جدل حول فرص المنقبات في سوق العمل

مذيعات يحرمن من الظهور على الشاشة.. ويندر وجودهن في إندونيسيا.. وتركيا العلمانية تحظر غطاء الرأس

زهرة هوبر ترتدي الحجاب اثناء حديثها الى زميلها في االعمل بمحطة «اف ام» اميركية في ميتشيغان , وتعمل زهرة في مجال التحرير الاذاعي («رويترز»)
TT

لم تستطع عائشة عبيد الحصول على وظيفة في متجر بدبي، بسبب النقاب الذي يغطي وجهها، ولا يكشف سوى عينيها. ومن أجل تحسين فرص إيجاد عمل خلعت عائشة النقاب. وتقول عائشة، 22 عاما، «لا يقبل أحد توظيف منقبات بقطاع التجزئة». وفي حين تتوقع المنقبات مشاكل في شغل وظائف معينة خارج العالم الاسلامي، فإن منقبات في المنطقة يقلن أيضا انهن يواجهن مشكلة في الحصول على عمل، وبصفة خاصة في الوظائف التي تتطلب التعامل مع جمهور.

ومشاهدة اماراتيات أغلبهن محجبات يرتدين عباءات انيقة في المكاتب أمر عادي، ولكن نادرا ما تشاهد المنقبات في المكاتب الامامية التي تتعامل مع الجمهور.

وقال عبد الله ناصر المدير بمكتب بريد في دبي: «لا تجلس المنقبات في المكاتب الامامية. يتولين مناصب ادارية. يحتاج العملاء لمعرفة من يتحدثون اليه». ويثير النقاب جدلا سياسيا حادا في العديد من الدول بشأن حق المنقبات في الالتحاق بمدارس في مجتمعات علمانية والعمل كشرطيات او معلمات او وظائف اخرى يتعاملن فيها مع الجمهور.

ويشيع النقاب في السعودية والكويت والإمارات بصفة خاصة. حيث تغطي نساء كثيرات وجوههن في اماكن عامة.

وفي دبي اكثر الإمارات تقدما حيث اقامت شركات عالمية مراكز اقليمية، ويمثل الأجانب من غير المسلمين نسبة كبيرة من السكان، تجد المنقبات صعوبة في الحصول على وظيفة.

وتقول نورة البدور مديرة العلاقات العامة في هيئة تنمية وتوظيف الموارد البشرية الوطنية «تنمية» لدى بعض الشركات سياسة تمنع ارتداء النقاب خلال ساعات العمل مثل البنوك على سبيل المثال.

واثار النقاب جدلا في مصر اكبر دولة عربية من حيث تعداد السكان، حيث يتزايد عدد المنقبات. وفي يونيو (حزيران) اصدرت محكمة حكما بأنه لا يحق للجامعة الاميركية في القاهرة منع دخول باحثة منقبة.

وفي الولايات المتحدة تنوي سايما اظفر، وهي مهاجرة من باكستان، ارتداء النقاب عند اجراء مقابلات من اجل العمل بعد ان تنجح في اختبارات رخصة مزاولة مهنة الطب في شيكاغو.

وتوضح لرويترز: «هناك طبيبات مسلمات اجتزن مرحلة الحصول على ترخيص لمزاولة المهنة. قلن لي اذا كانت لديك المهارة، فلن يحرمك أي شخص من وظيفة لأنك منقبة». وتقول زرقاء عابد ان النقاب لم يؤثر على مستقبلها العملي. وهي تعمل حاليا كمستشارة في مجال الاتصالات والتسويق. وعملت زرقاء كمحررة صحفية لمحطة ان.بي.سي الأميركية وإدارت محطة تلفزيون في باكستان. وتابعت: «اثبت للناس ان المرأة المنقبة، يمكنها ان تفعل ما تريده وان تكون ناجحة، وان يكون لها مستقبل مهني». وتثير زرقاء فضول وارتباك زملائها، ولكنها تقول ان القوانين الاميركية تسمح لها بحرية العمل وارتداء النقاب، ولكن هناك عائقا مهما. وتضيف: «مازلت غير مرحب بي على الشاشة بسبب غطاء وجهي». ويندر النقاب في اندونيسيا اكبر دولة اسلامية من حيث تعداد السكان وحتى في اقليم اتشيه حيث يفرض على النساء ارتداء الحجاب في الاماكن العامة نادرا ما توجد نساء منقبات.

وتخلت ستي نور ليلى النشطة الاسلامية عن النقاب قبل سنوات قليلة وتقول ان معظم من يرتدين النقاب في اندونيسيا ينتمين لمجموعة صغيرة من المسلمين. وتضيف «في اندونيسيا ينظر الناس لمن يرتدين النقاب بغرابة وغالبا ما يطلب الناس من اطفالهم تجنبنا».

وتابعت «حتى معلمتي التي كانت سببا في ارتدائي النقاب خلعته». وفي تركيا فإن مجرد وضع غطاء للرأس مشكلة للنساء حيث تحظر القوانين العلمانية في البلاد غطاء الرأس في العمل في القطاع العام كما لا يشجعه القطاع الخاص ايضا. وفي كثير من المكاتب تغطي فقط عاملات النظافة شعرهن. ولا توجد احصاءات لعدد من تسربن من التعليم لجامعى او خرجن من سوق العمل بسبب غطاء الراس، ولكن المؤسسة التركية للدراسات الاقتصادية والاجتماعية «تيسيف» ذكرت ان 60 في المائة من التركيات محجبات.

ويوجد في تركيا اقل نسبة مشاركة للمرأة في القوة العاملة بين دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وتبلغ 27 في المئة. ويعزو نشطاء ذلك على الاقل جزئيا للقيود على الحجاب. وكثيرا ما تضع فتيات شعرا مستعارا في الجامعة كحل وسط.

وفاطمة بنلي محامية محجبة لذا لا يمكنها ان تمثل امام المحكمة. تخلت فاطمة عن دراستها العليا للحصول على درجة الماجستير بسبب الحظر، وتشارك في حملة من اجل حق ارتداء الحجاب.

وتقول: «لا يمكنك العمل في القطاع العام او حتى في القطاع الخاض، لأنهم يعتقدون انك ستضرين بصورتهم الأجور اقل لأنهم يعلمون انه ليس هناك منافسة نتيجة ضعف فرص العثور على وظيفة». وكانت منظمة العفو الدولية انتقدت في تقريرها لعام 2006 الدول الغربية وتركيا، التي تتبنى قوانين علمانية تحظر على المسلمات ارتداء الحجاب في بعض المؤسسات، وطالبت دول العالم على السواء باحترام حرية النساء في مجال الدين. وتركيا الدولة المسلمة العلمانية تحظر ارتداء الحجاب في الإدارات الرسمية والجامعات، لكن هذه الدولة تبقى منقسمة إلى حد كبير، فهناك مواجهة قائمة بالفعل بين رئيس الوزراء (رجب طيب أردوغان المنبثق من التيار الإسلامي) والجيش الذي يعد بمثابة حامي العلمانية في البلاد. أما فرنسا التي يعيش على أراضيها أكبر أقلية مسلمة في أوروبا (حوالي خمسة ملايين نسمة غالبيتهم يتحدرون من دول المغرب العربي) ـ فهي إحدى الدول القليلة التي سنت قانونا يمنع ارتداء الرموز الدينية كالقلادات على شكل الصليب في المدارس الرسمية، وصنفت الحجاب ضمن هذه الرموز».

وهناك بعض الأمل في ان يدرس حزب العدالة والتنمية الذي أعيد انتخابه، وهو صاحب جذور اسلامية رفع الحظر كما حاول في ولايته الاولى، ولكن كثيرين يعتقدون أن التغلب على المعارضة العلمانية العنيفة يحتاج اعواما، ويخشون ان يؤدي رفع الحظر الى محو الطابع العلماني لتركيا. وتقول فاطمة «انا متفائلة. ولكن تركيا دولة معقدة. سنعرف بمرور الوقت».