، وان المسؤولين سمحوا بالمشاحنة بين الوكالات والوحدات داخل وكالة المخابرات المركزية، من أجل تقويض التعاون في مجال مكافحة الارهاب.

ولم يكن هناك، أساسا، برنامج متماسك وفاعل ويراقب على مدار الساعة، عندما دخل عناصر «القاعدة» الـ19 البلد لخطف الطائرات الأربع.

واقر الكونغرس تشريعا في الشهر الحالي يستدعي من الوكالة، من بين أمور أخرى، أن تكشف عن الخلاصة التنفيذية للوثيقة. وحتى في هذه الحالة فان بعض النصوص بقيت بصياغة أخرى لتجنب الكشف عن اسماء مسؤولي الوكالة وعملياتها.

واعترض مدير الوكالة مايكل هايدن على نشر التقرير قائلا في تصريح، ان «القيام بذلك يعني في أقل تقدير اهدار وقت واهتمام في اعادة النظر بأرض حرثت جيدا». كما عبر عن القلق من ان جعل الوثيقة علنية «سيضع الضباط الذين خدموا بلادهم في الخطوط الأمامية لنزاع عالمي».

ويصل التقرير الى اعادة تدقيق في الأحداث التي جرى التحقيق فيها على نطاق واسع من جانب لجنة مشتركة في الكونغرس واللجنة المستقلة التي حققت في هجمات الحادي عشر من سبتمبر. ولكن الوثيقة مهمة لأنها تمثل ما توصلت اليه الوكالة داخليا بقيادة مفتشها العام جون هلغرسون، ولأنها تضيف تفاصيل جديدة الى التقرير العام عن الهجوم الارهابي الأكثر تدميرا في تاريخ البلاد.

وفي بعض الحالات يشير التقرير الى أن الاخفاقات الموثقة سابقا كانت أكثر ايلاما مما أعلن عنه.

فقد عرف سابقا، على سبيل المثال، ان ما يتراوح بين 50 الى 60 شخصا داخل وكالة المخابرات المركزية كانوا قد قرأوا برقيات معلومات استخباراتية تحذر من أن عنصري «القاعدة» نواف الحازمي وخالد المحضار كانا قد دخلا البلاد او على وشك القيام بذلك.

وقد فشل المسؤولون في سي آي ايه في وضع رجلين في قائمة المراقبة التابعة لوزارة الخارجية، او مشاركة المعلومات حول سفرهما مع مكتب التحقيقات الفيدرالية، الا قبل شهر من الهجمات. ويعتبر الفشل اهم فرصة ضائعة لمتابعة او عرقلة هجمات 11 سبتمبر.

وطبقا للتقرير «يعكس فشل العديد من الاشخاص بالتصرف في هذه القضية انهيارا منظما». وقد احصى العديد من حالات الفشل المنتظمة.

ووصفت وحدة الوكالة المسؤولة عن متابعة اسامة بن لادن بأنها تعاني من عمل مضاعف ونقص في الكفاءات.

وقال التقرير ان «معظم ضباطها ليست لديهم خبرات عملية ولا تدريب ضروري لاستكمال مهمتهم».

وتجدر الاشارة الى ان الوحدة وغيرها من الوحدات المتعلقة بمكافحة الارهاب كانت «معادية لبعضها بعضا وتعمل من اجل اهداف متداخلة قبل هجمات 11 سبتمبر.

وحدثت مشاحنات بين سي آي ايه ووكالة الامن الوطني، حول مسؤوليتهما في استهداف «القاعدة»، كما ذكر التقرير.

واشتكى المسؤولون في الوكالة من الافتقار الى معلومات استخبارية جمعتها وكالة الامن الوطني. ولكن عندما وافقت الوكالة على السماح لموظفي سي آي ايه فحص كل معلوماتها الالكترونية عن اتصالات الارهابيين في الخارج، بعثت سي آي ايه بضابط الى وكالة الأمن الوطني لفترة قصيرة في عام 2000، ثم توقفت مشيرة الى «قيود في الموارد».

وقال مايكل شور الذي كان في الفترة من 1995 حتى 1999 رئيسا لوحدة متابعة بن لادن في سي آي ايه، ان الوكالة توقفت عن ارسال ممثلين لها لوكالة الأمن القومي، لأنها تضع الكثير من القيود على تقديم المعلومات الاستخبارية.

الا ان شور وافق على معظم ما جاء في التقرير، وقال ان الافتقار الى تحليل استراتيجي حول «القاعدة» من جانب وكالة الاستخبارات المركزية يضعف فاعلية وحدته العملية.

واوضح شور، الذي ترك الخدمة في الوكالة في عام 2004 واصبح ناقدا لها منذ ذلك الوقت «كان فشلا خطيرا في قطاع الاستخبارات ككل. لقد ضغطت ولكن قيل لي لا تتدخل في ما لا يعنيك».

ومن النزاعات الاخرى التي تبدو تافهة الان، لاحظ التقرير ان سي آي ايه والمؤسسة العسكرية اختلفتا حول من يجب ان يدفع تكاليف الطائرات التي تطير بدون طيار المفقودة في افغانستان، مما اضعف اهمية جمع الاستخبارات.

وذكر التقرير ان وكالة الاستخبارات المركزية، في عهد تينيت حصلت بنجاح على مزيد من المخصصات لمكافحة الارهاب في السنوات التي سبقت هجمات 11 سبتمبر. ولكن في الوقت الذي كانوا فيه يتطلعون لمزيد من الموارد كان كبار المسؤولين «لا يستخدمون بكفاءة تلك الاموال».

كما اشار التقرير الى ان المسؤولين عن مكافحة الارهاب «لم ينفقوا كل الاموال في الميزانية الاساسية، حتى بعدما خفضت بتحويل بعض الاموال الى برامج اخرى».

ويتركز جزء كبير من الانتقادات الموجهة الى تينيت، الذي يقول المحققون انه يتحمل المسؤولية النهائية تجاه عدم اتباع خطة استراتيجية تجاه «القاعدة» على الرغم من توجيهاته بضرورة تنفيذ ذلك. إلا ان تينيت اتهم المفتش العام بالتخمين، وأشار الى ان مكتب المراقبة اصدر قبل اسابيع مع هجمات 11 سبتمبر 2001 تقريرا داخليا أشاد فيه بالطريقة التي يدار بها مركز مكافحة الارهاب التابع للوكالة. وقال تينيت ان هناك خطة قوية لتعقب «القاعدة» اتخذت قبل فترة طويلة من هجمات 11 سبتمبر، وأعرب عن اعتقاده في ان جهوده كانت وراء الخطة، وأشار الى ان عدد الموظفين الذين جرى تعيينهم في مركز مكافحة الارهاب التابع للوكالة ارتفع بنسبة 74 بالمائة على مدى خمس سنوات، كما ان ميزانيته زادت الى اكثر من الضعف. وأضاف تينيت ايضا ان التقرير «لم يقّدر التحديات والأداء البطولي للعاملين في وكالة الاستخبارات بصورة عامة ومركز مكافحة الارهاب بصورة خاصة. حتى الآن لم يتعرض أي من العاملين بوكالة الاستخبارات المركزية لتوبيخ بسبب أي فشل يتعلق بهجمات 11 سبتمبر. جدير بالذكر ان التقرير الذي صدر عام 2005 سلط الضوء على الاخفاقات التي حدثت قبل هجمات 11 سبتمبر مثل افتقار دوائر الاستخبارات الاميركية، التي تتكون من 16 وكالة، الى أي «نهج موثق وكامل» للتعامل مع تنظيم «القاعدة» خلال السنوات التي سبقت هجمات 11 سبتمبر. كما اشير ايضا الى انه لم يكن هناك تقرير حول اسامة بن لادن منذ عام 1993، كما لم يُبحث الاستخدام المحتمل للطائرات كأسلحة، مثلما حدث في 11 سبتمبر. جاء في ذلك التقرير ايضا انه لم يكن هناك تحليل شامل للأخطار التي سجلت خلال الفترة من الربيع حتى الصيف عام 2001. على الرغم من أن المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية، جورج تينيت، كان قد قال عام 1998 ان الولايات المتحدة «في حالة حرب» مع «القاعدة»، فإنه فشل في ان يأتي بخطة شاملة. جاء ضمن الاخفاقات التي وردت في التقرير ان النزاع بين وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية والوكالات الاخرى، ووسط وحدات مكافحة الارهاب التابعة للوكالة، أسفر عن إضعاف قدرة الوكالات على تعقب وتوقيف الارهابيين. على الرغم من المطالبة بزيادة الميزانية والقوة العاملة، فإن المسؤولين لم يديروا ميزانيات مكافحة الارهاب بالصورة المطلوبة وفشلوا في تحويل المخصصات اللازمة للموظفين داخل الوكالة بغرض ترقية جهود مكافحة الارهاب. جاء ضمن جملة الاخفاقات التي وردت في ذلك التقرير، ان التحذير المتعلق برصد اثنين من خاطفي الطائرات التي نفذت بها هجمات 11 سبتمبر اطلع عليه عدد يتراوح بين 50 و60 مسؤولا حكوميا فشلوا في اتخاذ خطوة للتدخل وذلك نتيجة لانهيار منظم داخل وكالات الاستخبارات الاميركية. كما اشير ايضا الى انه كان من الممكن الإبقاء على واحد من الخاطفين خارج الاراضي الاميركية.

*خدمة «لوس انجليس تايمز» خاص بـ«الشرق الاوسط»