2000 موظف في منظمات الإغاثة الدولية يواجهون فحصا أمنيا أميركيا

علاقتهم بحماس وجماعات مشبوهة تسببت في القرار

TT

قررت الولايات المتحدة أن تفحص بيانات حوالي ألفي موظف في منظمات خيرية تتلقى مساعدات من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بحثا عن صلات محتملة بمنظمات إرهابية. ويأتي هذا القرار الذي كشفت عنه صحيفة «واشنطن بوست» بعد أن اشتبهت الأجهزة الأمنية الأميركية منذ عام 2005 بوجود صلات لعدد من الموظفين في منظمات خيرية في قطاع غزة بحركة حماس المدرجة في قائمة الإرهاب الأميركية، ومنظمات أخرى تشتبه الولايات المتحدة بصلتها في الإرهاب، غير أ‏ن القرار يسري كذلك على المنظمات العاملة على نطاق عالمي، وليس في الأراضي الفلسطينية فقط.

وبرنامج الفحص الأمني يطالب للمرة الاولى بأن تقدم المنظمات غير الحكومية معلومات تفصيلية عن الافراد الرئيسيين الذين يقدمون طلبات للحصول على أموال أو لادارة الاموال التي توزعها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. ونقلت الصحيفة عن تقرير حكومي رسمي أن البرنامج قد يشمل 2000 شخص، وسيبدأ سريان مفعوله في يوم 27 اغسطس (آب) الجاري. وأثارت الخطة المزمع تطبيقها بدءا من الـ27 من الشهر الجاري قلقا بالغا في أوساط المنظمات الخيرية التي تتلقى مساعدات أميركية، حيث أعرب مسؤولون في تحالف يمثل 165 منظمة خيرية عن أن الطلب الأميركي يفرض قيودا بدون أي أساس قانوني، وطالبت هذه الجمعيات بسحب الخطة الأميركية.

ونقل تقرير واشنطن بوست عن مسؤول كبير في منظمة خيرية عالمية القول: «نحن لا نعرف من الذي سيتولى الفحص الأمني، وما هي المعايير الذي سيتم بموجبها الفحص، وهل سيكون بإمكان المنظمات الخيرية تفنيد أي إدعاءات ضدها أم لا». وكان المسؤول يتحدث طالبا عدم الكشف عن اسمه حتى لا يسبب ضررا لعلاقة المنظمة التي يعمل بها مع الحكومة الأميركية.

وفي السياق ذاته وصف مجلس الصحة العالمية الذي يمثل تحالفا للعاملين في مجال الصحة العامة في أكثر من 100 بلد الخطة الأميركية بأنها عبارة عن عملية مسح شامل للمعلومات عن العاملين سينجم عنها إجراءات تسجيل وحفظ معلومات ستفرض المزيد من القيود الإدارية والبيروقراطية التي يمكن الاستغناء عنها.

ووفقا للتقرير فإن المنظمات الخيرية سيطلب منها ان تقدم معلومات شاملة عن الافراد الرئيسيين بما في ذلك اسماؤهم وعناوينهم وتواريخ ميلادهم وجنسياتهم الأصلية والمكتسبة، وأرقام جوازات السفر، وكذلك أرقام الضمان الاجتماعي التابعة لهم، فضلا أن أرقام هواتفهم وفاكساتهم وعناوينهم الإلكترونية كي يسهل إدراجها في برنامج الرقابة إذا ما تطلب الأمر ذلك.

وأضافت الصحيفة أن البيانات التي سيتم جمعها ستستخدم في اجراء فحص على مستوى الامن القومي للتأكد من ان هؤلاء الاشخاص ليس لهم علاقة بكيانات أو افراد لهم صلة بالارهاب أو يمثلون خطرا على الامن القومي الأميركي. وقالت الصحيفة ان مثل هذا الفحص يشمل عادة ارسال البيانات الى مكتب المباحث الفدرالية الأميركية «إف بي آي» ووكالات الشرطة والمخابرات الاخرى لمعرفة ان كانت ستظهر أي معلومات سلبية. وحتى الان كان يطلب من المنظمات غير الحكومية فحص بيانات العاملين بها ثم ابلاغ الوكالة الاميركية للتنمية الدولية بأنها تأكدت من انه لا يوجد بينهم أي شخص له علاقة بأشخاص أو منظمات تصنف لدى الحكومة الاميركية على انها ارهابية.

وحتى داخل الولايات المتحدة نفسها فإن المنظمات غير الحكومية لا يطلب منها فحص العاملين فيها أمنيا في حين أن الراغبين بالعمل لدى الحكومة الفدرالية يتعرضون لفحص أمني يمتد أحيانا إلى سنوات للتأكد من سلامة السجل الجنائي والأمني للمتقدم للعمل.

وبموجب الخطة الجديدة فإن المنظمات الأجنبية التي تطلب الحصول على مساعدات أميركية ستخضع لإجراءات أمنية أطول مما كان عليه الأمر في السابق وسوف تشترك وكالات أمنية أميركية متعددة في عمليات الفحص والتدقيق. ومن المرجح أن ترفض كثير من الطلبات بسبب شبهات لا تستطيع الحكومة الأميركية الإفصاح عنها لأنها قائمة على معلومات مصنفة في خانة السرية، ولا تستطيع المنظمات الخيرية أن تدافع عن نفسها لأنها لن تتمكن من معرفة أسباب رفض طلباتها. وتعود جذور الخطة الجديدة إلى عام 2003 عندما فرض الكونغرس الأميركي في مشروع قانون ملحق بقانون للمساعدات الخارجية على وزارة الخارجية الأميركية التأكد من أ‏ن المساعدات والمشاريع الأميركية في الضفة الغربية وقطاع غزة لا تصل إلى الأشخاص والجماعات التي يعتقد أنها متورطة في نشاطات إرهابية.

وفي عام 2005 اكتشف مكتب المحاسبة الحكومي الأميركي وفقا لتقرير له أن هناك عدم التزام بالمعايير التي فرضها الكونغرس بشأن المساعدات، وفي وقت لاحق أبلغت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية مكتب المحاسبة أن الوكالة وجدت أن 6 منظمات كانت مؤهلة لتلقي مساعدات أميركية اكتشف فيما بعد أن لها صلات بمنظمات إرهابية بما فيها حركة حماس، وبسبب ذلك فإن بعض العقود جرى إلغاؤها، وإيقاف تمويل عدد من المشاريع.

يشار إلى أن كثيرا من المنظمات الخيرية العاملة خارج الولايات المتحدة وتربطها علاقات بالوكالة الأميركية للتنمية الدولية جرى إبلاغها بالإجراءات الجديدة لكن معظم هذه المنظمات والجمعيات ترى أن الإجراءات الأميركية لا يوجد لها أساس قانوني وربما تؤدي إلى حرمان كثير من المنظمات من المساعدات بسبب شكوك وشبهات لا يمكن التحقق منها.