انقسام كبار الجنرالات حول سحب القوات يعقد مهمة بوش في اتخاذ القرار المناسب

القادة الميدانيون يفضلون خفضا «تدريجيا».. والبنتاغون يريده «أعمق»

TT

في الوقت الذي تدرس فيه ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش البدائل للانسحاب من العراق، بدأت بعض المشاكل في الظهور في النقاش بين القادة العسكريين في الميدان الذين يفضلون التخفيض التدريجي وكبار الجنرالات في البنتاغون الذين يفضلون خفض عدد القوات المقاتلة بطريقة أعمق.

ويقال إن الجنرال بيتر بيس رئيس هيئة الاركان المشتركة والجنرال جورج كيسي رئيس هيئة اركان الجيش، ضمن قيادات اخرى، يميلان الى التوصية بخفض سريع بنهاية عام 2008، وربما بخفض نصف الألوية المقاتلة وعددها عشرون الموجودة الآن في العراق. وقال مسؤول في الادارة تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لأن البيت الابيض لم يصرح له بتعليقات علنية على البدائل «انه اذا كنت في بغداد فربما تصبح لديك أولويات أخرى».

وقد اصبح من المعروف منذ بداية الربيع أن البيت الابيض يدرس البدائل الخاصة بخفض القوات في العراق بنسبة النصف في عام 2008، وهو الأمر الذي يعني خفض مستوى القوات الى اقل من 100 الف جندي. غير ان طبيعة النقاش بدأت في التبلور في الآونة الاخيرة. ويجب على الرئيس بوش تقرير ما اذا كان الخفض السريع للقوات في العام القادم، حتى لو كان مجرد هدف، سيخاطر بالقضاء على ما وصفه تقرير الاستخبارات الوطنية بأنه مكاسب محدودة وإن كانت هشة في العراق في الشهور القليلة الاخيرة.

وقال مسؤول في البنتاغون يؤيد الخفض المتسارع للقوات بأنه «ما نسعى اليه، هو هدفنا المبدئي». وقال المسؤول ان خفض القوات الى 10 ألوية تقريبا سيسمح للجيش بمنح العديد من الجنود سنة على الأقل في الوطن لكل سنة قضاها في العراق، وهو هدف لوزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس. ويضم اللواء ما يقرب من 3500 جندي تقريبا، وإن كانت بعض الوحدات في العراق تضم ألف جندي اضافي.

ومع وجود 160 ألف جندي في العراق، حذر الجنرال كيسي مؤخرا «لقد استهلكنا تحقيق المطالب الحالية ولم يعد في إمكاننا تقديم قوات مستعدة بسرعة كما نريد لمهمات اخرى. وهذه حالة مؤقتة يجب أن نجتازها بسرعة اذا ما كنا سنحافظ على قوة من المتطوعين ونستعيد عمقنا الاستراتيجي».

إلا ان التقييم الذي يستعد القائد الاميركي في العراق الجنرال ديفيد بترايوس لتقديمه في الشهر المقبل، يدعو الى خفض متواضع في القوات بحلول الربيع القادم. وفي هذه النقطة من المحتمل سحب الألوية الخمسة التي تمت اضافتها هذا العام في إطار قرار الرئيس بزيادة القوات.

وذكر مسؤولون في الادارة ان بوش على علم بأن الأمر يتطلب خفضا للقوات في العام المقبل، وقالوا انه ينوي استخدام النقاش الذي سيجري في العام القادم لتحديد خطة للخفض التدريجي. ولم يقرر الجدول الزمني او ما إذا كان سيسحب أكثر من خمسة ألوية. وذكر مسؤول كبير في الادارة يتابع النقاش الداخلي «في هذه النقطة السؤال الوحيد هو متى سيبدأ سحب القوات ومدى سرعته؟».

وقال مسؤولون في البيت الابيض ان بوش لم يتلق بعد مقترحات رسمية من الجنرال بيس او غيره من المسؤولين حول حجم القوات التي سيجري سحبها. وقال غوردون جوندرو المتحدث باسم البيت الابيض «لم يتلق الرئيس اية توصيات فيما يتعلق بمستقبل قواتنا في العراق». وكان يرد على تقرير في صحيفة «لوس انجليس تايمز» بأن الجنرال بيس ينوي تقديم اقتراح للرئيس بخفض القوات في العراق بنسبة النصف في نهاية العام القادم. وذكر الجنرال بيس في بيان أنه لا يمكنه التعليق على توصياته بشأن حجم الانسحاب الذي سيوصي به. وقال «لم أقرر توصياتي بعد. أنا أنفذ مسؤولياتي بجدية شديدة لتقديم أفضل نصيحة عسكرية للرئيس. وأقدم ذلك للرئيس بطريقة خاصة».

وما سيعلنه الرئيس بوش الشهر المقبل ربما يواجه عرقلة الى حد ما بسبب تحذيراته خلال الأشهر الاخيرة من أن اعلان الانسحاب ربما يشجع العدو في العراق. كما ان عليه ايضا ان يأخذ في الاعتبار تقييما نشرته الاسبوع الماضي وكالات الاستخبارات تضمن تحذيرا من خفض حجم القوات الاميركية بصورة سريعة. ويجب على بوش ايضا الموازنة بين رؤى القادة الميدانيين ورؤى أعضاء الكونغرس، الأمر الذي سيزيد من تعقيد عملية اتخاذ القرار، علما بأن اعضاء الكونغرس يرغبون بصورة متزايدة في خفض عدد القوات الاميركية هذا العام. وكان الجنرال ريك لينش، قائد فرقة المشاة الاميركية الثالثة الاميركية في العراق، قد حذر من البدء في خفض القوات الاميركية هذا العام، وهي فكرة لاقت تأييدا من كثير من أعضاء الكونغرس الديمقراطيين وأيدها السناتور الجمهوري جون وورنر. وقال وورنر، الذي عمل فترة طويلة في لجنة الخدمات المسلحة بالكونغرس، ان بوش يجب ان يعلن سحب حتى ولو عدد محدود من القوات الاميركية في العراق بغرض الضغط على الحكومة العراقية كي تتوصل الى بعض التسويات السياسية. وأضاف لينش قائلا ان العدو سيعود مجددا وسيبدأ صنع القنابل مرة اخرى وسيبدأ في مهاجمة السكان المحليين وتصدير العنف الى بغداد مرة اخرى. اما الجنرال بيس، الذي لم يتم ترشيحه لفترة ثانية كرئيس لهيئة الاركان، فمن المقرر ان يتقاعد نهاية الشهر المقبل، ومن المرجح ان يكون موقعه ككبير المستشارين العسكريين للرئيس بشأن التقرير المنتظر إصداره الشهر المقبل آخر عمل رئيسي له. وقال عدة مسؤولين في البنتاغون انه بصرف النظر عن توصيات هيئة الاركان المشتركة، فإنه من المتوقع ان يكون هناك تنسيق مع الجنرال بترايوس وغيتس على أمل التوصل الى إجماع. وعندما اتخذ قرار نهاية العام الماضي بإرسال 30000 جندي وضابط الى العراق، عمل الجنرال بترايوس وسيطا بين البيت الأبيض، الذي أيد زيادة عدد القوات الاميركية في العراق، والجنرال كيسي، الذي كان قائدا للقوات الاميركية في ذلك الوقت، الذي أيد زيادة عدد القوات ولكن بنسبة اقل. إلا ان الجنرال بيس ربما يتشجع أكثر للدفع باتجاه سحب أسرع للقوات الاميركية وهو يستعد للتقاعد. وكان الجنرال كيسي قد قال قبل فترة طويلة ان أي وجود عسكري واسع للولايات المتحدة في العراق سيحول دون مزاولة الحكومة العراقية دورها الأمني. إلا ان أفكاره رفضت عندما جاء الجنرال بترايوس باستراتيجية جديدة تنادي باستخدام عدد كبير من القوات الاميركية لحماية العراقيين. واستخدم الجنرال كيسي موقعه الجديد كرئيس للأركان لتوضيح مخاوفه إزاء احتمال ان تسفر زيادة عدد القوات الاميركية العاملة في العراق عن زيادة الضغط على الجيش الاميركي والتخلص من فترة الـ15 شهرا الحالية لنشر القوات. إلا ان بعض مسؤولي البنتاغون قالوا ان الجنرال كيسي، الذي سافر الى العراق والتقى الجنرال بترايوس اخيرا، لا يزال يعتقدون ان زيادة القوات الاميركية ستؤدي الى إبطاء نضج الحكومة العراقية، على الرغم من المساعدة في تقليص العنف.

*خدمة «نيويورك تايمز» شارك في إعداد هذا التقرير ديفيد كلاود من واشنطن وستيفن لي ميرز من كراوفورد بولاية تكساس