بلجيكا على أبواب مرحلة قومية وطائفية حرجة بعد فشل مفاوضات شاقة لتشكيل حكومة ائتلافية

الملك ألبرت الثاني يقطع إجازته للمساعدة على إيجاد حل

TT

دخلت الأزمة السياسية القائمة بين مختلف الأحزاب السياسية الرئيسية في بلجيكا خلال الايام القليلة الماضية نفقا مظلما. وقالت وسائل الاعلام وتحليلات العديد من المراقبين للاحداث، إن البلاد دخلت مرحلة اضطراب بعد أكثر من شهرين من إجراء الانتخابات العامة، خلال شهر يونيو (حزيران) الماضي.

تفاقمت الازمة السياسية في أعقاب إعلان زعيم الحزب المسيحي الفلامنكي، ايف ليتارم، التخلي عن المهمة التي كلفه بها الملك البلجيكي ألبرت الثاني الشهر الماضي، بتشكيل حكومة ائتلاف جديدة تخلف الحكومة الحالية التي يقودها غي فيرهوفستاد، وتدير الأمور العادية للدولة.

وقالت الإذاعة البلجيكية ان الملك الذي قطع إجازته الصيفية وعاد بشكل طارئ الى بروكسل، وافق على استقالة الزعيم الفلامنكي ايف ليتارم. وقالت الإذاعة ان الملك باشر بإجراء سلسلة من المشاورات مع عدد من الفعاليات السياسية، بحثا عن مخرج للأزمة. ومساء أول من أمس طلب الملك البلجيكي من احد السياسيين الفرانكفونيين، هو رئيس الحزب الليبرالي، إجراء اتصالات جديدة مع الأحزاب البلجيكية، للتوصل الى اتفاق بشأن تشكيل حكومة ائتلاف. جاء انهيار مفاوضات تشكيل حكومة جديدة في بلجيكا كنتيجة حتمية للخلافات الحادة التي نشبت بين ممثلي الاقليتين القوميتين الفلامنكية والفرانكفونية. ورفض أي طرف تقديم تنازلات اساسية للطرف الآخر.

ويطالب الفلامنكيون بنقل عدد من صلاحيات الدولة الاتحادية الى المقاطعات ومنح المقاطعات استقلالا ذاتيا تدريجيا، وهو ما يعتبره الفرانكفونيون بمثابة تجاوز لخط أحمر على الصعيد المؤسساتي.

وهذه المطالب أشاعت التشاؤم في الاوساط الاعلامية والشعبية حيال منحى الاتصالات السياسية في المرحلة المقبلة.

وحملت الصحف الفرانكفونية مسؤولية الفشل الحالي للقوى المتشددة في مقاطعة الفلاندر الشمالية، ووجهت اصابع الاتهام الى ايف ليتارم، وقالت انه ليس الشخص الذي تتوفر فيه المواصفات اللازمة لقيادة حكومة ائتلافية في البلاد، فيما ذكرت الصحف الفلامنكية ان انهيار المفاوضات يعود إلى تمسك الفرانكفونيين بمواقف رافضة ومتصلبة تجاه أي إصلاح مؤسساتي جوهري للحياة السياسية في بلجيكا، وحملت رئيس الحزب الديمقراطي المسيحي الفرانكفوني جولي ميلكوت مسؤولية انهيار المفاوضات. وكان الملك ألبرت قد تدخل في السابع عشر من الشهر الحالي لتقريب وجهات النظر بين الاحزاب البلجيكية، وذلك في خطوة تعتبر هي الاولى من نوعها في بلجيكا منذ 28 عاما، ولإنهاء الجمود الذي طبع المفاوضات الرامية لتشكيل ائتلاف حكومي جديد يقود البلاد خلال السنوات المقبلة في اعقاب الانتخابات التي جرت في العاشر من يونيو الماضي، واسفرت عن خسارة الائتلاف الحالي الذي يقوده رئيس الوزراء جي فيرهوفستاد والذي يضم الليبراليين والاشتراكيين. إلا ان النتائج عكست الرغبة في التغيير، فقد فاز التحالف بين الحزبين الفلامنكي الجديد والديمقراطي المسيحي الاجتماعي من الجزء الفلامنكي (القريب من الحدود مع هولندا ) وحزب الاصلاح الليبرالي والديمقراطي المسيحي في المنطقة الوالونية (القريبة من الحدود مع فرنسا).

ويبدو أن الخلافات القائمة بين مكونات بلجيكا على الصعيدين الطائفي واللغوي تحول حتى الآن دون بلورة اتفاق على برنامج عمل مشترك بالنسبة للسنوات الأربع المقبلة. وبناء على تكليف من القصر الملكي، حاول اثنان من رجال السياسة البلجيكيين، ومنذ اقتراع يونيو الماضي، ولكن دون جدوى، تقريب وجهات نظر الاحزاب البلجيكية التي تواجه اختلافات جوهرية بالنسبة لمستقبل الدولة الاتحادية. ويطالب الفلامنكيون وباختلاف توجهاتهم السياسية بمنح مقاطعتهم الواقعة شمال البلاد مزيدا من الصلاحيات على طريق تحقيق الحكم الذاتي ويهددون بالاستقلال الصريح عن الدولة الاتحادية في حال رفض مطالبهم. وتدعو الأحزاب الفلامنكية إلى نقل صلاحيات الدولة الاتحادية للمقاطعات المختلفة، وفي مجالات حيوية مثل سوق العمل والقضاء والنقل والصحة والضمان الاجتماعي وهو ما يعتبره الفرانكفونيون بمثابة إفراغ للدولة الاتحادية من مقومات السيادة.