مقديشو: مقر مؤتمر المصالحة الصومالية يتعرض لهجوم

المحاكم الإسلامية تهدد بتكثيف الهجمات على العاصمة حتى مغادرة القوات الإثيوبية

مسؤولون صوماليون أثناء استقبالهم للموفد السياسي للأمم المتحدة إلى الصومال برونو إمبوندو ـ إيبو في مقديشو أمس (أ.ف.ب)
TT

تعرض أحد فنادق العاصمة الصومالية الذي تقيم فيه الوفود المشاركة في مؤتمر المصالحة، لهجوم من قبل مسلحين مجهولين، أسفر عن إصابة إثنين من أعضاء الوفود بجروح، كما شن مسلحون أيضا هجوما على دورية إثيوبية في منطقة «هليوا» بشمال شرق العاصمة لكنه لم يكشف عن إصابات، وقد أصبحت الهجمات علي الأهداف الحكومية ومقرات القوات الإثيوبية تقع بشكل يومي في العاصمة. وهدد الرجل الثاني في المحاكم الصومالية أمس بتكثيف هجمات المتمردين في مقديشو الى حين رحيل القوات الاثيوبية عن الصومال. ودعا الشيخ شريف شيخ احمد الصوماليين الى الدفاع عن بلادهم في وجه القوات الاثيوبية التي تدخلت الى جانب الحكومة الانتقالية الصومالية واطاحت بنظام المحاكم الاسلامية في ابريل (نيسان) الماضي. وقال الشيخ احمد لوكالة الصحافة الفرنسية في العاصمة الاريترية اسمرة التي اضحت معقلا للمتمردين الاسلاميين الصوماليين «لقد تعرضت بلادنا لهجوم من اثيوبيا التي تحاول استعمار الصومال».

واضاف «لنا الحق بالدفاع عن بلدنا. نحن مجبرون على مهاجمة اثيوبيا. سوف يطردون (الاثيوبيون) من الصومال وسنستعيد حريتنا بالقوة». وتابع الشيخ احمد الذي كان على رأس المحاكم الاسلامية لفترة من الزمن قبل ان يصبح الرجل الثاني فيها «لنا الحق في العيش بسلام وحرية وكذلك الحق بتولي شؤوننا بانفسنا.. سنواصل القتال طالما اننا لم نحقق هذا الهدف».

ويعد استهداف أماكن إقامة الوفود المشاركة في مؤتمر المصالحة الصومالية وتعرضها لهجمات المسلحين المعارضين للحكومة ليس بجديد فقد وقعت 3 هجمات منذ بدء المؤتمر في منتصف الشهر الماضي. وكانت الجماعات المسلحة المعارضة للحكومة الانتقالية قد هددت باستهداف المشاركين في المؤتمر والفنادق التي يقيمون فيها ودعت الصوماليين الى مقاطعته لكن المؤتمر انعقد على الرغم من هذه التهديدات.

وكان المسلحون قد قصفوا مقر انعقاد مؤتمر المصالحة بشمال العاصمة مرتين في السابق مما اضطر اللجنة المنظمة الى تعليقه لأيام، فيما طمأنت الحكومة الصومالية الوفود المشاركة بحمايتهم والفنادق التي يقيمون فيها. وأكد متحدث باسم الشرطة الصومالية إصابة اثنين من أعضاء الوفود في الهجوم الأخير على فندق «لفوين» بشمال العاصمة وقال ان الشرطة تسيطر علي الموقف الآن. وقد شن مسلحون أيضا صباح امس هجوما على دورية إثيوبية في منطقة «هليوا» بشمال شرق العاصمة لكنه لم يكشف عن إصابات، وتزامن هذا الهجوم مع عملية تفتيش واسعة النطاق في أجزاء واسعة من العاصمة تنفذها الشرطة الصومالية التي تدعمها القوات الإثيوبية وشملت مداهمات واعتقالات. وقد أصبحت الهجمات على الأهداف الحكومية ومقرات القوات الصومالية والإثيوبية تقع بشكل يومي في العاصمة في أعنف موجة من أعمال التي تجتاح العاصمة منذ سيطرة الحكومة على مقديشو بداية العام الجاري.

على صعيد آخر قال الجنرال عدي موسى رئيس حكومة ولاية بونت بشمال شرق الصومال «ان حكومته لن تقبل بأية نتائج تتوصل اليها مناقشات برلمان الصومال حول قانون النفط والغاز وكان من شأن ذلك أن يؤثر على الاتفاقيات التي أبرمتها حكومة بونت مع شركات النفط الأجنبية. وتزامنت تصريحات الجنرال موسى مع استعداد البرلمان الصومالي لمناقشة قانون النفط والغاز والمعادن الذي أعدته الحكومة الانتقالية برئاسة رئيس الوزراء علي محمد جيدي، وأفادت مصادر برلمانية لـ«الشرق الأوسط» بأن هذا القانون سيطرح للمناقشة والتصويت خلال أيام. وكانت حكومة بونت قد وقعت قبل عامين عقدا مع شرطة «رانج» الأسترالية يعطي هذه الشركة حقوق التنقيب عن النفط والغاز والمعادن في المنطقة، لكن الحكومة الصومالية الانتقالية في مقديشو تصر على إدارة ملف النفط والغاز وفقا لقانون يتم عرضه على البرلمان خلال الأيام المقبلة وينص أيضا على إلغاء الصفقات والمفاوضات بشأن النفط والغاز التي جرت بعد عام 1990 اي قبيل انهيار الحكم المركزي في الصومال. ومن المتوقع أن يقوم البرلمان الصومالي المؤقت بتمرير مشروع قانون النفط والثروات الطبيعية المثير للجدل خلال هذا الأسبوع، الامر الذي سيكون له تأثير مباشر على العلاقة بين الحكومة الفيدرالية وحكومة إقليم بونت بشمال شرق البلاد، الأمر الذي يقود الى نشوب خلافات بين الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات التي يجرى إنشاء بعضها حاليا تماشيا مع مبدأ الفيدرالية المناطقية التي ينص الدستور الصومالي الانتقالي عليها. وكان رئيس الوزراء الصومالي علي محمد جيدي قد صرح في مقابلة أجرتها معه صحيفة فايننشيال تيمز البريطانية الشهر الماضي بأن الصفقات التي تناولتها وسائل الإعلام في الفترة الأخيرة لا يمكن اعتبارها نافذة حتى سن التشريع الجديد من قبل البرلمان وطلب من الشركات الاجنبية التفاوض فقط مع الحكومة المؤقتة. وكان جيدي يعلّق على اتفاق بين مسؤولين حكوميين واثنين من شركات النفط الصينية للتنقيب عن النفط والغاز بتفويض من الرئيس الصومالي عبد الله يوسف أحمد. وتؤكد الدراسات المسحية التي أجريت في الصومال خلال عقدي السبعينات والثمانينات بوجود كميات تجارية من احتياطيات النفط والغاز، الا أن الحرب الأهلية في نهاية الثمانينات منعت من استكمال المراحل الأخيرة من استكشاف النفط وإنتاجه في المناطق الشمالية من البلاد.

ويرى المراقبون بأنه ببروز موضوع النفط والغاز في الصومال ينضم عامل صراع جديد الى النزاع في الصومال غير الصراع القبلي على مواقع الكلأ والماء في الريف والصراع على الحكم في العاصمة، ودخول أموال الشركات العملاقة في هذا الصراع من شأنه أن يزيد من تعقيد الوضع المتقلب في الصومال.