تركيا: الجيش يمتنع عن دعوة زوجة غل إلى احتفالات يوم النصر بسبب حجابها

رئيس الأركان يتعهد بحماية البلاد من الأخطار الداخلية والخارجية

غل يتحدث الى اردوغان في منصة العرض العسكري ورئيس الاركان بويوكانيت يتحدث الى رئيس البرلمان كوكسال توبتان امس (رويترز)
TT

جلس عبد الله غل الرئيس التركي الجديد القادم من التيار الاسلامي، الذي يثير ريبة الجيش، الى جانب القادة العسكريين يتقدمهم رئيس الاركان سار بوياكانيت الذي قاطع حفل أدائه القسم في الاحتفال العسكري الذي اقيم امس بمناسبة يوم النصر، وحضره ايضا رجب طيب اردوغان.

وفي اشارة الى التوتر الذي لا يزال يسود العلاقة، لم يوجه الجيش دعوة الى خير النساء زوجة غل التي ترتدي الحجاب لحضور الاحتفال، كما لم توجه الدعوة ايضا الى زوجة اردوغان.

وجلس غل بين اردوغان ورئيس الأركان الجنرال بويوكانيت الذي لم يتحدث إليه مطولا اثناء العرض العسكري.

ولم توجه ايضا الدعوة الى زوجة غل في الحفل التقليدي الذي يقيمه العسكريون بمناسبة عيد النصر ليلا، حيث لم يرد اسمها على بطاقة الدعوة التي وجهت الى الرئيس الجديد. وتحظر تركيا ارتداء الحجاب في المؤسسات الحكومية والجامعات ولا يظهر عادة خلال المناسبات الرسمية التي تقام بالقصر الرئاسي.

ولم تخف المؤسسة العسكرية، التي تعتبر نفسها مؤتمنة على النظام العلماني، معارضتها لتولي غل منصب الرئاسة وتتهمه بالسعي لفرض الاسلام في مؤسسات الدولة.

ويؤكد غل من جهته انه تخلى منذ زمن بعيد عن النهج الاسلامي وتعهد بعد انتخابه رئيسا بالفصل بين الدين والدولة وبممارسة مهامه بحياد تام.

والاربعاء، امتنع الجنرال بويوكانيت وعدد من الضباط عن مصافحة الرئيس لدى صعودهم الى المنصة خلال حفل لتسليم شهادات في مستشفى عسكري في انقرة.

كما لم يحضر الجنرالات الثلاثاء، حفل اداء يمين الرئيس الجديد الذي يتولى ايضا منصب القائد الاعلى للقوات المسلحة.

وقبل الحفل الذي اقيم امس قال الجنرال بويوكانيت ان الجيش التركي الذي حافظ على البلاد من كل الكوارث والاضطرابات في احلك الظروف سيقدم كما فعل دائما كل التضحيات لحماية البلد والأمة من الاخطار الداخلية والخارجية.

ومن موقعه على منصة العرض قدم غل التحية للقوات بينما كانت الطائرات الحربية تقوم باستعراض في الجو.

وقال تقرير لرويترز، ان الجيش الذي يتمسك بقوة وفشل في منع الاسلامي السابق غل من الفوز بمنصب رئيس البلاد، من المرجح أن يسعى لجعل حياته وحياة حزب العدالة والتنمية الحاكم صعبتين.

ولا يتوقع أحد تقريبا أن يحدث انقلاب عسكري في ظل التأييد القوي الذي ناله حزب العدالة والتنمية، ذو الجذور الاسلامية في الانتخابات العامة التي أجريت في يوليو (تموز). وقد لا يلجأ الجيش لتحرك أبعد من الانتقادات الشفهية الا في حال ارتكب الحزب الحاكم لسلسلة من الاخطاء الفادحة.

ودافع غل بشدة عن العلمانية في خطاب تنصيبه، لكن عليه الآن أن يخطو بحذر حتى لا يثير استياء العلمانيين أو أنصاره من حزب العدالة والتنمية ذوي التوجه الديني.

ونقلت رويترز عن جاريث جنكنز، وهو خبير في شؤون الجيش التركي، أن «الجيش خسر معركة لكنه لم يخسر الحرب. وسيخوضها على المدى البعيد. انها مهمة مقدسة بالنسبة له».

وأضاف «أخطأ الجيش الحساب بشكل كبير... لكن سيعمل الان من وراء الكواليس على كيفية حماية مبادئه الاساسية... على سبيل المثال قد يشجع وسائل الاعلام والمعارضة على مهاجمة الحكومة».

وشن الجيش والنخبة العلمانية حملة عامة شرسة لمنع ترشيح غل في وقت سابق هذا العام بسبب ماضيه الاسلامي ولان زوجته ترتدي الحجاب الذي يعتبره العلمانيون رمزا دينيا مستفزا.

وأدت هذه الأزمة الى إجراء انتخابات برلمانية مبكرة في تركيا فاز فيها حزب العدالة والتنمية بأغلبية حاسمة. ويخشى الجيش والنخبة العلمانية من أن يكون لحزب العدالة والتنمية برنامج اسلامي سري وان يسعى لتقويض الفصل بين الدين والدولة.

وأطاح الجيش بأربع حكومات خلال 60 عاما، آخرها كان في عام 1997 عندما كثف حملة عامة أجبرت حزب الرفاه الاسلامي الحاكم انذاك على التنحي. لكن في ذلك الوقت وعلى النقيض من الان كانت شعبية الحزب الحاكم متدنية للغاية بالفعل.

وكان أحدث هجوم غير مباشر من الجيش على حزب العدالة والتنمية هو تحذير يوم الاثنين من أن مراكز الشر تحاول تقويض النظام العلماني.

وقال جنكنز «حزب العدالة والتنمية بيده أن يقدم للجيش دليلا على أنه مصدر خطر على العلمانية لكن اذا لم يفعل ذلك سيحرم حزب العدالة والتنمية الجيش من الاكسجين».

ويتوقع محللون أن يواصل الجيش تصريحاته اللاذعة خلال الشهور المقبلة على أمل أن تقوم المعارضة في نهاية الامر بهذا الدور وتتحدى الحكومة.

وعندما هنأ زعماء من جميع أنحاء العالم غل التزم الجيش في أنقرة الصمت. كما استقبل غل بفتور فيما يبدو خلال مراسم بالاكاديمية العسكرية حضرها كبار الضباط ولم يصافحوه.

وقال سميح ايديز، وهو من كبار المعلقين وكتاب الاعمدة الليبراليين في تركيا، «أعتقد أنه لم يكن من الملائم أن ينأى الجيش بنفسه وأعتقد أنه أضر بصورته».

ولا يتوقع كثيرون أن يتدخل الجيش بشكل مباشر لان دفاعه عن العلمانية في أبريل (نيسان) الذي تمثل في تهديده بالتدخل في عملية انتخاب الرئيس جاء بنتائج سلبية فيما يبدو، ساهمت في حصول حزب العدالة والتنمية على مزيد من الاصوات في انتخابات يوليو (تموز).

وفاز حزب العدالة والتنمية بنسبة 47 في المئة من الاصوات بينما حل حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة العلمانية والذي تربطه علاقات وثيقة بالجيش في المركز الثاني بفارق كبير بنسبة 21 في المئة.

وكثيرا ما تشير استطلاعات الرأي الى أن الجيش هو أكثر مؤسسة تتمتع بالثقة في تركيا، لكن محللين يقولون ان نتيجة الانتخابات وعدم حدوث رد فعل سلبي من الرأي العام على فوز غل في الانتخابات يظهر أن الاتراك لا يحبذون تدخل الجيش في الشؤون السياسية في الاوقات الطبيعية.

وسعى رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان لتهدئة التوتر.

وقال في كلمة بمناسبة يوم النصر الموافق 30 أغسطس أود أن أقول في هذا اليوم الهام ان من الضروري لنا أن نتوحد حول قيم أمتنا ومميزات جمهوريتنا والاهداف المشتركة أكثر من أي وقت مضى وأن ننحي خلافاتنا جانبا».

إلى ذلك، اعلن بيان لمنظمة المؤتمر الاسلامي ان امينها العام اكمل الدين احسان اوغلي اتصل بالرئيس التركي المنتخب عبد الله غل مهنئا، معتبرا ان انتخابه أثبت «قوة الديمقراطية التركية» وانه سيؤدي الى توطيد العلاقات بين تركيا والعالم الاسلامي.

وقال البيان، ان احسان اوغلي اكد ان «عملية الانتخاب التي تابعها العالم الاسلامي عن كثب اثبتت مرة اخرى قوة الديمقراطية التركية ونضجها».

كما اعرب الامين العام للمنظمة التي تتخذ من مدينة جدة السعودية على البحر الاحمر مقرا لها وتضم 57 عضوا، عن «ثقته بان العلاقات بين الجمهورية التركية والعالم الاسلامي تحت القيادة الحكيمة للرئيس غل ستواصل قوتها وازدهارها».

كما رحبت باريس امس بانتخاب غل، معربة عن الامل في «توطيد دائم» للعلاقات بين البلدين التي سادها فتور بسبب معارضة فرنسا انضمام انقرة الى الاتحاد الاوروبي.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية باسكال اندرياني للصحافيين «نرحب بانتخاب غل الذي اكد على الدوام تمسكه بالعلاقات مع فرنسا واوروبا ونرغب في ان تكون ولايته الرئاسية مناسبة لتعزيز دائم للعلاقات بين بلدينا».

واضافت «نرغب ايضا في ان يسمح انتخابه بمواصلة الاصلاحات التي اطلقتها تركيا»، دونما الاشارة مباشرة الى مفاوضات انضمام انقرة الى الاتحاد الاوروبي.

وتابعت «اننا مقتنعون ان مزايا الحوار والانفتاح اللذين اظهرهما غل خلال توليه حقيبة الخارجية ستكون مجددا في خدمة سياسة الاستقرار التي تدافع عنها تركيا في المنطقة وفي الهيئات الدولية». ومضت تقول ان الرئيس نيكولا ساركوزي وجه «رسالة تهنئة» الى غل، وعدل ساركوزي، المعارض لانضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي، موقفه الاثنين، مؤكدا ان باريس قد تقبل بفتح فصول جديدة في هذه المفاوضات في حال وافق اعضاء الاتحاد على التفكير في مستقبل اوروبا عبر تشكيل لجنة حكماء.

الا ان ساركوزي اكد انه لا يزال يؤيد اقامة شراكة مع تركيا بدلا من انضمامها الى الاتحاد الاوروبي.

وامس حدد المتحدث باسم الخارجية الفرنسية 5 مجالات يجب الحديث مع تركيا حولها بشان عضويتها للاتحاد الاوروبي وبينها الدعم الزراعي والمساعدات للمناطق وايضا قضية اليورو ومكان تركيا في المؤسسات الاوروبية مثل البرلمان الاوروبي وحق المواطنة الاوروبية للاتراك، وتوقعت فرنسا ان يؤدي حل هذه المشاكل الى عضوية تركيا في الاتحاد الاوروبي.